" السكوت وقود التمادي "
عندما تتفوهها ليلي جميل ، المرأة التي صمتت شبابها حتي شيخوختها ، فعلينا أخذ جملتها كواحدة من المُسَلّمات ، لأنها عرفت تمام المعرفة نتيجة هذا الصمت .
رواية أشبه بالعمل السينمائي ، بالأخص أعمال يوسف شاهين ، لدلالات الأماكن والمشاهد ، فوكأنني أشاهد فيلم اسكندرية ليه ، ولكن بسناريو آخر .
رواية تناقش التحكم النابع من الآباء بمصائر فلذاتهم ، لجعلهم نسخة مكررة منهم ، علي هيئة توريث علب الاسطوانات في البداية ، وعند المنتصف يقوم الأبناء بفتحها لتوضع بين ألسنة الجرامافون ، ليصدموا بحقيقه شرخها ، وينعقد لسانه كجرامافون جديد يريد توصيل نغماته هو وليست نغمة أجداده وآباؤه ، فيركن بين الرفوف ، ويتغلغله الغبار .
يزعزع الكاتب ثقافة " استحملي علشان ولادك أو العكس " ، علي لسان ماريا التي كانت تفضل العيش بينهم منفصلين ، علي بعد طاولة الطعام بينهم كأزواج ، فهذا من أكثر المشاهد التي أعجبتني للتشبيه بضياع منصف الطفولة ، وشغلها مناصب اخري عديدة بينهم ، أيضا وضحت فكرة الضغط الزوجي لمصلحة الأطفال في خيال نوح ولومه لوالدته ، ماذا؟ من نوح ، نوح هو المحب ، التائه ، المعاشر لهلاوسه السمعية ، أحد ضحايا مراد الساعي ، نعم فهناك الكثير من ضحايا هذا الطبيب المختل ، الطموح ، والضحية أيضا .
أحدي جوانب الرواية أشبع شهوتي المعرفية عن الإخراج ، لا بشرحه أكاديميا ، إنما بمشاهد بسيطة صمتاء ، خرجت بعدسة ماريا عن نزع الرغبات وزرع الزهد المؤلم .
طرحت الرواية محاور عديدة بجانب الأصلي ، كالتفرقة الطبقية ، والعلمية ، النرجسية والطموح المميت ، تحكم شريك في مسار حياة الشريك الآخر ، الخضوع ، تدليس وصم اللسان ، فهو لم يخلق الا ليكون ناطقا ، مسؤولية دخول المعركة للوصول للحرية ، والحب بأنواعه ،والطب النفسي بشكل عام ، و التفرقة بين الأبناء .
برأيي رواية مكثفة نفسيا رغم صغرها ، ليست بأقوي شئ قرأته ، ولكني سعيدة بمطالعة أحرفها ومجاورتي لشجرة التوت بين الأجيال .