عن رواية (ذبابة بشرية) أو (المحققة باتريشيا والعم كولبيورن)
تدور الرواية حول جريمة قتل غامضة للوزير السابق وبطل المقاومة هارالد أوليسين، حيث يتم انتداب المحقق كولبيورن كريستينسن للتحقيق، فيشتبه في جميع سكان البناية. وأثناء التحقيق يتشارك أفكاره مع باتريشيا، ابنة أستاذه السابق، التي تساعده في حل اللغز.
الرواية مشوقة، وذاخرة بالشخصيات المركبة والأحداث، وقد نجح الكاتب في شد انتباه القارئ، وإثارة شكوكه في جميع الشخصيات حتى الرمق الأخير، فلا أنكر أن الرواية جذبتني حتى أنهيتها سريعا. لكن رغم الكم الكبير من الأدرينالين الذي نجحت الرواية في ضخه في عروقي، إلا أنها ذكرتني في الوقت ذاته بمسلسل الأطفال الشهير (المحقق كونان) حتى شعرت أن الكاتب اقتبس روايته منها أو كما ورد في فيلم (لا تراجع ولا استسلام): "كان مطبق على كونان وهو بيكتب الرواية".
فالمحقق كولبيورن ساذج لأقصى درجة، لا ينتبه للتفاصيل -حتى الواضحة منها-، ويسهل التلاعب به. وقد تجلت سذاجته عندما اقتنع وفرح بانتحار النازي السابق، واعتبرها نهاية القضية، رغم وضوح أيادي القتل العمد. وهو ما أدهشني، فكيف لهذا المحقق المسكين أن يشتهر بالذكاء والحنكة. لكن نظرة واحدة لرئيسه وزملائه كفيلة لمعرفة أن السذاجة سمة لهم أيضا؛ فهم يصدقون ويصفقون لأي شيء يقوله لهم كولبيورن.
أما شخصية باتريشيا فقد جاءت -على النقيض- فتاة حادة الذكاء، مهتمة بالنفاصيل، نافذة البصيرة. لولاها لظل الجاني مجهولا طليقا. لكن ما أغاظني بشأنها، هو هذا الكم من الغموض الذي أضفاه الكاتب على باتريشيا وغرفتها وخادمتيها التوأم حتى ظننت تورطها في شيء، لكن لا شيء. كأن الكاتب أراد إضفاء المزيد من الإثارة على الرواية بأي طريقة.
واستمرارا للسذاجة، فقد أدهشني خروج كولبيورن بخطاب الانتحار وسلاح الجريمة من مقر الشرطة إلى غرفة باتريشيا، ولا أعلم حقا في أي دولة يسمحون بخروج أحراز القضية بهذه البساطة!
ولتكتمل السذاجة، فقد جاء مشهد سقوط القاتل كأنه مقتبس من فيلم قديم، حيث يضيع القاتل المحترف وقته في الحديث مع الآخرين، والاعتراف بجميع جرائمه، وسرد جميع الأحداث بدلا من الهروب ببساطة.
أما بخصوص الأسلوب، فقد استخدم الكاتب أسلوبا سرديا مشابها للتحقيقات، وهو ما أدخلنا في جو الرواية، رغم أن هذا الأسلوب ربما لا يروق للبعض.
أرجو ألا أكون قاسيا على الرواية، فهي بالفعل ممتعة ومشوقة إلا إذا كنت مهتما بالتفاصيل التي ستنغص عليك متعتك.