صفر اليدين

للكاتبة جيهان سرور

ببداية غير تقليدية تفاجئنا الكاتبة بجريمة قتل مع سبق الإصرار واعتراف الجاني! فنتصور أنها رواية جريمة وغموض، لكننا نكتشف بعد صفحات قليلة بأننا أمام روايه اجتماعية من الطراز الاول كُتبت بقلم واعد يفهم جيداً ويعي مشكلات المجتمع والعطب الذي قد يصيب بعض أفراده..

وعلى خلاف المعتاد في الروايات الاجتماعية، جرت الأحداث بإيقاع سريع جداً ومشوق، فنجد أنفسنا وسط مجموعة من الشخصيات نعايش مشكلاتهم.. بدايةً من حياة الجامعة وتأثيرها على الشباب، ومرورًا بمثلث الحب الشهير وأخيرا الزواج وهل ستكون اختياراتهم صحيحة ويكلل زواجهم بالنجاح أم العكس تماماً..

حتى منتصف الرواية تقريبا سيطر عليّ شعور لطيف (اللي هو ايه الرواية اللذيذة دي 😎) كل المشكلات حُلت سريعًا وخيمت السعادة على الجميع، لكن...

وآه من لكن هذه 😅 قفزت بنا الكاتبة قفزة واسعة في الزمن لنرتطم بالمشكلة الحقيقة والتي لم تكن في حسبان أحد على الإطلاق! لنعايش صدمات الشخصيات جميعها واحدةً بعد أخرى..

أهم مميزات الرواية كان ذلك الالتواء غير المتوقع في الأحداث، إضافةً الأسلوب السلس واللغة الخالية من التعقيد والمناسبة للأحداث..

في رأيي.. لم يكن هناك داعٍ للفترة الزمنية الكبيرة جدا الفاصلة من شقي الرواية ( ١٨ عام ) في حين أن ثلاثة أو أربعة أعوام تفي بالغرض وأقرب للتصور أن يُكتشف فيها ما حدث في غفلة منهم من كوارث ودفنها الزمن، لكني أظن أن الكاتبة أرادت أن يكون الجيل الثاني من الشخصيات واعٍ بما يكفي لتُظهر حجم المأساة التي وقعوا فيها وكانت كافية لتدمير حياتهم تماماً..

وكما دفعت الأحداث السريعة بالتشويق لأوجُه، أرى أيضاً أن ذلك أتى على حساب إفراد المساحة الكافية لعرض الخلفية النفسية للشخصيات والتي تهيئ القارئ لتقبل القرارات الخطيرة التي تم اتخاذها..

الفلاش باك أيضًا في بعض المواضع كان فيه تكرار لأجزاء من المشاهد..

النهاية كانت رسالة خطيرة وإنذار هام يسلط الضوء على فساد المعتقدات وكيف يمكن أن يدمر حيوات كثيرة لم تذنب في شيء..

❞ ‫ إلى كل مَن يُسوّل له شيطان نفسه أنه ضحية للجميع فيسعى دون حكمة أو رؤية داعسًا بقدميه فوق الضعيف لتحقيق آماله العريضة ‫ إلى كل مَن غرّته الحياة من قوة ونفوذ وسلطان ‫ أقولُ لهم ستُكتب النهاية مُحطمة كل الآمال, وستخرجوا منها.. «صفر اليدين» ❝

"صفر اليدين" رواية اجتماعية جميلة هادفة، استمتعت كثيرا بقراءتها وأرشحها بقوة..