تحذير
إن لم تكن مصريا و لا وددت أن تكون مصريا فلا تقرأ هذه المراجعة
إن لم تنزل الشارع في حياتك فلا تقرأ هذه المراجعة
إن لم تكن قد ركبت أتوبيس النقل العام أو الميكروباص فلا تقرأ هذه المراجعة
إن كنت ما زلت تستحي من ألفاظ تملأ الشوارع و المواصلات و الصحف و وسائل الإعلام فلا تقرأ هذه المراجعة
حد لسه فاضل معانا يا اخوانا؟
الاستاذ اللي جمب الشباك سمعني؟
الأبله اللي ورا؟ البيه اللي واقف هناك؟ كله قرأ و سمع و الا فيه حد مش واخد باله يا حضرات؟
بلال فضل يضرب من جديد. لا جديد ايه ده بيضرب من زمان بس انا اللي اتأخرت قوي في قراءة رواية مشتاق اقرأها من زمان.
كمية القباحة و الصراحة و الوقاحة لا تختلف عن الواقع المصري الشعبي و الرسمي الطاهر المتطاهر و من لا يحب القباحة في وعيه فهو يرددها في عقله الباضن حيث لا مكان للحياء.
الرواية هتقلبك على ضهرك أكترمن مرة من الضحك و ان لم يكن الضحك هو غرضها في حد ذاته و لكننا شعب لا يفعل أي شيء إلا ضاحكا حتى في مجالس العزاء. حتى الثورة اللي حيلتنا كانت ثورة ضاحكة ضحكنا و أضحكنا و اتضحك علينا فيها. و الشعب المصري لمن لا يعلم أو كان بيشرب سيجارة في البلكونة هو شعب عاشق للقباحة حتى النخاع و القباحة ليست هي القبح و لكن هى ما يطلق عليه قلة الأدب. فنحن و لله الحمد ناقصين رباية حيث لم يفلح أي حاكم كان أو ثقافة أو دين في تهذيب أرواحنا التواقة إلى الحرية اللهم إلا المد السلفي و البضن الاخواني في السبعينات الذي ألقى بظلاله القاتمة على الجزء الظاهر من الشعب فيما يسمى بالطبقة المتوسطة أو ما تبقى منها و هو ما أوحى لمن يرى الصورة من الخارج أننا شعب مؤدب أو على الأقل يحاول.
فلا تبتئس يا حيلتها مما ورد في الرواية من ألفاظ تناسب شخصياتها و أماكنها و أحداثها التي لا تتشابه فقط مع الواقع بل و تشتبك معه و تطرح عليه أسئلتها التي ترجو أن تجد لها إجابة يوما ما.
حبيت الشخصيات اللي رسمها بلال من شخصية الراوي المغلوب على أمره اللي اترمى في وسط مثير للأعصاب و الغرائز و الشبهات لأم ميمي و ميمي و شعراوي لأبو سامية المعرص و بناته الشراميط حتى عم سيد البقال. كلها شخصيات مرسومه بعناية و ديناميكية و حقيقية لا تملك إلا التماهي مع دماغهم الوسخة و أحلام نصباية كل منهم على الأخر و على بطل القصة الذي لا حول له و لا قوة الواقع بين فأرين و برص أحيانا و شراميط و معرصين أحيانا أخرى و الطامح إلى الحصول على المنحة الدراسية بعد إجتياز عامه الجامعي الأول و الهروب من نير التحكم الأبوي و ضيق الاسكندرية إلى براح القاهرة حيث الحرية و مهرجان القاهرة السينيمائي و الأفلام البولندية و النساء ذات الحلمات الوردية.
الشخصيات و ثقافتها و دوافعها و بيئتها متخرش المية بمعنى الكلمةو تكاد تلمسها لمسا و تتفهم كل ظروفها دون أدنى ذرة تعاطف معها اللهم الا البطل لإنه في الاخر واحد من الناس اللي شبهنا.
استمتعت بالرواية من الجلدة للجلدة و ان كنت قد قرأتها على أبجد الكترونيا كما أفعل منذ سنوات عددا.
مرشحة للقراءة لكل من وصل إلى هذا السطر.