. أولئك الذين يقولون إن المال لا يعني شيئًا، لم يكبروا في الفقر،
ذبابة بشرية
نبذة عن الرواية
* الرواية مشاركة في #مسابقة_مراجعات_أبجد لشهر سبتمبر (من 8-9-2023 وحتى 26-9-2023) لذا سيتم إخفاء جميع مراجعات الرواية لحين انتهاء المسابقة. تفاصيل المسابقة أسفل وصف الرواية* عن الرواية: بطل شعبي سابق في أثناء الاحتلال النازي، يُعثر عليه مقتولًا داخل شقته، يكشف التحقيق أنه لم يدخل أو يخرج أحد في هذا التوقيت، ليقع جميع الجيران في دائرة الشك. يحاول المحقق k2 بمساعدة الفتاة الشابة باتريشيا أن يعرف من هو القاتل؟ مسابقة مراجعات أبجد: استمتع بقراءة الرواية، تابع تحقيقات المحقق K2 واكتب مراجعتك الصادقة لها لتتأهل للفوز بإحدى الجوائز التالية التي يقدمها تطبيق أبجد بالتعاون مع عالم موازٍ وBOOX United Arab Emirates: الجائزة الأولى: جهاز Onyx Boox Nova Air C بتقنية الحبر الإلكتروني لتجربة قراءة مريحة للعين لا مثيل لها! الجائزة الثانية: اشتراك مجاني في أبجد لمدة عام. الجائزة الثالثة: اشتراك مجاني في أبجد لمدة 6 أشهر. مع الأخذ في الاعتبار الآتي: 1- أن تكون المراجعة انعكاساً لأفكارك الشخصية وغير مقتبسة أو منشورة من قبل. 2- أن تكون المراجعة بلغة عربية سليمة وعدد كلمات لا يقل عن 200 كلمة. 3- أن يكون اشتراكك في أبجد سارٍ وقت إضافة المراجعة. 4- سنقوم بإخفاء كل المراجعات المشاركة لحماية إبداعكم لحين انتهاء المسابقة. 5- تُنشر المراجعات الفائزة على موقع عالم موازِ مصحوبة باسم صاحبها بعد انتهاء المسابقة. 6- آخر موعد لإضافة المراجعات هو الثلاثاء 26 سبتمبر - الساعة 8 مساء بتوقيت مصر والسعودية. 7- يستثنى من الفوز بالجائزة الأولى من سبق له ربح أي أجهزة قراءة إلكترونية من أبجد. قراءة ممتعة وحظاً موفقاً للجميع ❤️التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2023
- 384 صفحة
- [ردمك 13] 9789773197995
- العربي للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية ذبابة بشرية
مشاركة من Samia Ramadan
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
Rahel KhairZad
اسم الرواية: ذبابة بشرية
اسم الكاتب: هانز أولاف لهلوم
ترجمة: يارا أيمن
دار النشر: العربي للنشر والتوزيع
تصنيف العمل الأدبي: بوليسي، غموض، خيالي وتاريخي
عدد الصفحات: 384 ورقي/ 519 أبجد
إصدار: 2010 أصلي
2023 مترجم
تقييم ⭐️⭐️⭐️⭐️
عن الكاتب: هانز أولاف لهلوم (من مواليد 12 سبتمبر 1973) هو مؤرخ نرويجي، ومؤلف جرائم، ولاعب ومنظم شطرنج، وسياسي. لقد كتب سيرة ذاتية عن أوسكار تورب وهاكون لي، وكتابًا تاريخيًا عن جميع رؤساء الولايات المتحدة.
في 22-23 مايو 2013، أجرى VG مقابلة معه لمدة 30 ساعة ودقيقة واحدة و44 ثانية، مسجلاً رقمًا قياسيًا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأطول مقابلة على الإطلاق، متجاوزًا الرقم القياسي السابق بأكثر من أربع ساعات.
لهلوم هو لاعب شطرنج نشط حصل على تصنيف 2193 من الاتحاد الدولي للشطرنج اعتبارًا من مارس 2014، وكان حكمًا دوليًا منذ عام 2000.
وتعد هذه الرواية هي الجزء الأول من سلسلة أعمال بوليسية تضم كل من المحقق K2 وباتريشيا الشابة ذات العقلية الفذة.
■ هناك العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدًا، فيصبحون ذبابًا بشريًّا، ويقضون الباقي من حياتهم نوعًا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة، مثالًا بسيطًا.
كان هذا هو التعريف لمصطلح الذباب البشري الذي إبتكرتبه إحدى أبطال العمل الرئيسين وقد ترأى لي وجوب إيضاحه مقدماً حتى تتضح الرؤية من بداية العمل وهو مصطلح له مغزى فلسفي عميق وتشبيه واعي في ذات الوقت ناتج عن دراية بمجريات الحياة وطبيعة النفس البشرية .
تبدأ الرواية على لسان المحقق "كولبيرون كريستيانسين" ليخبرنا عن يوم مشهود في حياته المهنية وهو الرابع من إبريل عام 1968 والذي بالرغم من كونه يوم هام على الصعيد السياسي حيث أغتيل فيه الزعيم والناشط السياسي "مارتن لوثر كينج" إلا أن هذا الحدث لم يكن الوحيد في ذلك اليوم ففي العاصمة "أوسلو" ب "النرويج" تمت جريمة أخرى في إحدى البنايات في وقت متأخر من الليل راح ضحيتها أحد السياسين والذي كان بطل سابق للمقاومة كما تقلد الوزارة والعديد من المناصب السياسية الأخرى .
بوصول المحقق "كولبيرون كريستيانسين" والشهير ب K2 يبدأ بمعاينة مكان وقوع الجريمة وهي شقة المدعو "هارالد أوليسين" في 25 شارع كريبس يتضح له أن القتل تم بواسطة عيار ناري نفذ من القتيل إلى الحائط خلفه وأنه لا توجد آثار مقاومة أو عنف كما لا توجد آثار إقتحام أو كسر للباب ولا يمكن أن يكون القاتل قناص إذ لا توجد زاوية رؤية للقنص ولا يمكن أن يكون القاتل هرب بعد إطلاق النار الذي سمعه السكان سواء من الدَرَج أو المصعد لوجود شهود وسكان في كلا المكانين وقت سماع الطلق الناري هذا بالإضافة لوجود حارس العقار وقتها ، هذا وأيضاً يستحيل الهروب من الشرفة لأنها كانت مغلقة من الداخل ولا أثر لحبال أو غيرها للتسلق . ليصبح الإحتمال الوحيد هو خروج القاتل من باب الشقة وهذا أيضاً لا يمكن لصعود السكان على الفور بعد إطلاق النار . وتبدأ التحريات ليكون سكان العقار جميعهم قاتل محتمل وتبدأ رحلة البحث عن الدافع.
على مدار 10 أيام متتالية نُعايش تطور الأحداث وتشابكها في حبكة تتسم بالغموض والإثارة، فبحلول اليوم التالي للجريمة نتعرف على حياة جيران القتيل كما نكتشف دليل هام في القضية وهو معطف أزرق واقٍ من المطر مُلقى في فناء العقار الخلفي بلا صاحب ولم يتعرف عليه أحد من السكان.
أثناء البحث نتعرف على مزيج عجيب من الخلفيات الخاصة بالسكان وهي كالتالي:
● داريل ويليامز/ رجل أعزب يعمل بالسك الدبلوماسي الخاص بوزارة الخارجية الامريكية والذي قامت السفارة بحجز هذه الشقه له.
● أندرياس جولستاد/ رجل أعمال مثقف تعرض لحادث تحول بعده إلى قعيد ودود بشهادة الجميع وذو ثقافة وكان سعيد بزيارة أحد له أثناء التحقيق مما محى بعض الملل عن حياته الرتيبه.
● كونراد جينسن/ سائق عجوز لا أصدقاء ولا أحد يزوره قليل الكلام والتعامل إلا فيما يختص بالكرة فتجده يهتم ويناقش جيرانه نوعاً ما هذا بالإضافة إلى أنه كان مُدان وحُكم عليه نتيجة إنضمامه للحزب النازي سابقاً مما ترتب عليه تغيير اسمه ومحل إقامته مرات عديدة .
● كريستيان لوند/ مدير متجر رياضي وزوج وأب لطفل رضيع والدته توفيت حديثاً وكانت أيضاً تابعه للحزب النازي وتم إعتقالها وقضت فترة عقوبتها ولم يعرف له أب مما جعله يشعر بالدونية والحقد طوال الوقت.
● كارين لوند/ زوجة كريستيان وام طفله والدها رجل أعمال ثري ومن عائلة معروفة تُكرس حياتها كلها لأسرتها.
● سارة سانديكفست/ طالبة سويدية حصلت على منحة للدراسة بالجامعة وهي مُتبناه كما أنها يهودية ولا تعلم شيء عن والديها الأصليين.
● راندي هانسن/ تحرس كل من العقار 25 و 27 سيدة بدينه، ستينية كما أنها مسؤلة توصيل المكالمات للسكان وتقوم بالعمل بدلاً من زوجها المريض وتتسم بالكثير من النشاط والتنظيم.
بحلول اليوم الثالث يعلم المحقق K2 عن شروع القتيل في كتابة مذكراته عن طريق إبني أخي القتيل بواسطة أحد طلبة التاريخ الذي يقوم ببحث ولكنه للأسف خارج البلاد وسيأتي خلال أيام ، كما أنه يتلقى إتصال من شخصية مرموقة ومعرفة قديمة لوالدية يخبره أنه لديه معلومات هامة في القضية ويدعوه لزيارته، والتي بموجبها سيتعرف على إبنته الشابة التي إنقطعت أخبارها عن العالم بعد حادث مروع ومع ذلك فهي تتسم بعقل نشط وذكاء حاد فكانت دائماً ما تسبق المحقق K2 بخطوة وتوجهه في قضية البحث عن القاتل فبفضل ولعها بقصص شارلوك هولمز وأجاثا كريستي والمحقق بوارو علمت أن القضية قضية غرفة مغلقة وبدأت معه رحلة البحث والتقصي. كما أنها إبتكرت مصطلح الذباب البشري الذي تقوم عليه البنيه الاساسية للعمل وتتمحور حوله الشخصيات.
بعدما قرر المحقق K2 الضغط على السكان لمعرفة المزيد من المعلومات تتضح خيوط أخرى في القضية كأن نكتشف العلاقة بين كل من كريستيان وسارة وكيف وقعا في حب بعضهما وأن حارسة العقار كانت مُضَلِلَة بناء على معلومات تلقتها من كريستيان بعدم إفشاء سره نظير مبلغ شهري من المال كما نلمس تعاطفها مع هذه العلاقة ونظرتها الطبقية للأمور جراء شعورها بعدم أحقية كارين لوند المُدللة بزوجها وحياتها الرائعة.
نكتشف أيضاً ماضي أندرياس جولستاد وأنه قام يتغيير أسمه بعد أن أصبح قعيداً ، ونعلم عن مأساة قتل والده على يد الألمان بعد أن إشتبهوا به أنه يعمل مع المقاومة حتى أننا نكتشف أنه إلى الآن لم يتخطى هذه المحنه ولا يستطيع التحدث عنها فكلما تحدث عنها إزداد الأمر سوءاً في رأيه.
بمقابلة "بيورن إريك سفيندسن" والذي يقوم بكتابة مذكرات القتيل للمحقق K2 نكتشف أن القتل يمكن أن يكون بواسطة العديد من الجهات ولصالحها كالإستخبارات الأمريكية المتعجرفة أو النازيين القدامى أو حتى الشيوعيين فلم يكن الضحية نزيه اليد بل كانت له العديد من العلاقات وكان حلقة وصل للعديد من الأطراف المعنية بقتله لو إستلزم الأمر ذلك، كما ظهرت فقرة مشفرة في مذكرات هارالد تضمنت رموز لأسماء ستساعد في حل القضية بالتأكيد (O, N, J, D) ، أيضاً سيتم إرسال برقية من مكتب المحامي الخاص بالضحية لجميع سكان العقار بما فيهم الحارسه له ولكن قبل أن يحين الموعد سنكتشف أن أحد السكان هو إبن الضحية وقد قام بإبتزاز والده وأخذ مبالغ مالية كبيرة تم سحبها قبل قتله بفترة قليلة بالرغم من مرضة الشديد والذي يستوجب موته خلال أيام ، أيضاً سنجد ساكن آخر للعقار مقتولاً في شقته مع إعتراف منه بقتل الضحية وإنتحاره بعدها ، هذا بالإضافة إلى العديد من التهديدات التي تعرض لها المحقق والخاصة بمستقبله المهني جراء الشك في كل الأطراف.
بحلول موعد قراءة الوصية وحضور جميع السكان تتكشف الكثير من الأحجيات وتنقلب الموازين فبعد إكتشاف الشخصية N نستطيع معرفة الشخصيات O, J لتزداد الشكوك حول أحدهم بأنه القاتل بعد معرفة ماضي مشترك له مع الضحية وما عزز ذلك إختفاؤه بعد إعادة التحقيق معه، كما يظهر دليل جديد على يد هانز أندرسن يعود ل 24 عام مضت ويتعلق بعمل كل من هارالد و المدعو D مع المقاومة وتهريب اللاجئين عبر الحدود.
بإنقضاء اليوم العاشر من التحقيق تتكشف لنا كل خبايا القضية بعدما قرر المحقق K2 أن يجمع كل المشتبه بهم بشرط أن تكون بصحبته الرائعة باتريشيا لتخبره كيفية التعامل مع كل منهم لإستخلاص النتائج وتحليلها في أسرع وقت لمعرفة من الجاني والذي كان مفاجأة للكثير من السكان حتى أنهم تعجبوا من ذكاء المحقق الحاد واستطاعوا أن ينعموا بالهدوء بعدما اعترف القاتل الحقيقي بجريمته والتي كان يهدف من وراءها أن يمنع الضحية من كشف سر خطير مضى عليه ما يقرب من 24 عام .
بالنظر في كل من اسم الرواية والغلاف كانا بمثابة عامل جذب لي فالغلاف معبر حيث يوضح عقار محاط ويبدو عليه أنه مسرح لجريمة ما أما الأسم فغريب ويجذب القارئ وإن كان لولا الغلاف لما عبر عن محتوى الرواية فقد كان الغلاف خير معين للأسم لإستفاف فحواها.
أعتقد أن الكاتب كان يهدف لإيضاح أثر الحروب والمتمثلة في الحرب العالمية الثانية في الرواية على حياة الأفراد الذين عايشوها فما بين من خان ومن قاوم الكل تشبع بمرارة الحرب وحفرت أثرها في نفسه فإن لم يكن هو من تأثر فقد عانى أولاده نتيجة لها أيضاً .
بالنظر في حبكة الرواية والأحداث نجد أنها كانت متشعبه ومترابطة بالرغم من غموضها في نفس الوقت فمع تتابع الأحداث يتضح أن الجميع له وجهان فمن تظهر عليه أسمى معانى الود يتسم أيضاً بالكثير من الدهاء والحذر فالاحداث مستمرة والألغاز كذلك تتضح من بداية الرواية وحتى أخر لحظة فيها والكل يتكتم سواء كان خائف على شيء أو خائف من شيء.
مع قراءة كلمة النهاية شعرت بالرضا والراحة فخلال صفحات الرواية كانت الإثارة على أشدها وكلما قرأت زادت رغبتي في معرفة الجاني فكلما مرت الصفحات زادت أسباب القتل للجميع حتى أنهم لو أجتمعوا كلهم لقتله لما أستبعدت الأمر .
أعترف أني شككت في الجاني ولكن هناك ساكن أخر حامت حوله الشبهات في النهاية كثيراً وكانت دوافعه أكبر ولكن يبدو أن الجاني كان مصابه أفدح فكان جرحه أغور من غيره هذا بالطبع مع توضيح فكرة كشف السر والذي لو حدث كان سيتعرض الجاني للعقوبة بعدما استطاع الإفلات منها لمدة 24 عام فكان المتبقي له عام واحد فقط لتسقط عنه التهمه نهائياً.
تنوعت الرواية ما بين السرد والحوار فكان السرد عن طريق راوي عليم وإن غلب عليها الحوار، كما تميز السرد بالإثارة والتشويق والغموض في أغلب الأوقات وإن كنت شعرت في مرحلة ما بالملل من كثرة التشابك والتفاصيل حيث تولد لدي شعور بالثقل من كل هذا الغموض والتقصي أو لعله تلهفي لمعرفة الجاني وسط كل هذا الغموض والشك .
كما تميزت لغة الرواية بالبساطة وعدم التكلف فكانت مفهومة وواضحه من غير تطويل مُمل ولا إيجاز مُخل من ناحية وبالإبداع من ناحية أخرى فقد أعجبني مصطلح الذبابة البشرية المبتكر والذي تدور حوله الرواية من أحد جوانبها، وكانت لغة الحوار مناسبة بين شخصيات العمل فكل تحدث بحسب شخصيته المرسومة له ما بين حريص وبين واقعي وبين مُدافع وبين خائف كل أستطاع التعبير جيدًا عن حالته وأكثر ما أعجبني هو بساطة الترجمة فتمكنت المترجمة من إبراز روح النص بلا إخلال وبسلالسه وبراعة كبيرة حتى وكأنك تقرأ النص بلغته الأم بلا ترجمة لولا طابع الأسماء الغربي والأماكن.
تعددت شخصيات الرواية وتنوعت ما بين الرئيسية والفرعية ولكل كان دوره الهام في الرواية وخط سير أحداثها فلم تقتصر الاهمية على الشخصيات الرئيسية فقط والتي يمكن اعتبارهم سكان العقار محل وقوع الجريمة وحارسة العقار بالإضافة الي المحقق وباتريشيا وقد اتضح خلال الرواية أهمية ادوارهم بالفعل ومدى تاثير كل فرد منهم الفعال في إكتشاف حقيقة الجاني وفي رأيي هناك ايضاً شخصيات فرعية ظهرت لم تقل أهميتها مثل حارس العقار "انطون هانسن" و"هانز اندرسن" الشرطي السويدي واللذان أشارا لأحداث هامة مضت منذ ما يقرب من 24 عام كانت السبب الرئيسي في معرفة الجاني كما أنه بمساعدة "بيورن إريك سفيندسن" تمكن المحقق من معرفة مذكرة أخرى للضحية تحوي معلومات مهمه عن عامي 1967 و 1968 والتي بدورها أوضحت أحداث وقعت كان من شأنها إستنتاج أصحاب الرموز التي سبق ذكرها ومعرفة شخصياتهم الحقيقية والضغط عليهم ليعترفوا بما أخفوه من معلومات في هذه الجريمة الغامضة. ومما لا شك فيه أن الكاتب نجح في توظيف الشخصيات ورسمها بحرفية وجعل لكل منها خط درامي وحياة خاصة به وماضي مُحمل بالكثير من الأحداث الشيقة والغامضة .
على ضوء خلفية الكاتب كمؤرخ استطاع بحرفية الحديث عن فترة هامة أثناء الحرب العالمية الثانية لم يتطرق لها الكثير من الكُتاب ففي حين أن الإهتمام كان منصب على البلدان العظمى مثل امريكا والمانيا قرر الكاتب التحدث عن البلدان المتضررة والمهمشة وقتها مثل النرويج وما عاناه شعبها ومما لا شك فيه أن دافعه لذلك ترك في نفسي أثر كبير حيث قرر أن يكون ذلك تخليداً لذكرى عمته وهي واحده من المتضررين جراء هذه الفترة، مما يجدر الإشادة به أيضاً أن الرواية لم يغلب عليها الطابع السردي أو الأكاديمي فقد راعى الكاتب أن يكتبها بروح الأديب الراوي حتى يتسنى لمن يقرأها أن يتذكرها ويشعر بمدى أثرها في نفسه فلا نفع من سرد وتأريخ بلا أثر في العقول والنفوس.
أحببت طريقة التعبير خلال الرواية بشدة فقد تضمنت روحاً إبداعية تجلت في مرات عديدة منها حينما وصفت باتريشيا لغز الجريمة باللوحة التي تتضح معالمها كلما حلوا شيء مبهم أو تجلت معلومة ،كذا التساؤلات التي طرحها المحقق في نفسه عن حياة "كونراد جينسن" البائسة ووصف حياته بكل ما مر فيها بالكذبة حينما قال "كم كان من المثير للشفقة أن يموت «كونراد جينسن» تاركًا وراءه كذبة حياة" ، وبالطبع أكثر ما آلمني هو نهاية الجاني فبالرغم من وصفه طوال الرواية على أنه قاتل ماكر ذو دم بارد وعقل داهية مما يعطي إنطباع بعدم التعاطف معه إلا أن ما تعرض له ووصفه لمشاعره خلال كل هذه الأعوام الماضية جعلني اتعاطف معه خاصة حينما قال " أرى أنني لن ألقى جنة أو جحيمًا، بل فراغًا واسعًا سأجد فيه أخيرًا السلام من الذكريات ومشاعر الذنب الغامرة التي طاردتني كل يوم وليلة في حياتي ".
مما كان لي مأخذ عليه كما قلت سابقاً شعوري بالإطالة في فقرات معينة، كما أني لم استصغ فكرة أن فتاة مراهقة هي من تقود التحقيق طوال الوقت فكانت بمثابة العقل والمحقق هو العضلات كما يقال، وددت لو كان له بعض الفضل في حل اللغز إن لم يكن الجانب الأكبر ، ومما أعجبني أيضا الحوار بين كل من المحقق و باتريشيا فكانا يفككان اللغز معي وكأننا ثلاثي يحل اللغز وليس هما فقط، هذا وبالطبع لم تُخيب باتريشيا ظني بها حينما قالت عن المحقق "يتمتع مفتش المباحث «كولبيورن كريستيانسين» بالعديد من الخصال الجيدة بلا شك، لكني لست متأكدة إن كان الذكاء أحدها حتى الآن" حيث أثبت هو ذلك في أخر مشهد من الرواية.
أثناء قرأتي تذكرت رواية للكاتب أغر الجمال أسمها الشيطان يموت مرتين كانت قريبه من الأحداث وملاباستها بينما من حل اللغز هو المحقق وزوجته مع إختلاف بعض الأحداث طبعا ولكن الإطار العام كان واحد تقريباً، وفي الختام كانت تجربة أولى رائعه وارشحها لكل من يبحث عن الإثارة والمغامرة.
إقتباسات:
● عندما تستبعد المستحيل، فإن المتبقي يكون الحقيقة مهما تبلغ غرابته.
● أولئك الذين يقولون إن المال لا يعني شيئًا، لم يكبروا في الفقر .
● كل شيء مباح في الحب والحرب .
● الناس مختلفون جدًّا. يعتقد البعض أنه من الأسهل التحدث عن الأشياء، لكنني خلصت إلى استنتاج بأن التحدث عن الأمور يجعلها أسوأ ببساطة .
● من السهل للغاية أن تنجرف إلى أحلام اليقظة عندما تملك القليل مثل الذي ملكته لوقت طويل.
-
Esraa adel
قرأت يوماً مقولة مفادها حدثني عن ماضيك وسوف أخبرك عن مستقبلك فإذا ما بحثنا في خبايا الماضي سوف نعثر على خيوط الحكاية ، فليست دوما مقولة "فتش عن المرأة" التي تعددت الأقوال عمن تنسب إليه عند الفرنسيين ، فربما قيلت على لسان "نابليون بونابرت" أو في أول مسرحية للكاتب الفرنسي "الكسندر دوما" ، ولكن هاهنا الأمر لا يقع على عاتق المرأة وحدها.
تبدأ الرواية بجريمة قتل غامضة لوزير سابق وأحد أبطال المقاومة في حرب المانيا على النرويج دون العثور على سلاح الجريمة ولا دافع ولا مشتبه به في مبنى سكني يسكنه عدة شخصيات ذوي طبقات اجتماعية مختلفة فمن" كونراد جينسن" سائق التاكسي إلى "داريل ويليامز" الذي يعمل في السفارة الأمريكية ، ولكن برغم تعددهم إلا انك اثناء القراءة لن تشعر بالتخبط بينهم فكل شخصية تتميز التفرد الخاص بها ، ومع اختلافهم فهناك رابط خفي يربط الجميع بعضهم ببعض تكتشفه مع المفتش k2 الذي لطالما إنتظر تكليفه بجريمة على هذه الشاكلة.
أسلوب التحقيق الذي اتبعه هذا المفتش يتشابه مع أسلوب المفتش "هيركيول بوارو - بطل روايات ملكة الجريمة" الذي اعتدنا عليه باعتباره المفتش العبقري مع وجود بعض الشخصيات المساندة له في التحقيق ، ولكنك لن تشعر إنها نسخة مكررة من أعمال "اجاثا" بل تندمج كلياً مع شخصياتها و ينتابك الشك تجاه جميع سكان هذا المبنى وخارجه أيضا إلا شخصية وحيدة فحسب وهو القاتل الحقيقي.
تتميز الرواية بعنوان غير تقليدي ربما يجذب القارئ لمعرفة كنهه وبرغم رفضي في البداية لهذا العنوان إلا إنني بعد ان قرأتها وجدته اختيار عبقري للغاية فتميزه في اختلافه وخروجه عن المألوف ، وقد نشرت هذه الرواية عام ٢٠١٠ كأول جزء من سلسلة روايات جريمة لنفس المفتش و مساعدته.
لم أدرك فقط خطوات سكن هذه المجموعة سوياً في مبنى واحد فأحدنا غفل عن هذه التفصيلة إما المؤلف او أنا ، ولم يغفل عن سرد أو دمج بعض عواقب الحرب في الأربعينات من تهجير اليهود ضمن أحداث الرواية ، ولكنها ككل بجميع شخصياتها وخاصة "باتريشيا بورشمان " و أحداثها التي تتصاعد وتيرتها كلما اقتربنا من النهاية تبدو رواية كاملة الملامح.
-
ماريا ألفي
مراجعة رواية "ذبابة بشرية"
للكاتب النرويجي "هانز أولاف لهلوم"
ترجمتها عن الإنجليزية "يارا أيمن"
نشرت عن دار "العربي للنشر والتوزيع" سنة 2023
عدد الصفحات: 384 صفحة
أولا:الكاتب وخلفيته المهنية والإجتماعية:
كاتب نرويجي وسياسي ولاعب شطرنج ومؤرخ، استغل أدواته التاريخية وقدرته على التحليل في خلق أحداث بوليسية ذات خلفية تاريخية مستخدمًا الحرب العالمية الثانية -والصراعات السياسية الحقيقية التي ترتبت عليها في منطقة النرويج- كمحرك أساسي لأحداث الرواية الخيالية.
تأثر الكاتب أيضا بخبراته الشخصية والعائلية، مستلهما سيرة عمته الكبرى "داجمار لاهلوم" وقصتها الأليمة في تفاصيل حياة إحدى شخصيات الرواية، مخلدًا ذكراها في إهداء الرواية ونبذة عن حياتها في الختام، مما أضفى مشاعر حقيقية صادقة تصل للقارئ بسهولة.
ثانيا :عن الرواية سردًا وحوارًا:
على الرغم من أنها رواية بوليسية، لكنها أوضحت الجانب النفسي من معاناة الناس -بمختلف أطيافهم - أثناء الحرب العالمية الثانية وتوابعها، بدون أن يتحدث الكاتب عن ذلك بشكل مباشر ولكن من خلال أحداث الرواية ومشاعر ومشكلات الأشخاص، فأضاف لنا مصطلح " ذبابة بشرية" معرفا إياه بالشخص الذي مر بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياته ولم يستطع تجاوزه أبدا، ويقضي الباقي من حياته يدور حول ما حدث له مثل الذباب.
وعلى غرار الكلاسيكيات وروايات "أجاثا كريستي" و "شيرلوك هولمز" يبدأ الكاتب الرواية بجريمة قتل سياسي شهير وبطل من أبطال المقاومة في منزله، ليتم استدعاء المحقق "كولبيورن كريستيانسين" للتحقيق في القضية، فيذهب لمسرح الجريمة ليعاينه ويسمع شهادات الشهود فيضع سكان البناية جميعهم في دائرة الاشتباه.
يسرد الكاتب الحكاية على لسان المحقق سردًا متوسطا السرعة، فلا هو بطيء ممل ولا سريع مخل، كما يمتاز السرد بالوصف الدقيق للمشاعر والشخصيات .
جاء الحوار واضحًا ينتقل بسلاسة بين الشخصيات، في جمل حوارية متوسطة الطول، فيستطيع القاريء تمييز أطراف الحوار بسهولة.
ثالثا : الحبكة ودافع الجريمة:
اهتم الكاتب بتصاعد الأحداث تدريجيًا، مع إبقاء عنصر المفاجأة فعالًا حتى آخر فصل في الرواية، فالجميع يخفون الحقيقة أو جزءًا منها، الجميع لديهم دافع محتمل، على الرغم من ذلك يترك الكاتب بعض الأدلة والتلميحات خلال وصف الشخصيات والأحداث للقاريء المحقق محترف الروايات البوليسية.
رابعا :الشخصيات :
رسم الكاتب الشخصيات بوضوح حتى يتمكن القاريء من رؤيتهم بسهولة، وذلك من خلال شهادة الأشخاص عن بعضهم البعض، أو من خلال الأحداث ، ومن وجهة نظري أعد ذلك نقطة قوة للكاتب فهو لم يعرفنا بالأشخاص عن طريق الوصف المباشر في شرح ممل أو مقدمات، لكنه اعتمد في الوصف المبدئي للشخصيات الأساسية على شهادة زوجة حارس البناية كشخصية مهمتها الأساسية ملاحظة خروج ودخول سكان البناية والتعامل معهم يوميًا، ثم اضاف باقي أبعاد الشخصيات عن طريق تفاعلهم مع أحداث الرواية.
* فمثلا "راندي" زوجة الحارس، وصفها بالقصيرة البدينة الشيباء، لكن طريقة وصفها لعادات وطبائع السكان وتسجيلها لمواعيد دخولهم وخروجهم بدقة شديدة أوضحت لنا سماتها الشخصية فهي دقيقة مخلصة لعملها متقدة الذهن.
*"هارالد أوليسين" -المجني عليه- وُصِف بالودود المحترم ،الذي اعتزل الحياة الاجتماعية بعد وفاة زوجته، سياسي شهير وبطل للمقاومة ،لكننا نتعرف على خفايا شخصيته من خلال الأحداث.
*أما "باتريشيا" الفتاة المذهلة صاحبة العقل الراجح والجسد العليل، وصفها الكاتب بالرياضية و العبقرية وقص علينا حادثًا كان سببًا في علة جسدها، لكنه ترك لنا المواقف لتوضح مشاعرها الغير المستقرة، فنجدها تارة تضحك في مواقف جادة، و أخرى تتعامل مع خادماتها بكثير من الغموض، ويتركنا لنستنتج أن ذلك بسبب عزلتها وحالتها الصحية.
*"سارة ساندكيفست" وصفها الكاتب على لسان زوجة الحارس بأنها رقيقة ومنظمة وهادئة، وأيضا ترك الأحداث لتكشف لنا الوجه الآخر لهذه الرقة.
* بعض العيوب بالنسبة للشخصيات :
تعددت شخصيات الرواية الأساسية والثانوية مما قد يربك القاريء ويضطره لتسجيل أسماء الشخصيات وصفتها خصوصا في بداية الأحداث.
خامسا: الترجمة :
الترجمة سلسة،لم تتعمد الزج بكلمات معقدة غير مفهومة أو لا تتناسب مع القصة والأحداث، بل جاءت واضحة ومفهومة جدًا.
تعقيب وحيد على جزء ترجمة المذكرات، كتب "هارالد أوليسين" حروفًا للدلالة على الشخصيات بصورة رمزية خفية مثل Jو O وSو D في رأيي كان من الممكن تحويلها إلى حروف عربية تتناسب مع ترجمة المقصود به من هذه الرموز، بدلا من تركها باللغة الإنجليزية حتى يستطيع القاريء التفكير في معناها بصورة واضحة باللغة العربية.
ختامًا، إن كنت من محبي كلاسيكيات الروايات البوليسية، فهذه رواية مثالية لك، وبالنسبة لي فمتحمسة لقراءة بقية أعداد سلسلة المحقق K2 للكاتب "هانز أولاف لهلوم".
-
Shim♡ Kassab
اسم الرواية:- الذبابة البشرية.
الكاتب:-هانز أولاف لهلوم.
كاتب نرويجي شهير في أدب الجريمة، ومؤرخ،صحفي،كاتب سيرة ذاتية كما أنه لاعب شطرنج وكسياسي، كان ناشطًا في حزب اليسار الاشتراكي .
مواليد سبتمبر 1973 مو إي رانا، النرويج
حصل علي جائزة إيليرت سوندت للأبحاث.
نشأ وترعرع في بلدية نورلاند ويعيش في أوبلاند منذ عام 1989.
((صارت كتبه من الأكثر مبيعًا في النرويج وهي تتألف من سلسلة جرائم من بطولة مفتش المباحث "كولبيورن كريستيانسين"، الشهير بـ"K2"، ومساعدته الشابة "باتريشيا" التي تسبق سنها برجاحة عقلها.
ويُعد هانز أولاف لهلوم دم جديد بالخيال البوليسي الإسكندنافي، وتُعد الذبابة البشرية أولي محاولاته الأدبية والكتاب الأول في سلسلة تحقيقات مفتش الشرطة كولبيورن)).
دار النشر:- العربي للنشر والتوزيع
تاريخ النشر:-2023
مقدمة:-
(قد يفاجئنا الإلهام من خلال أرواح سبقتنا لعالم يحمل أسمي معاني الحرية الكاملة)
ذكر الكاتب بنهاية الرواية مدي تأثره بعمته «داجمار لاهلوم» التي ولدت في 10مارس1923 وتوفيت في 28ديسمبر1999 في أوسلو وكانت عميلة نروجية مزدوجة وأدينت بالخيانة، عملت كعميل مزدوج جزء لصالح الحرب العالمية الثانية وجزء لصالح حركة المقاومة النرويجية وتكلم عن قصة حبها ب «أيدي تشابمان» الشهير بـ«زيجزاج» وهو عميل بريطاني للمخابرات البريطانية وكان يعمل لصالح الألمان بالنرويج وضم «داجمار» معه لتساعده بمهماته كعميلة مزدوجة ولكن كانت نقطة تحولها بوفاة «تشابمان» في 12ديسمبر1997 فصار عقلها هشا وامضت سنواتها الأخيرة صعبة ومنعزلة اجتماعيا واصيبت بالشلل الرعاش إلي أن توفت..
فقرر هانز أن يستغل جزئا من حياتها ليحوله بهذا العمل لنهاية تمنتها عمته كثيراً كما استغل تلك الحقبة الزمنية للحرب العالمية الثانية لصياغة احداث روايته وطريقة عرضه لبعض احداث الحرب الهامة كمؤرخ.
▪️تعريف الشخصيات:-
شخصيات البناية:-
-«راندي هانسن» زوجة حارس العقار المقيمة بالطابق الأرضي وهي امرأة في الستينيات من العمر فقيرة، بدينة تعيش بمفردها بعد سفر أولادها وإيداع زوجها داخل مصحة ليقضي أيامه الأخيرة بها.
-«داريل ويلياميز» القاطن بالشقة ب3 منذ 8أشهر ضخم الجثة ذو شعر داكن طوله 182 ويزن 94كجم بعمر ال45 عام ويشغل منصب رفيع بالسفارة الامريكية.
-«سارة ساندكيفست» تقطن بالشقة أ2 أسفل أوليسن طالبة سويدية تقطن من بداية العام الدراسي بأغسطس طولها 180 وتزن 57كجم.
-«كريستيان لوند وزوجتة كارين لوند» يقطنون بالطابق الأول بشثة ب2 زوجين متعاونيين متخابان لديهما أبن بعامه الاول كارين أبنه مالك مصانع بأفضل مناطق أوسلو ذات 25 عام وزوجها يكبرها بعامين اشقر يتماع ببنيه جسديه قويه طوله 180 مدير متجر رياضي في هامرسبورج
-«كونراد جينسن» سائق أجرة يقطن بالطابق الارضي منذ عام 1948 وهوقصير البنيه وعازب بالخمسينيات من العمر.
-«اندرياس جولستاد» يقطن بالطابق الأرضي بعمر ال39 عاما وهو قعيد علي كرسي متحرك يعيش بمفرده ويحب الحياة الهادئة.
▪️كل شيء مباح في الحب والحرب...
«يواكيم أوليسين» أبن شقيق «هارالد أوليسن» كان خبير أقتصادي عمل مستشار في وزارة المالية.
«سيسيليا أوليسن» تعمل مديرة مكتب بجمعية أولسو السكنية التعاونية
واثناء التحقيقات قامت بالكشف عن علاقة الحب السابقة التي جمعتها بـ «داريل ويلياميز»
والذي رمز الكاتب من خلالهم لقصة حب عمته «داجمار» و«تشابمان» التي لم تكلل بالنجاح ولكن كللها بعلاقة «داريل وسيسيليا»
ملخص الرواية:-
في يوم الخميس الموافق4 ابريل 1968 يتلقى المحقق الشاب «كلوبيورن كريستبانسن» الملقب بـK2 بلاغا من قسم شرطة اوسلو يفيد بمقتل الزعيم السابق للمقاومة «هارالد أولسن» في 25 شارع كريبس داخل شقته
▪️هارالد أولسن:- بطل أسطورى للمقاومة النرويجية أثناء الاحتلال ووزير سابق في حكومات ما بعد الحرب وعضو مجلس الدولة لاربعة أعوام تقلد بها المناصب العليا في الخدمة المدنية حتي تقاعده عام 1965 في سن السبعين.
ينتقل المحقق «كريستبانسن» إلي موقع الجريمة وهو المبني السكني لهارالد أولسن ليكتشف أن هناك سبع جيران كلهم بموضع الاشتباه وعليه أن يحقق معهم لإكتشاف القاتل بينهم وظروف ودوافع القتل
ليقوم بالتعرف علي شخصيات الجيران بالبناية.
(مجموعة بشر مختلفين مقيدين داخل مجتمع سكني واحد يحمل كل منها بعضاً من المظاهر الخادعة)
فيقوم بالتحقيق معهم عن وقت وقوع الجريمة وماذا كان يفعل كل منهم ليكتشف من خلال تحقيقه مع كل شخصية واختلاف أقوالها بمرور الوقت أن الجريمة ليست جريمة قتل فقط ولكنها جريمة حب، عاطفة، احتلال وحرب..
وفي خضم تحقيقاته يقوم بالإتصال به «راجنر سفيري بورتشمان» صديق والده من الجامعة ليدعوه لبيته ليعرض عليه أن يشرك ابنته بحل تلك الجريمة معه فهي تتمتغ بذكاء خارق ولكنها قعيدة علي الكرسي المتحرك لتكون « باتريشيا لويز إيزابيل إليزابيث» المفتاح لكل عُقد تلك الجريمة والوقوع بالقاتل من خلال تتبع شفرات مذكرات «هارالد أولسن» وكشف غموض السكان بالبناية وقولهم لحقيقة ما حدث يوم الجريمة
وكيف كان المعطف الأزرق الخاص بالمطر أداة للاشتباه بمعظم القاطنين بالبناية وكيف كان حل لغز «ديرفوت» المذكور بمذكرات «هارالد» والذي ساعد من خلال سفر «كريستبانسن» لبلدية (تريسل) لمقابلة رئيس الشرطة «هانز أندرسون» عن الكشف عن جزء من الاحداث الهامة التي حدثت بالماضي عام 1944 ولغز «هارالد و ديرفوت» بالكشف عن بعض ترابط شخصيات البناية بماضي وثيق بـ «هارالد» تم من خلاله البحث عن «ديرفوت» واليقين بأنه هو القاتل
بإتباع نظرية «باتريشيا» عن «الذبابة البشرية» والتي كانت مفتاح للغز تلك الجريمة.
❞ هناك العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدًا، فيصبحون ذبابًا بشريًّا، ويقضون الباقي من حياتهم نوعًا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة ❝
كل شيء مرتبط بالحرب الجميع يعيشون في الماضي فهم ذباب بشري لا يستطيعون نسيان شيئا حدث في الماضي ويستمرون بالعوده إليه مثل الذباب يطير حول شيء ما وهذا ينطبق على جميع الشخصيات بالروايه فكل معلومة قد يعرفها المحقق تغير مسار التحقيق سواء كانت صحيحة ام خاطئة وعلى الرغم من وجود عامل نازي سابق بنفس المبنى إلى إنه لم يكن متهما بقتل أولسن علي الرغم من إعترافه في رسالتة الإنتحارية بجريمة قتله لـ أوليسن ولكن تلك الرسالة فتحت باباً أخر للوقوع بالقاتل.
جريمة مقتل« أولسن» مبهمة لا يوجد سلاح جريمة ولا أثار بصمات أو اقدام.
ولكن الرصاصة التي قتلته لم تكن من نفس المسدس الذي إنتحر به «كونراد جينسن» فرصاصة كونراد من مسدس عيار 45 كونغسبرج كولت انتاج عام 1947 والرصاصة القاتلة لهارالد عيار 45 انتاج عام 1920
▪️ولكن رغم تأثر الكاتب بأسلوب أجاثا كريستي وأرثر كونان دويل بالكتابة كان ذكاء منه عكس تأثره علي «باتريشيا» بأعترافها أنها تتبع ذلك الاسلوب بالتفكير وانها تؤمن أن برغم عدم وجود جاني واضح بالجريمة او دافع قوي للقتل ولكن الكثير من الأسرار المخبأة خلف الأبواب المغلقة للمنازل تصبح أكثر إثارة عند التقدم بالتحقيق وكشف غموض تلك الأسرار والدوافع ورائها.
▪️لغة الرواية:-
كانت اللغة سهلة وسلسلة يتضمنها السرد عن طريق ضمير المتكلم ولكن لم تجعل الأحداث مملة للقاريء فنظرة المحقق أعطت وزناً للقصة وجعل القاريء كأنه شريك يعيش داخل الأحداث ويشارك بكل التطورات المعلنة والغير معلنة مما يجعلها اكثر إثارة وتشويق للقاريء.
جعل الكاتب غموض المشاعر والأسرار الخفية والشعور بالذنب الذي تتخفي ورائه الوجوة بظلامهم ويطمسوها بابتسامتهم الودودة المحرك الرئيسي للأحداث.
▪️كتابة الشخصيات:-
كتبت جميع الشخصيات بشكل جيد للغاية وفقا لصفاتها الجسدية والعمرية وماضي كل شخصية
▪️الشخصيتين المثيرتين للجدل وهما الأبطال الرئيسية المحركة للأحداث:-
«المحقق كريستبانسن والأنسة باتريشيا»
ثنائي مليء بالتناقضات
فـ «باتريشيا» الفتاة القعيدة المقيدة حركتها داخل كريسها المتحرك الممتلئة بالذكاء والعقل اللامع المدقق لأدق التفاصيل ولكنها تحب تجنب العالم والعزلة الإجتماعية وتفضل غرفة مكتبها التي تحتويها اكثر وتسعد عقلها الذي يربط الخيوط ببعضها بسهولة.
و«كريستبانسن» الذي يمثل الهواء الطلق بتواصله الإجتماعي الجيد مع جميع أنواع البشر وتوليه للجزء العملي من الأحداث ولكنه لم يتمتع بالذكاء مثل «باتريشيا» فقد احسست انها هي المحرك الكامل لفك شفرات لغز الجريمة فأخذت تُظهر بريق ذكاء المحقق تحت الضوء اكثر بسبب عزلتها ورفضها لاي اشارة لها بالتدخل باللغز فأصبح «كريستبانسن» شخصية اعتمادية علي «باتريشيا» وهذا ما حدث أيضا عند نهاية عرض الكاتب لجزء من روايتة القادمة «الأقمار البشرية» عند هروع «المحقق كريستبانسن» إلي رقم «باتريشيا» تحت بند الطواريء.
▪️تقييمي للرواية:-
عرض الكاتب الجريمة من بدايتها إلي نهايتها والقبض علي القاتل ومصيره بـ إحدي عشر يوما وهذا كان حل سريع لجريمة اثارت الرأي العام وبطريقة تشمل كل التفاصيل
رغم توقعي للقاتل من بداية الأحداث ولكن الأسباب المؤدية لوقوعه الفعلي والاعتراف بالجريمة صيغت بحبكة محكمة للغاية ومثيرة لخيال القاريء.
رواية نرويجية ذات طابع كلاسيكي علي غرار روايات أجاثا كريستي
بإعتقادي أن «الذبابة البشرية» هي أفضل ما يتمناه الكاتب لعمله الأدبي الأول وأفضل ما يقدم للقاريء عن جريمة بوليسية.
▪️الغلاف:-
يحمل نفس الطابع الكلاسيكي للرواية فهو ملائم جدا ويحمل عبق من التاريخ التي تتمتع به احداث الرواية.
-
Bassma Algaml
يوجد العديد من الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات مؤلمة في مدة معينة من حياتهم، ويجدون صعوبة في تجاوزها بأي صورة من الأشكال. لا يستطيعون تخطيها أبدا، بل ينغمسون في أحزانهم ويتحولون إلى أرواح معذبة. يعيشون بين ذكرى ما حدث لهم وكأنهم يتدحرجون في دوامة من الألم والندم، يدورون حول تلك التجربة الموجعة وكأنهم يدورون على نفس النقطة التي تحدثت فيها الصدمة، بنفس الاستمرارية التي يدور بها الذباب حول الفضلات. ومن خلال هذا العمل، يتم تسليط الضوء على الذباب البشري كمحور للقصة، وقد يكون الدولة والمسؤولين عنها أيضا ذبابا بشريا كبيرا دون أن يدركوا ذلك.
▪︎في الرابع من أبريل عام 1968، تم استدعاء الشرطي الشاب كولبيورن كريستيانسن، المعروف أيضا باسم "k2" للتحقيق في جريمة قتل في مبنى سكني يقع في 25 شارع كريبس بمدينة أوسلو. الجريمة كانت غير عادية، حيث كان الضحية شخصا مشهورا بتاريخه في المقاومة النرويجية خلال الاحتلال النازي وكان وزير سابق في حكومة ما بعد الحرب "هارالد أوليسين ". هذا الحدث فتح الباب أمام سلسلة من المؤامرات التي استمرت لمدة 25 عاما.
حدثت جريمة قتل مروعة في إحدى الشقق في بناية مكونة من طابقين، حيث يعيش ثمانية أشخاص بالإضافة إلى زوجة حارس البناية. سمع جميع السكان صوت إطلاق النار بوضوح، ولكن لم يتم العثور على أي آثار للسلاح المستخدم أو أي أدلة تشير إلى وجود القاتل داخل الشقة أو خروجه منها.
هذه الحقيقة تثير تساؤلات حول كيفية هروب القاتل من المكان في الوقت الذي يفصل بين سماع صوت الإطلاق ووصول الجيران إلى مسرح الجريمة. يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الطابق الثاني هو الطابق العلوي، لذا يمكن النزول منه إما عن طريق الدرج أو باستخدام المصعد. من المفترض أن يكون المصعد في الطابق الأرضي، ثم يتضح أنه من الصعب على القاتل الانسلال بينما يكون واجهة لزوجة حارس البناية. لذلك، يبدو أن القاتل بالتأكيد أحد سكان البناية. السؤال هو: من يكون القاتل؟.
❞ هل سبق وقابل شخص دائما ما يسبق أفكارك بخطوة ويفكر بشكل أسرع وأعمق منك؟ إنها تجربة رائعة ومخيفة في آن واحد أن تنظر في عيني شخص أذكى منك بمستويات عدة. ❝
يتصل صديق قديم لعائلة المحقق k2 " راجنر سفيري بورتشمان" لإبلاغه بمعلومات مهمة تتعلق بالقضية وأن عليه مقابلته في مسكنه. وعندما يلتقيان، يطلب بورتشمان منه مشاركة ابنته القعيدة باتريشيا، البالغة من العمر تسعة عشر عاما، معلومات القضية لمساعدتها بذكائها وسرعة بديهتها وذكائها الاستثنائي.
بفضل تعاون باتريشيا الذكي ودمية التحكم التي تتحرك بتوجيهاتها k2، يكتشفان شبكة معقدة من الأكاذيب التي تربط جيران الضحية والضحية نفسه في المبنى السكني. كلما يتقدما في التحقيق، يضطرا إلى العودة إلى الماضي المظلم للنرويج خلال فترة الاحتلال النازي، يجدان تفاصيل كاذبة وإجابات متناقضة، ويجدان أنفسهما في قلب قصة معقدة، يبدو أن جميع الجيران لديهم دوافع لارتكاب جريمة قتل ضد شخصية أولسن، وهم بشكل أو آخر مرتبطون بالضحية!
وكلما يتعمقا في التحقيق ويجرون المزيد من المقابلات، تتكون صورة أوضح للألغاز المتشابكة في قصة العمل.
يتضح أن المحقق K2 أقل ذكاء من باتريشيا، وبصراحة، يبدو لي أنه مشتت وغير قادر على التفكير بشكل جيد بد لي أنه محقق عادي مثل معظم المحققين في الواقع وليس كهؤلاء في الروايات البوليسية والقصص.
كما أنه يعتمد تماما على استنتاجات باتريشيا ولا يتوقع أو يحلل الأمور بنفسه، لذلك ينجح في حل ألغاز القضية وملاحظة أسباب ارتكاب الجريمتين بفضل باتريشيا واستنتاجاتها.
ولأنه الراوي الذي يسرد لي القصة كان دائما يقف عند بعض المواقف أو الكلمات التي لمست قلبه فبد لي أنه ذبابة بشرية لديه ماض لا يستطيع العودة منه.
تدور الأحداث في مدة الحرب العالمية الثانية، حيث يعيش جميع سكان البناية في الماضي، («راندي هانسن»، «داريل ويليامز»، «سارة ساندكيفست»،“ كريستيان لوند ”و ”كارين لوند ”،“ كونراد جينسن”)
يتم وصفهم بأنهم "ذباب بشري"، حيث لا يمكنهم نسيان أي شيء حدث في الماضي ويعودون إليه مرارا وتكرارا. يعيشون في حلقة لا نهائية حول ماضيهم الأليم الذي أثر بشكل كبير على مستقبلهم، تماما مثل الذباب الذي يحوم حول شيء ما... نحوم حول الماضي هذه الفكرة تنطبق على جميع الشخصيات في الرواية وتجعلها العنصر الأكثر إثارة للاهتمام، الشخصيات حقيقية ولديها عيوبها، ويمكننا أن نتعاطف معهم أو نبغضهم، ولكننا سنتفهم ردود أفعالهم تماما.
وعندما نكتشف لغز اسم العمل الذي أوضحته باتريشيا، ستدرك بالتأكيد أنك أيضا ذبابة بشرية، وربما رأيت العمل من الجانب السياسي بشكل أكبر، وفكرت في كيفية تحول دولتي إلى ذبابة بشرية عملاقة بنظامها الذي تدور حول سلة الماضي ولا تخرج منها مثل أبطال العمل المدنيين والسياسيين والمحقق نفسه، مع أن صورته مبهمة في الرواية.
الرواية تأخذ القارئ في رحلة مثيرة ومشوقة، حيث يتغير التحقيق باستمرار بناء على كل تفاصيل صغيرة يتم اكتشافها، سواء كانت صحيحة أم خاطئة. وعلى الرغم من ذلك، يتوقع القارئ الأحداث ويكون توقعاته صحيحة، ولكن ذلك لا يؤثر على متعته بالقراءة. تقريبا تمكنت من تحديد هوية القاتل عندما كنت على وشك الانتهاء من الرواية.
تتناول الرواية الجوانب العميقة للطبيعة البشرية وتسلط الضوء على تأثير التاريخ والسياسة والذكريات. تستكشف القصة الأسرار الخفية في النفس والتحديات التي يواجهها الفرد في التغلب على الماضي وتشكيل مستقبل جديد. تسلط الضوء على القناعات والمظاهر الخارجية وتأثيرها على الحقيقة الداخلية للأفراد. وتشير إلى أن الجروح السابقة قد تستمر في الألم إذا لم تتم معالجتها بشكل صحيح.
▪︎رواية سياسية في إطار بوليسي، مزيج رائع من الإثارة والتشويق والتحليل العميق لمفهوم التعلق بالماضي، تأخذ القارئ في رحلة مثيرة ومعقدة إلى عالم ممتلئ بالألغاز والتآمر.
يتميز الكاتب بقدرته على تصوير الشخصيات بشكل واقعي وجذاب، مما يجعلها تترسخ في أذهان القراء خلال القراءة يحتوي العمل على أسلوب سردي متقن يبث الحماس والتشويق في كل صفحة ويجبرك متابعة القراءة لمعرفة المزيد والمزيد. وبسبب اللمسة الواقعية التي وضعها الكاتب مم المؤامرات السياسية المعقدة والمصاعب التي واجهت النرويج خلال فترة الحرب النازية وما بعدها، أضافت توترا وتشويقا إضافيا على الأحداث.
إضافة إلى ذلك، يتميز العمل بالعمق الفلسفي والاجتماعي، حيث يتم استكشاف القضايا السياسية بشكل متقن، تتيح الرواية للقارئ فهم التوترات والصراعات الخفية في الحكم وتأثيرها على الأفراد والمجتمعات.
▪︎ترجمة الرواية تجسد براعة وإبداع المترجمة، حيث حافظت على تناسق وجمال وعمق النص الأصلي وتنقله بدقة وروح فريدة. جسدت قدرات استثنائية في الترجمة الأدبية، وتحول الكلمات إلى لوحة فنية تجعل القارئ ينغمس في القراءة وينسى أن العمل مترجم، مجهود يستحق التمجيد والإشادة
▪︎هذه الرواية لا تقدم فقط عرضا مشوقا عن جريمة قتل يحلها محقق مثل شارلوك هولمز ومساعده، بل تقدم تاريخا حقيقيا كما أشار الكاتب في نهاية الرواية،- وتأتي مع فصل كامل تقديرا لعمته التي عاشت أحداثا مأساوية خلال الحرب النازية-، مغلفة بشكل بوليسي ممتلئ بالألغاز والمعلومات القيمة عن الحياة بعد الحرب النازية في النرويج. إنها بالتأكيد رحلة ممتعة بلا شك.
-
ماجد رمضان
مراجعة رواية ذبابة بشرية
اسم الرواية: ذبابة بشرية
اسم المؤلف: هانز أولاف لاهلوم
كاتب نرويجي شهير في أدب الجريمة، ومؤرخ، صارت كتبه من الأكثر مبيعًا في النرويج وهي تتألف من سلسلة جرائم من بطولة مفتش المباحث "كولبيورن كريستيانسين"، الشهير بـ “K2"، ومساعدته الشابة "باتريشيا" التي تسبق سنها برجاحة عقلها.
ترجمة: يارا أيمن.
دار النشر: العربي للنشر والتوزيع.
سنة النشر:2023
تصنف هذه الرواية بما يعرف بأدب الجريمة (Crime fiction) أو روايات التحري (Detective stories) أو الأدب البوليسي، وهو نوع أدبي يقوم على تحويل الجريمة إلى رواية أدبية شائقة من ناحية اكتشاف منفذيها ودوافعها وخباياها، وتعمل أحداثها المتتابعة الغريبة على حبس أنفاس القارئ منذ بداية الاطلاع حتى الصفحة الأخيرة.
وتعد روايات الأديب والناقد الأمريكي إدغار آلان بو، البدايات الحقيقية للرواية البوليسية الحديثة، وهي ثلاثية بوليسية، أشهرها الراوية الأولى (مقتل في شارع مورغ) عام 1841م، وهو الذي ابتدع الشخص الذي يحل لغز الجريمة بذكائه بناء على التفكير والمنطق والفراسة والتخمين.
غير أن شهرة هذا النوع من الأدب استقرت على يد الكاتب الإنجليزي (أرثر كونان دويل) صاحب شخصية المحقق الأشهر في تاريخ الأدب البوليسي (شارلوك هولمز)، ثم تأتي روايات الكاتبة الإنجليزية الشهيرة (أجاثا كريستي) لتتربع على عرش ذلك النوع من الأدب.
ملخص الرواية:
في الرابع من أبريل 1968، تم استدعاء المحقق "كولبيون كريستيانسين" إلى 25 شارع "كريبس" حيث تم العثور على " هارالد أوليسين" السياسي المتقاعد وبطل المقاومة النرويجي ووزير حكومة ما بعد الحرب، مقتولا بالرصاص في شقته، وسرعان ما وقعت الشكوك حول ستة مستأجرين آخرين بالمبنى، فهناك "راندي هانسن"، زوجة حارس المبنى "أنطون، وكذلك الزوجان الشابان كريستيان وكارين لوند، والطالبة السويدية الشقراء سارة سانكيفست، وأندرياس جولستاد، الذي كان قعيدا على كرسي متحرك، ودبلوماسي أمريكي يدعى داريل ويليامز، وسائق سيارة أجرة يسمى كونراد جينسن.
لم تسفر المقابلات الأولية التي أجراها المحقق إلا عن معلومات قليلة نسبيًا. بينما الدافع والقاتل وسلاح القتل كلها غير معروفة.
يتم الاتصال بالمحقق فجأة من قبل صديق قديم للعائلة، والذي يطلب منه مقابلة ابنته باتريشيا البالغة من العمر 18 عامًا والتي تجلس على كرسي متحرك. تكشف شخصية باتريشيا عن ذكاء خاص وموهبة استخدام العقل والمنطق، لذا فهي تريد مساعدة المحقق في عمله.
وكلما توغلنا في القراءة ومع تتابع الأحداث، نرى أن كل شخص من المشتبه بهم تقريبًا لديه دافع للقتل. وتبدأ الروابط بينهم في النمو ويثور في ذهن القارئ التساؤل عما إذا كانوا جميعًا متورطين في الجريمة.
وتنفك تدريجيًا شبكة الأكاذيب المحيطة بهم من خلال أقوالهم المتضاربة في التحقيق والتي تنبأ بوجود قصص خفية قد تشين أصحابها ولا يرغب أحد لها في الظهور.
وبظهور أدلة جديدة، والتي تعود إلى أحداث وقعت في أثناء الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى العثور على مذكرات للقتيل، نكتشف أن الماضي لم ينتهِ بعد ويحمل الكثير من المفاجآت التي ما زال وقعها قائمًا، والتي كان لا بد من سبر أغوارها وحل جزئياتها التي تتضح تباعا حتى جلاء الخفايا عن آخرها ورفع الستار عن الجاني.
( غني عن القول إني تجنبت استعراض الرواية وأسقطت عمداً عرض تفاصيل فيها ــــ على الرغم من أهميتها في الاقتباس ــــــ حفاظاً على متعة التشويق التي هي حق القراء ).
قد يدهشك عنوان الرواية، ولكن تزول الدهشة عندما تصل إلى وصف باتريشيا مساعدة المحقق المشتبه بهم بأنهم "ذباب بشري" وتفسر ذلك قائلة “أنه هناك العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدأ، فيصبحون ذبابا بشريا، ويقضون الباقي من حياتهم نوعا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب حول جثة متعفنة فوق القمامة".
وهي لمحة دقيقة للغاية نحو محاولة تفسير سلوكيات الشخصيات، ويتم الإشارة إلى هذا المعنى في مواضع عديدة من الرواية تم اختيارها بدقة شديدة لتوفر للقارئ فرصة للتأمل والتفكر في دوافع الجريمة.
التحليل الفني:
إذا كان لكل نوع من أنواع الرواية قواعده العامة التي تحافظ على تماسكه وتميزه عن غيره، فإن أدبيات الرواية البوليسية تحدد لنا أهم العناصر التي تُبْنًى عليها، مثل المشهد الافتتاحي، الجريمة، مسرح الجريمة، المجرم، الضحية، المحقق، المشتبه بهم، الصراع، الأدلة المضللة وتحقيق العدالة:
المشهد الافتتاحي: نجح الكاتب منذ الأسطر الأولى في دمج القارئ في الحدث، بوصف المبنى والشقة " مسرح الجريمة "، ووصف الجريمة "جريمة الغرفة المغلقة"، ووصف الزمان، وكان التعريف بالشخصيات المشتبه بهم شديد الثراء ووضعهم كلهم في موقف الاشتباه، مما مكنه من جذب اهتمام وتركيز القارئ، فقلّ ما يبدأ أحد بقراءة الرواية ويتركها قبل أن ينهيها مرة واحدة.
أسلوب السرد:
- يتم سرد الرواية بضمير المتكلم بواسطة المحقق نفسه، الذي حاول التقاط أسلوب وروح أجاثا كريستي، فلدينا أحداث سريعة الحركة في الغالب، مع وتيرة مقبولة ومفاجآت تصعد الصراع.
- شاب هذا السرد أنه يتكرر مرارا على وتيرة واحدة، حيث يقوم المحقق "كولبيون كريستيانسين" بمقابلات مع المشتبه بهم، ثم استشارة باتريشيا، ثم العودة إلى مقابلة نفس المشتبه بهم ومن ثمً استشارة باتريشيا، وهكذا دوليك، مما يصيب القارئ ببعض الملل.
- ومع بداية الربع الأخير من الرواية يدرك القارئ من هو القاتل على الرغم من أن كريستيانسين يبدو غافلا، وباتريشيا صامتة والكاتب يحاول تضليل التوجيه، والنتيجة هي أن الربع الأخير بدا مفتعلا بعض الشيء.
- استخدم الكاتب بعض تقنيات السرد بالمزج بين السرد المباشر والحوار في رسم الشخصيات والكشف عن مواقفها من الحوادث، واستحضار الحلقات المفقودة منها، وكذلك الاستفادة منه في تطويرها.
- أجاد استخدام الوصف فوصف (مسرح الجريمة، وجلسة قراءة وصية القتيل ـــ والطبيعة عند الحدود بين النرويج والسويد).
- استعان بتقنية الأدلة المضللة أو "الرنجة الحمراء" وهو مصطلح مشهور في عالم كتابة روايات الجريمة ويشير إلى مغالطات أو مفاتيح مزيفة لحل الجريمة تقدم بغرض خداع المحقق والقارئ أحيانا وصرف وجوههم عن المجرم الحقيقي، عندما تم العثور على أحد المشتبه بهم ميتا في شقته المغلقة، ومصابا برصاصة في رأسه، وأمامه على الطاولة رسالة انتحار واعترافا بقتل " هارالد أوليسين".
- كما أنه استخدم تقنية الاسترجاع( Flash back ) عندما قام المجرم الحقيقي باسترجاع ذكرياته مع المجني عليه موضحا سبب إقدامه على الجريمة.
- المقابلات مع (مستشار السفارة الامريكية ـــ قاضي المحكمة العلياــــ أمين حزب العمال)، كانت سببا في بطء وتيرة الصراع، ولو تم حذفها لما كان لها تأثير على سياق الاحداث، وربما لكون الكاتب مؤرخا أردا أن يضيف للرواية بعدا تاريخيا.
- يلاحظ أن لغة السرد فاقدة للبريق الأدبي لا سيما في استعمال المفردات أو تركيب الجمل والفقرات والصور البليغة، وأعتقد أنه ليس مطلوبا من كاتب الرواية البوليسية أن يكون مهتما بتركيب الجمل وصياغتها بقدر ما هو مطالب بإظهار عنصر التشويق والحبكة في الرواية.
الحبكة الروائية:
الحبكة في الرواية متماسكة، وتعتمد على الحدث، فجاءت الأحداث مترابطة ومتماسكة بحيث أن الحدث الأول يؤدي إلى الحدث الموالي، واللاحق منها يعتمد على السابق، ولكنها لاتصل إلى حد الإبهار وحبس الأنفاس.
وتتكامل الحبكة بتقاطع الحكايات عن شخوص الرواية والتي تم تقديمها إما على لسان الشخصيات ذاتها سواء أثناء التحقيق معهم أو عن طريق الراوي نفسه. وأفلت من الكاتب حادثتين أرجع حدوثهما للصدفة (انتقال "كريستيان لوند" أحد المشتبه بهم إلى العيش في بناية "كريبس" مسرح الجريمة، واكتشاف سارة الشابة السويدية أنها تعيش في البناية نفسها مع بطل مقاومة قديم).
وختاما:
قد يرى البعض أنه بعد انتهائه من قراءة الرواية لم يتحصل على أي رسالة أو قيمة أراد الكاتب إيصالها للقارئ، وهذا حقيقي، ولكن من المعلوم أن تأثير أي نص يتحقق من خلال طيف واسع يبدأ بتحقيق المتعة دون تقديم أية رسالة. فالمتعة في حد ذاتها رسالة كافية في كثير من الأحيان، والرواية هي فن ترفيهي في المقام الأول، إن انتفى عنه ركن المتعة تهاوى مهما كان علوه. ثم ترتقي مستويات التأثير لتتخطى المتعة، وتمتد إلى الفكرة والرسالة، وقد تصل إلى التحدي وقلب الموازين وبلبلة الأفكار.
وقارئ القصة البوليسية يجد لذته في البحث عن الأسرار وحل الألغاز. ولا شك أن هذه الرواية قد وفرت له قسطا من اللذة التي تبعث السرور في نفسه.
-
دنيا محمد نجيب
ذبابة بشرية
الكاتب : هانز اولاف لهلوم
القاتل : مجهول حتي تنكشف أركان الجريمة !
القتيل : هارالد اوليسين (شخصية بارزة ومعروفة كسياسي و بطل شعبي قديم)
المكان : بناية شارع كريبس شقة 3أ
المحقق :كولبيورون كريستيانسين
المشتبه بهم :
*كونراد جينسن / علي راس قائمة المشتبهين كون له سابقة تاريخية مظلمة عندما كان عضوا في الحزب النازي النرويجي و ضلَّ لهذا السبب طوال حياته متهماً ومحاصراً بالخوف لإنه كان نازياً في عهد قديم (عندما تكون بلا عائلة ولا اصدقاء!!) ..حتى أنه أسمى سيارته التي يعمل عليها "بيتر" وعقد صداقة روحية معها وهذا الجانب رغم قصره وذكره عرضا إلا انه كان ذا أثر !
*سارة ساندكيفست/،طالبة سويدية يهودية ماكرة وساحرة الجمال والتي لم تكن بعيدة عن الاشتباه كونها تكتشفت ان لها علاقة ما بالقتيل تتفكك اركانها رويداً رويداً .
*داريل وليامز / دبلوماسي اميريكي الذي يقطن في الطابق نفسه الذي قطن به الضحية يبدو بعيداً عن الأحداث مدعوماً من سفارته بقوة ولكنه بطريقة ما كان طرفاً في نزاع قديم وإن لم يكن سياسياً
*الزوجان لوند (كريستيان و كارين) كم نجحا طوال الوقت في اظهار صورة الزوجين المتحابين المتوافقين تماماً .. زوج ناجح وسعيد وزوجة لم تعرف الا الترف والسعادة، ولكن... نقِّب خلف النجاح تجد آثاراً قميئة يلتف حولها ذباب العقل الباطن ويتجمل بقناع زائف!
*اندرياس جولستاد / قعيد يسكن الطابق الأرضي ودود وراقي ومكتفي مادياً وكريم بشكل ملحوظ وهادئ السمات لايعكر صفو هدوئه سوى ذكرى من الحرب تركت اثرا غائرا علي قلبه وملامحه كلما تذكرها واكن هل الي مدى يمكو ان تستهين يقعيد ؟!
*زوجة حارس العمارة / كانت كذلك ضمن المشتبهين رغم بساطة حالها وحرصها على خدمة وراحة الجميع إلا ان تاريح زوجها المحتضر كان ذا صلة وثيقة بالحرب ..إذ خلّفتهُ خرقةً بالية، ينازع الموت في أخريات أيامه وتركت لها عوزاً كانت تنجح بتغطيته لطريفة ما من خلال عملها في خدمة السكان
*باتريشيا بورتشمان /بالطبع لم نكن ضمن المشتبهين لكنها فتاة حادة الذكاء من معارف المحقق القدامى ووحيدة ابويها، سمحت له الظروف باللقاء معها بعد سنوات عدة ليكون لها دوراً اساسياً في كشف ملابسات الجريمة فهي فضلاً عن ذكائها، مدمنة للروايات البوليسية والجريمة وكشف الغموض -وإن حرصت على إبقاء أمر مساعدتها له سراً- كونها قد اعتزلت المجتمع بعد إصابتها في حادث حولها لفتاة قعيدة حبيسة كرسيها المتحرك وغرفتها بعد ما كانت شعلة نشاط .. وسنجد أثر آجاثا كريستي ومقولات شارلوك هولمز حاضرة وبقوة
يبدا التحقيق في جريمة مقتل هارالد اوليسن الغامضة
* في ليلة الخميس الرابع من ابريل 1968 من قبل محقق شاب حرص ان يعمل بجد في قضيته الاولى في تاريخه المهني ليكشف ملابسات جريمة غامضة سلاحها مفقود وملابساتها تزداد تشابكاً كلما طرحت التساؤلات ولكنها تسحبك في الوقت ذاته بسلاسة لتغوص في خلفياتها التاريخية والتي كانت الحرب العالمية العنوان الرئيس لها.. وما ادراك ماالحرب؟! وهل هم حقا ناجون ام انهم ذباب بشري يحوم حول ماضيه بنفس قوة حرصه علي ارتداء قناعٍ زائف (ذباب بشري)
"ذبابة بشرية" !!.. بدا للوهلة الأولى بالنسبة الي عنوان غريب!.. ولو أنه بعد قليل من الوقت تدرك المعنى وتفهم أن الجميع كانوا ذباباً بشرياً يحوم حول ماضيه التعيس بطريقة ما ، ماضٍ سببته الحرب اللعينة وطبعته الظروف ودمغه الاشخاص، ورغم أن الجريمة حدثت ف الستينات إلا أنها عادت بسرد تاريخي متقن لفترة اربعينات القرن تحديدا بين عامي 1944 -1945 ابان الحرب العالمية الثانية
اذاً فنحن أمام عمل روائي جمع بين سرد تاريخي وجريمة قتل غامضة أفرادها المشتبه بهم هم خليط من ابطال مقاومة وناجين ولاجئين ومهمشين وملاحقين بذكرياتهم المريرة تتعلق كلها بماض ظل ينخر فيهم رغم سمتهم الجديد .
تجد نفسك تشارك المحقق في الشك في كل شخصية إثر تحليل دوافعها و سير الأحداث يجعلك تشكك في الشخصيات جميعاً واحدة تلو الأخري بدوافع مقبولة لاحتمال ان يكون ايا منهم هو القاتل !
تنفك العقد، لتعود وتتشابك ثم تخطو خطوات جديدة متقدمة ومترابطة تساهم في فك الألغاز رويداً رويداً ... معطف واقي من المطر ،، رموز مذكرات ،، أسماء حركية ،، ورسائل انتحار !
مواقف بطولية لسنوات تنهار أمام موقف ضعفٍ وخيانة واحد ! ، أو جريمة قتل لا يدرك صاحبها من هلعه لحظتها لماذا ارتكبها .. فتكون كافية لجلد ذاته ليلة بليلة بالكوابيس والذكريات حتى تسلمه للهلاك!"
ورغم ذلك ..
لايخلو الأمر من تعاطف مع عديد من الشخصيات
إذ تنعطف بك الإحداث الى الجانب الانساني الذي يجعلك لا تدين اشخاصاً رغم ارتكابهم جرائم متباينة، بل تتعاطف معهم إذ تدرك أنهم كانوا مدفوعين من واقعهم المضطرب أو خائفين مطاردين !
وفي غمار ذلك كله...
تختبر الاحداث ذكاءك عندما يُخيل اليك أن اللغز قد حُلًّ ببساطة.. ولكن غريزتك تشكك!!
وتضيء ومضات من العاطفة خلال الأحداث لتغلف الأحداث بغلاف شفيف..
ذكريات الحرب الموجعة في الجزء الاخير من القصة عندما يتم التعرف على القاتل تجعلك تلقائياً تلعنها وتتخيل كيف كان ليكون كل شخص مبدعاً بمواهبه ومتزناً في ذاته وذهنه،، لولا بشاعة الحرب وتبعاتها .
أمـا ختام الرواية، فكان رائعاً بحق ومتقناً ومقنعاً ولايمكنك أبداً الا تتعاطف مع المجرم
..ولا يمكنك ألا تدينه أيضاً !
الرواية رغم ماتلبَّسها من غموض إلا أنها كانت ممتعة وتحمل في طياتها رسائل إنسانية وتدوينة لما يمكن أن يخلّفه آثر الحروب من خراب ممتد الأمد في النفوس، وكيف يمكنها أن تأخذ بصاحبها إلى اللحد حتى بعد أن يعم السلام بعقود!
وبرغم أنها قراءتي الأولى لهذا النوع من الأدب إلا أنها كانت أكثر من مجرد رواية جريمة وغموض وهذا مايحدث عندما يكون الكاتب مؤرخاً واديباً
علي الجانب الآخر ..
أعتقد اني صرت منفتحة الآن على هذا العالم ومستعدة لقراءة المزيد من هذا التصنيف سواء للكاتب او لملهمة "باتريشيا" آجاثا كريستي
تسـاؤل هـام :
هل يمكن حقاً التخلص من الماضي والتحايل علي العقل الباطن لتعيش حياة طبيعية ممتلئة لا تقرعها طبول كوابيس الذكريات كل ليلة؟! .. وإن كان ممكناً أليس ذلك بشروط قد يكون ثمنها أكثر من باهظ ؟!!
اقتباسات :
❞ أعتقد أن «هارالد أوليسين» نفسه كان من وراء بدلته وقناعه ذبابة بشرية، ولدي شك كبير أنه قُتل على يد ذبابة بشرية أخرى. ❝
❞ وجدت نفسي أتساءل ما الذي قد فعله رجل ميت في كل آلاف الساعات التي لا بد أنه قضاها هنا على مر السنين إلى جانب تناول الطعام، والتدخين، ولعن حظه. ❝
❞ أعلم أن بكاء رجل بالغ مثلي على سيارته أمر مثير للشفقة، ولكن «بيتر» كانت كأنها الشخص الوحيد الذي يمكنني الوثوق به، إن كنت تفهم قصدي. عندما تذهب إلى ساحة الخردة لن يكون لدي أي صديق. ❝
❞ رأيت أبي الحبيب لآخر مرة في تلك الليلة، وهو يبتعد برفقة الجنود. أطلقوا عليه النار بعدها بأسبوع. فقدت براءة طفولتي والكثير من إيماني بالإنسانية في اليوم الذي أطلق فيه الألمان النار على والدي. ❝
-
Rayane Mo
اسم العمل: ذبابة بشرية
الكاتب: هانز أولاڤ لهلوم
ترجمة: يارا أيمن
دار النشر: العربي للنشر والتوزيع
تاريخ النشر: 2023
نوع العمل: رواية بوليسية سياسية اجتماعية
عدد الصفحات: 556 على أبجد
تصميم الغلاف: أحمد خلف
مقدمة: أعجبني هذا الرأي بشكل خاص يقول إن للرواية تأثير غير مباشر؛ فعندما تنتهي منها تبدأ في التخمر داخلك؛ كأنك مررت بتجربة وبعد وقت طويل تصبح جزءا من ذاتك؛ فالرواية تحفز الخيال؛ وتعيش جميع المشاعر معها؛ تعيش الفرح؛ الخوف والحزن الذي تعيشه تلك الشخصيات؛ كما تقول الكاتبة والروائية البريطانية دوريس ليسينغ: " يبدو أن قراءة القصص الخيالية يتيح لك العيش في أدمغة الٱخرين".
وهذه الرواية أو كما يقال النص الأدبي تحمل الطابع البوليسي السياسي الاجتماعي؛ وكما معروف عن هذا الطابع الممزوج أن قوامه التشويق والاثارة ووصف حياة الإنسان خلال فترة زمنية محددة ومناقشة الافكار السياسية. وهي جنس أدبي حديث العهد مقارنة مع أجناس أخرى ضاربة في القدم؛ ويعود أصول هذا النوع إلى أصول أجنبية؛ ولها قاعدة جماهيرية كبيرة لما تحمله من متعة الحكي والخيال والمشاركة في فك الألغاز ومناقشة القضايا السياسية.
وتكمن جمالية النوع من هذا الروايات في جذب القارئ وإدخاله في مغامرات عقلية؛ وتمارين فكرية؛ واندماجه مع الشخصيات في محاولة منه تفكيك اللغز وإبداء فكره السياسي.
وهذا ما دفع العديد من النقاد إلى تسميتها أدب التسلية.
الملخص:
تدور أحداث الرواية في الفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وما حدث في تلك الفترة من حروبات أثرت في العالم وتركت ذكريات في نفوس الشعوب؛ وكانت عامل رئيسي في تغيير حياتهم.
في الوهلة الأولى عند قراءة هذا العمل الأدبي يخيل إلينا -نحن القراء-أننا فقط أمام جريمة قتل ويحتاج منا إلى تفكيك اللغز لمعرفة من هو الجاني والمجني عليه؛ ولكن... بمرور الأحداث سنجد أننا أمام مزيج من الأحداث السياسية والاجتماعية والتاريخية.
تبدأ أحداث الرواية باتصال هاتفي للمحقق كولبيرون كريستينيان بخصوص جريمتي قتل. وكما جاء في قوله أن حادثة قتل هارالد أوليسيون السياسي السابق يوم عيد الفصح 4 أفريل 1968 بعمارة سكنية في شقة 25 شارع كريبيس اهمية كبيرة في حياته وحياة المتضررين.
تبدأ سلسلة التحقيقات والتحري. والتوقع هو أن القاتل هو أحد قاطني هذه العمارة السكنية. والكل داخل دائرة الشك. ومن خلال هذه التحريات مع المشتبه بهم يظهر أن هناك تناقضات في أقوال ولكل فرد منهم -ماضي مخفي- لا يريد لأحد معرفته إلا إذا كان بإرادته. وهنا تكون قد دخلت داخل-الذبابة البشرية- وإخفاءك للأسرار المظلمة والعيش داخل ذكرياتك لوحدك ومحاط بالذباب البشري من حولك.
تحليل عنوان الرواية:
تعتبر علاقة العنوان بالرواية علاقة انعكاسية إيحائية وهو أول ما يصادفه المتلقي في أية عملية قرائية. والحقيقة أن العنوان غامض؛ لربما تكون روايات الغموض من أكثر أشكال العمل الروائي جذباً للقرّاء، ومن أكثر أشكال الكتابة متعةً للكاتب المتمكن وأكثرها صعوبة وإثارة.
اللغة والسرد: تتميز لغة الكاتب بالبساطة والسهولة والدقة، كما تتميز بفصاحتها وخلوها من الغرابة والصعوبة. واتبع الكاتب أسلوب السرد الراوي الغائب بمعنى أن الكاتب او الراوي على علم كافي بكل التفاصيل، إذ يتوغل في عقول وصدور الشخصيات ومعرفة نواياهم وكان المحقق هو الذي إتخذ دور الراوي.
شخصيات الرواية: تحتل الشخصية مكانة مهمة في بنية الشكل الروائي. متمثلين في المحقق كولبيورن كريستينسين؛ الجاني والمجني عليه وباتريشيا وسكان العمارة وشخصيات أخرى كان لها دور فعال في الاحداث
المكان: يمكننا النظر إلى المكان بوصفه شبكة العلاقات والرؤيات ووجهات النظر التي تتضامن مع لعضها لتشيد الفضاء الروائي؛ فالمكان يكون منظما بنفس الدقة التي وصفت فيها العناصر الأخرى؛ المتمثل في مكان وقوع الجريمة وهي شقة في عمارة سكنية في شارع كريبس. والوصف دقيق لهذه العمارة ليضع لنا التصورات ويساعدنا في حل اللغز.
الزمان: يُعدُّ الزمن عنصراً مهماً إلى جانب بقية العناصر السردية , إذ يسهم في تحديد طبيعة الرواية وشكلها وبنيتها و يعدُّ " مكوناً اساسياً من مكونات الشكل الروائي " إنّ الزمن هو الذي يحدد الدوافع المحركة مثل السببية والتتابع واختيار الأحداث , وكانت الاحداث مرتبة بين الماضي والحاضر ويرجع هذا لاسلوب الاسترجاع والسرد الاستذكاري الذي سبقهُ تعريف بالزمن مدخلاً للبحث , الاسترجاعات كان فحواها متعلقاً بأحداث سبقت زمن المتكلم الحاضر
تقييم الرواية: لا يختزل العمل الروائي في نص سردي قصصي، بل قدم لنا الكاتب نبذة تاريخية عن مكان وقوع الأحداث، مع ادخالنا في متاهات التنظيمات السياسية التي سادت آنذاك، انتقل بنا بسلاسة بين حاضر الشخصيات وماضيهم ودواخلهم. وترك الغموض سائد لنا وهذا أكثر ما أعجبني لأنه ترك لي مساحة من أن اكون أنا مكان المحقق في حل اللغز وعيش مغامرة من التشويق والإثارة
-
รµε օตɾαղ❧❣☘❣❥❧
المراجعة بقلم رُواء سيد ولكن تم نشرها من هذا الأكونت (الذي قرأت منه الرواية)
سيداتي وسادتي، نحن اليوم أمام رواية بوليسية جديدة، من ذلك النوع الفاخر الذي يكون فيه القاتل أمام عينيك طوال الوقت ولكنك لا تشك ولو للحظة أنه هو الفاعل.
تحت سماء مدينة أوسلو وتحديدًا عام 1968 حيث بناية شارع كريبس، يدوي صوت رصاص وتقع الجريمة مخلفةً وراءها جثة (هارالد أوليسين) السياسيّ السابق الذي لم تستطع شهرته درءَ الخطر الذي تربصّ به وأرداه قتيلًا.
وتبدأ الأسئلة بعدها في التصاعد واحدًا تلو الٱخر، هل هو انتحار أم قتلٌ متعمّد؟ وإن كان بالفعل انتحارًا فلماذا يغيب المسدس عن مسرح الجريمة؟ وإن كان قتلًا فكيف استطاع القاتل الهروب دون أن يراه أحد؟ هل كان القاتل من داخل أم خارج المدينة؟ وما الدافع وراء القتل؟ بغرض مال أم انتقام؟ هل استطاع أوليسين التعرّف على الوجه الأخير الذي رآه قبل مماته أم كان قاتلًا مستأجرًا؟ كلها أسئلة تجد عقلك فجأة مزدحم بها وعقل المحقق كريستانسين -الذي وجد نفسه فجأة متورطًا داخل جريمة قتلٍ معقدّة- لم يكن أقل ازدحامًا وفوضى.
نسيرُ مع المحقق شقةً شقة، نقابل معه جارًا تلو الٱخر، ونزداد تورطًا شيئًا فشيئًا، نلتقي في البداية بزوجة الحارس (راندي هانسن) التي تدوّن مواعيد حضور ورحيل سكان البناية جميعهم بدقة متفانية، نمرّ بعدها بـ(داريل ويليامز) الذي يقاسم الطابق الثاني مع أوليسين والذي يعمل لدى السفارة الأمريكية ويقضي معظم وقته في عمله، ويعود إلى شقته وكأنها زيارة قصيرة. أما في الشقة القابعة أسفل أوليسين مباشرة فقد عاشت الٱنسة (سارة سانكيفست) وهي طالبة عشرينية يافعة، سويدية يهودية، تبدو منعزلة وحذِرة أغلب الوقت ولكنها ودودة تبعًا لملاحظات السيدة هانسن.
وعلى الضفة الأخرى من المبنى ولكننا ما زلنا في نفس الطابق، نقابل (الزوجين لوند) اللذين قد حظيا بمولودٍ منذ فترة وجيزة ويبدو أن السعادة العارمة لا تزال تعمّ زوايا شقتهم. وأخيرًا وصلنا إلى الطابق الأرضي، حيث يسكن (كونراد جينسن) عازبٌ يبلغ الخمسين ربيعًا وسائق سيارة أجرة ونازيّ سابق. وها نحن أمام الساكن الأخير، (أندرياس جوستاد) الذي كان يحيا حياةً هانئة يعتمد فيها بشكلٍ كليّ على ميراثه، تبدو الصورة مثالية إلى أن تأتي عينيك على قدميه وتكتشف إعاقته، وأنه يعجز عن السير خطوة بدون كرسيه المتحرّك.
كان هذا الكمّ من الشخصيات -المشتبه بهم- قادرٌ على منحِ أي رواية وخاصة إن كانت بوليسية نكهةً مختلفة، اختلاف ردود أفعالهم وتصرفاتهم، اختلاف حكايا ماضيهم التي تلقي بظلالِها على حاضرهم جميعًا، هذا بالضبط ما يصنع حبكةً تطبَخ على نارٍ هادئة، ويصنع لنا وجبةً لذيذة.
”العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدًا، يصبحون ذبابًا بشريًّا، ويقضون الباقي من حياتهم وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة.“
يمضي كريستانسين قدمًا في التحقيق بمساعدة باتريشيا؛ فتاةٌ قعيدة مولعة بالروايات البوليسية ولكن وحدها تملك القدرة على كشف اللثام عن قاتل محترف يحسب كل خطوة يخطوها، ولكن باتريشيا كانت دومًا تسبقه بخطوة وتعلم حركته القادمة. وحينما يوشك المحقق على اكتشاف قاتل أوليسين، تقع جريمةً أخرى في البناية، ولكن هذه المرة يترك القاتل وراءه أدلة كافية لفضح أمره، وإنهاء الكابوس الذي امتدّ لإحدى عشر يومًا أخيرًا.
(ذباب بشري) هي رواية عن خبايا الماضي، عن الكره الذي إن لم تزيل ٱثاره من قلبك سيتفاقم وتخرج الأمور عن السيطرة، وبالأكثر، هي روايةٌ عن مدى تشابك العلاقات البشرية وكيف يمكن لكل الذباب البشريّ ذاك أن يجتمع تحت سقفِ بناية واحدة!
-
Yousif Alenzi
لم اكن متحمسا جدا لقراءة هذه الرواية لعدة اسباب أهمها:
- المؤلف : هانز اولاف لاهلوم مورخ تاريخي وسياسي وتعتبر هذه الرواية الاولى له ولم يحز المؤلف على اية جوائز تقديرية على روايته هذه او على اعمال أخرى له.
-نوع الرواية : من المتعارف عليه ادبيا بان الروايات البوليسية تقرأ فقط للتسلية فالعلاقة بين القارئ والرواية البوليسية علاقة مؤقته تنتهي فورا بانتهاء قراءتك للكتاب واذا ما تم حرق الاحداث لك وعرفت شخصية القاتل فلن تكن لك تلك المتعة بقراءة الكتاب
- عنوان الرواية : العنوان كان مستفز جدا وتشعر بان هناك نظرة دونية لبعض البشر حتى تشبهم بالذبابة.
ولكن على الرغم من تلك الاسباب كانت هناك اسباب اخرى دفعتني لقراءة هذه الرواية والسبب الرئيسي هو مسابقة ابجد لكتابة المراجعة وميزة هذه المسابقه بانها تعطي القارئ دافع للقراءة ومعرفة قدرته على كتابة مراجعة لكتاب ما والسبب الاخر هو ان الكاتب نرويجي الجنسية وكما هو معروف بانهم أحيانا يتميزون بإضافة تجديد ما وخاصة في كتابة الرواية ولديهم نصيب جيد من جوائز نوبل في الادب .
تبدأ الرواية كما هو متعارف بالروايات البوليسية بجريمة قتل في مبنى ما ، وتكون هناك الشخصية الرئيسية وهو المحقق "كولبيورن" وهو المسؤول عن سرد القصه وكيف يقوم باستجواب الشهود والذين جميعهم تحوم حولهم الشبهات بمساعدة فتاة وهي "باتريشيا" الشخصية الثانية لمعرفة القاتل. وبعد نهايتي لقراة الرواية أستطيع ان أقول بان الكاتب لم يضيف شئ جديد بل انه صاغ الرواية صياغة تقليدية جدا للرواية البوليسية على الرغم من ذكره بانها رواية تاريخية بوليسية ولكن للاسف لم يكن هناك حدث تاريخي وبسببه تمت جريمة القتل الا انه حاول انه يربط بعض الحوادث التاريخية بالجريمة، وبما ان الروايات البوليسية تستخدم تقنية واحدة في الكتابة من خلال المحقق الرئيسي ومساعده استخدم الكاتب هذه التقنية ولكن للأسف منح الشخصية الثانية وهي المساعدة "باتريشيا" القدرة على كشف غموض الجريمة وتحولت الشخصية الاولى لمجرد محقق يستلم الاوامر من مساعده ، وبما أن الكاتب يعمل في المجال السياسي كان من الواضح جدا التزلف لمثلث القوى العالمي وهم أمريكا واليهود والنسوية بحيث انه اطلق على البيت التي تقيم فيه المساعدة "باتريشيا" بالبيت الأبيض والذي تأتي منه الحلول، ومن جانب آخر ولان الرواية من سلسلة روايات سيطلقها الكاتب والتي ستسمى ب "كي٢" فمن الواضح الاستعجال في الكتابة وعدم منطقية الحبكة وتحول البطل لقاتل والحوارات بين الشخصيات لم تكن على المستوى عالي من المهنية الأدبية وتدل على عدم تمكن الكاتب من ذلك، وأخيرا لم تكن الترجمة موفقة جدا وكأنها ترجمة حرفية على سبيل المثال "مركز الشرطة الرئيس" والمفروض الرئيسي، "نظارتي المكبرة" والمقصود المنظار، "مقتل رجل عجوز ضربا بالرصاص" والمقصود هنا رميا ، ومن المثر للشفقة بأن الكاتب أعاد عنوان الرواية "ذبابة بشرية" كثيرا داخل النص وكانه يحاول بشكل ما ترسيخ عنوان الرواية في ذاكرة القارئ من العبارات الجميلة التي صادفتها "لكن بالنسبة لي أمي لم تكن نازية أبدا، بل كانت أمي فقط" ، وأخيرا الرواية تستهدف فئة المراهقين وتقييمي لها نجمتين فقط .
-
اسد مصر
رواية "ذبابة بشرية" هي عمل أدبي استثنائي يقدم نظرة تأملية عميقة في الطبيعة البشرية وتفاعلها في ظروف العزلة والضغط الاجتماعي. تتناغم الشخصيات بتفرد وتعكس مدى تعقيد العوامل التي تؤثر في سلوكها وقراراتها. من خلال التطورات المتسارعة والرموز الرمزية، يوجه وليام غولدينغ نقدًا عميقًا للطبيعة البشرية وقدرتها على الفوضى والتحولات المذهلة تحت ظروف الأزمات.
اللغة الروائية المستخدمة تبرز براعة الكاتب في التعبير عن الأحداث والمشاعر بشكل دقيق ومؤثر. يتمتع الكتاب بقدرة استثنائية على رسم صور واقعية للمشاهد والأماكن، مما يسمح للقارئ بمشاركة الأحداث بشكل حميم وتجربة العالم الذي تدور فيه الأحداث.
تظهر الرواية أيضاً قدرة الكاتب على استخدام الرمز والميتافورا بشكل متقن لتعزيز الرسائل والموضوعات الرئيسية. تحفل العمل بعمق فلسفي يطرح تساؤلات حول الأخلاق والإنسانية والقوى الداخلية التي تحكم سلوكنا.
بشكل عام، تعتبر "ذبابة بشرية" تحفة أدبية تجذب القارئ إلى عوالم معقدة وتترك في نفس الوقت مساحة للتأمل والتفكير في أعماق الإنسان والمجتمع.
بشكل عام، تعتبر "ذبابة بشرية" تحفة أدبية تجذب القارئ إلى عوالم معقدة وتترك في نفس الوقت مساحة للتأمل والتفكير في أعماق الإنسان والمجتمع. تعكس الرواية بشكل مدهش كيف يمكن للظروف الخارجية أن تؤثر بشكل كبير على سلوك وقرارات الفرد، وكيف يمكن أن تتحول الأوضاع الساذجة إلى مأساة حقيقية.
من خلال تصوير الشخصيات وتطورها، يبني الكاتب جسوراً تعاطفية مع القارئ، مما يجعله يعيش الصراعات الداخلية والتحولات مع الشخصيات. كما تبرز الرواية الأسئلة الأبدية حول الخير والشر، وقدرة الإنسان على التحكم في مصائره.
بالإضافة إلى ذلك، تُظهر "ذبابة بشرية" القوة الفعّالة للأدب في استعراض المشكلات الاجتماعية والنفسية العميقة. تمزج بين الوجه الظاهر للقصة والرموز الرمزية بشكل متقن، مما يتيح للقارئ فهم أبعاد متعددة وتأملات معمقة.
باختصار، "ذبابة بشرية" لا تُعتبر مجرد رواية، بل تعتبر تجربة أدبية استثنائية تترك أثراً عميقاً في نفس القارئ وتفتح نوافذ للتفكير النقدي والتأمل في أسرار الإنسانية.
التحليل العميق للشخصيات والمواقف يضفي على الرواية طابعاً فلسفياً يجعلها تستحق الاطلاع والدراسة المتأنية. كما تثير الأسئلة التي تثار في ذهن القارئ حول القوى الداخلية والضغوط الاجتماعية موضوعات مهمة تستحق التأمل.
توفر الرواية أيضاً نظرة نقدية حادة على التفاعلات الاجتماعية والأنظمة القائمة، مما يجعلها ليست مجرد حكاية بل درساً في علم الاجتماع وعلم النفس البشري.
في النهاية، إن "ذبابة بشرية" ليست مجرد قصة تسلية، بل هي تحفة أدبية تستحق الاستمتاع بها والتفكير فيها بعمق، وستظل تثير الحوارات والنقاشات حول أعماق الإنسانية للأجيال القادمة.
-
Sama Ziada
الماضي لا يموت
بداخل كلاً منا حياة سابقة بداخلها سرٍ ما، عقدة طفولة، مراهقة، أي شئ تظل ملازمة له طوال عمره، ولا يتعافى منها أبدً.
وهو ما أرادت هذه الرواية البوليسية الرائعة للكاتب هانز أولاف لهلوم أن تقوله إجمالاً.
فالرواية تدور عن جريمة قتل حدثت في بناية بشارع ما من شوارع النرويج، ضحيتها بطل قومي ووزير سابق.
طالت أصابع الإتهام جميع ساكني الرواية، يحقق فيها المحقق كولبيورن، الذي صادف وتعرف على الفتاة القعيدة باتريشيا التي كانت ملهمته والمحللة الرئيسية لكافة الأحداث.
تتصاعد وتيرة الأحداث عندما نعرف أن كل ساكني البناية بينهم وبين القتيل معرفة سابقة، ومبرر قوي لقتله.
لتتابع الأحداث إلى أن يُكشف الستار عن القاتل الحقيقي بينهم
فمن يكون؟؟.
لو تكلمت عن عتبات النص:
* العنوان؛ ملهم جداً وآثار إنتباهي بشكل كبير، لمحاولة معرفة ما المقصود بالذبابة البشرية، وهل هناك ذبابة قاتلة؟
*الغلاف؛ مثالي وتقليدي لجريمة قتل في بناية، وحولها شريط المباحث المتعارف عليه.
*آثار إهتمامي أيضاً الإهداء إلى عمته، وأنها ذبابة بشرية، مما زاد من انتباهي أكثر.
مواضيع الرواية:
*تحدثت الرواية عن فكرة، كيف أن ماضي الإنسان يظل ملازماً له طوال عمره، بل إنه تزداد شراسة إلحاحه عليه كلما تقدم في العمر.
*إستعرضت أجواء الحرب العالمية الثانية في النرويج، وأحوال اللاجئين.
*أن كلا منا بداخله الخير والشر معاً، لسنا ملائكة ولا شياطين.
الحبكة والأحداث:
هناك درجة عالية من التشويق صاحبتني طوال قرائتي للعمل، وكان الكاتب قادراً على أن يجعل نهاية كل فصل هو تمهيد لبداية الآخر.
* وأيضاً أعجبتني عنونة كل فصل بيوم من أيام التحقيق ثم تقسيمه بالأرقام، فأعطاني نوع من الحماسة وكأنني فعلاً أتابع التحقيق يوماً بيوم.
ولكن
فكرة وجود كل هؤلاء الأشخاص في نفس البناية، لم أستسغها ووجدتها بالنسبة لي غير مبررة
لدرجة أنني ظننت أنها جريمة جماعية، وكان هذا التبرير الذي وجدته مناسباً.
عناصر بناء الرواية:
بالقطع الرواية هنا مستوفاة لجميع عناصر بناء وخصائص الرواية البوليسية، من حيث:
*وجود جريمة صعبة الحل
*وقتيل
*ومحقق
*مخبر سري يساعده أو يعمل وحده " وهنا كانت باتريشيا"
*مفاتيح صغيرة لحل بعض ألغاز الجريمة
*معلومات منقوصة أو مضللة تعقِّد الحكاية
* وأخيراً حل اللغز بطريقة غير متوقعة، حلاً غير متوقع
إذن فقد إكتملت جميع الخصائص في الرواية.
وأخيراً الترجمة، وأعتقد أنها كانت أمينة ومبدعة، لم تخل بالنص، بها حس إبداعي مترجماً لروح النص أيضاً وليست ترجمة مخلة.
-
زهرة الأمل
هنا التاريخ بل إن شئت قلت تاريخا ممزوجا بالسياسة والإجتماع.
الجميع هنا مشتبه به، الجميع هنا ذبابة بشرية، منهم من استلذ العيش في قوقعته يطن بلا توقف حول آلامه ويدندن حولها، حتى نسي أن هناك عالما مشرقا خارج قوقعته ولكنه استسلم لمخاوفه وأحزانه، فرضخ لها من حيث كان يريد سابقا مقاومتها!
هل كان في الأصل عدما؟ فاختار طريقا معاديا! أم أنه كان دنيء النفس فأعمته البصيرة وظل متخبطا مع كل الأحداث حتى قبع في النهاية في قوقعته قتيلا مشتبها به من الجميع رغم صدق اعترافاته.
ومنهم من رأى نفسه الأحق بل كل شيء حرم منه في الماضي فاستباحه في الحاضر بكل شراسة وضراوة واضعا قيمه في درج يرجع إليه وقت الحاجة، يحرص على واجهته اللامعة رغم خرابه العفن بداخله، يرى الابتزاز حقا طالما هو من يرى ذلك، يرى الخيانة حبا من وجهة نظره هو فقط، لا يرى إلا طاووسه وألوان ذيله الفاتنة ولا يرى خسته ونذالته طبعا.
ومنهم من أراد الحقيقة وسعى خلفها سعيا حثيثا، أهلك نفسه ووقته في البحث عن الماضي، الذي ما إن وجده حتى تمنى أنه لم يمر بباله قط، فقد رجع بخفي حنين.
ومنهم من ترك الحب خلف ظهره ورحل هنا وهناك حتى عاد إليه، متيقنا أنه لا حياة له إلا به.
الرواية عبقرية جدا، رواية بوليسية تاريخية إجتماعية سياسية.
نقف أمام الحرب العالمية الثانية وما سببته من آلام وذكريات لكل شخص في الرواية.
كيف جمع الكاتب بعبقرية بين كل هؤلاء وجعل خطوطهم جميعها تتلاقى وكلهم بلا استثناء مشتبه به.
كيف جعلت الحرب أنطوان شخصا آخر غير الذي عرفته زوجته، رغم أن كل ما ذاقه على يد الألمان هم فقط أربع أيام في عمر الزمان، لكنها أودت بحياة شخص باقي الزمان في غياهب الذكرى تصاحبه أشباح الخوف وتحاوطه جنود القهر، تاركا زوجته تصارع أمواج الحياة التي قذفتها في طوفان الفقر والعوز وطحنت أضلاعها طحنا بلا هوادة ورحمة.
ديروفيت الذي كان لغزا جميلا رائعا لشخص لم يستطع إلا أن يكون ذبابة بشرية رغم ما يتمتع به من صفات وذكاء وفطنة ومهارة وثقافة لكنه ألقى بذلك عرض الحائط وجلس ينوح بجوار الامه، يجلد ذاته كل ليلة حتى باتت كوابيسه واقعا يحياه، مضى ليتخلص من ماضيه فقتل وقتل، ولكن الماضي بركان عنيد ثائر، فار حتى أهلك الحاضر والمستقبل.
شكر خاص لدار العربي للنشر والتوزيع 💚دائما ترجماتكم مميزة❤ ولم أشعر أبدا أنها رواية مترجمة بل كانت سلسة شيقة أتممتها في جلسة واحدة.
شكرا أبجد على كل كتاب ممتع بتضيفوه للتطبيق😻😍
-
أحمد المغازي
ذبابة بشرية..
عن الخط الرفيع الفاصل بين أبطال المقاومة ومجرمي الحرب.
رواية سياسية إنسانية في إطار بوليسي، حدثها الرئيس جريمة قتل وزير نرويجي سابق هو أحد أبطال المقاومة البارزين ضد النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، ملابسات الجريمة كلها تشير أن الجاني لن يخرج عن أحد جيران القتيل في نفس البناية، اللائي يتحولون جميعا إلى قتلة محتملين حتى يثبت العكس، وهو ما يقع إثباته على عاتق بطلنا المحقق ومساعدته صغيرة السن الشغوفة بالروايات البوليسية.
السؤال الأهم من كيفية ارتكاب القاتل لجريمته الغامضة؛ هو ما الدافع لقتل شيخ هرم على شفا الموت أصلا، ما الذي فعله هذا الرجل الجليل ليستحق مثل هذه النهاية؟
طرف الخيط للإجابة عن هذا السؤال تكمن في دفاتر اليوميات الملغزة للسنوات الأخيرة للفقيد، والتي تقودنا بدورها للعودة إلى خضم الحرب في الأربعينات لفك شفرة العديد من العلاقات المعقدة، ولمعرفة هل كان الفقيد بطلا فعلا أم مجرم حرب؟
سؤال ليست له إجابة سهلة كما سيتضح، فالفرق هنا ليس جليا كما هو بين الأبيض والأسود، وإنما هو كالفرق بين العديد من درجات الرمادي المربكة، تماما كتعقيدات النفس البشرية وتحولاتها.
استوقفني كثيرا الموقف المحوري للفقيد الذي ظلت تبعاته تطارده قرابة ربع قرن، وذكرني بأحد محاور فيلم تصادم الحائر بجدارة على أوسكار أفضل فيلم عام ألفين وخمسة، عن ضابطين أحدهما موصوم من شريكه - عن حق- بالعنصرية ضد السود، إلا أنه عندما تتعرض مباديء كل منهما للاختبار في موقف فاصل، يجازف الضابط العنصري بحياته لإنقاذ المرأة السمراء - التي سبق له التحرش بها- من حادث مميت، بينما يقتل شريكه فتى أسود لمجرد الاشتباه خوفا على حياته متناقضا مع كل مبادئه الإنسانية، في تجل واضح للوجوه المتعددة والمتضاربة للشخصية البشرية الواحدة.
لا أريد الاستطراد أكثر من ذلك تجنبا لحرق أحداث الرواية المشوقة التي أجبرتني على إنهائها في ثلاثة أيام رغم المشاغل، والتي تركتني متعجبا من مآلات أبطالها، وعاجزا في الوقت ذاته عن اتهام الكاتب بعدم الواقعية لعلمي بتجاوز الواقع غرابة أحداث روايته الخيالية كما أصر على التأكيد في نهايتها.
-
ايمن محمد حامد
المؤلف مؤرخ و كاتب نرويجي و تعد سلسلة رواياته في أدب الجريمة بطولة مفتش المباحث كولبيورن كريستيانسين الشهير ب k2 مساعدته الشابه باتريشيا من الأكثر مبيعا في النرويج.رواية ذبابه بشريه إحدى حلقات هذه السلسلة قامت بنقلها للعربيه المترجمه يارا أيمن و صدرت الطبعة عن دار العربي للنشر والتوزيع.
تدور أحداث الرواية البوليسية في إطار من الإثارة و التشويق و تأتى على ذكر بعض الحقائق التاريخية.تعود بنا الأحداث إلى العام ١٩٦٨ بمدينة أوسلو بالنرويج بعد انتهاء الاجتياح النازي، و تمضي ايام الرواية الأحد عشر من مساء الخميس الرابع من ابريل في ذلك العام بداية من المكالمه الهاتفيه التى يتلقاها المفتش k2 بوقوع جريمه قتل لبطل المقاومة السابق أثناء الحرب النازيه و الوزير المعتزل في منزله لينتقل فورا إلى موقع الحادث بسيارته و يستدعى المناوبين لفحص مسرح الجريمة ليتبين له وجود الجثه بثقب في الصدر و رصاصه بالجدار المقابل و فنجاني قهوه أحدهما فارغ يخص القتيل و الآخر ممتلئ لشخص كان يشاركه جلسته و أنه لا يوجد اي آثار للمقاومة أو لاقتحام الشقه، و بسؤال الجيران عن ملابسات اكتشاف الحادثه تبين له أن القاتل لابد و أن يكون من سكان البنايه و لكن في تلك اللحظة لم يتخيل أن العثور على مرتكب الجريمة سيكون أمراً في غاية الصعوبة و محفوفا بالمخاطر.
التسميه مناسبة فإنك تجد الكثير من الناس يقتات على ذكريات الماضي السيئة كما يقتات الذباب على النفايات مما يجعلهم ذبابه بشريه،و لذا على الإنسان إلا يستمر بالعيش في الماضي بل يتعلم من أخطاءه و يمضي للإمام، فمن لا يخطئ هو الذى لا يتحرك و لا يجرب من الأساس، فكل ناجح قد أخطئ.
الرواية مناسبه للشباب و لهواة الألغاز و الغموض، و العبره المستقاه منها تعد من القواعد الهامه للنجاح و الركيزة لعيش حياة سعيدة.
-
Om Batol
اسم الرواية: ذبابة بشرية
الكاتب: هانز اولاف لهلوم
ترجمة: يارا ايمن
دار النشر: العربي للنشر والتوزيع
تاريخ النشر:2023 م
عدد الصفحات:384 صفحة
- مقدمة
دائمًا ما تكون جرائم الغرفة المغلقة من أمتع وأكثر الروايات تشويقًا.
ما هو سر البناء 25 بشارع كريس وتحديدًا شقة 3أ؟
تتابع الرواية تفاصيل التحقيق والصعوبات التي واجهها المفتش "كولبيورن كريستيانسين" في الوصول إلى الحقيقة، والعلاقات التي تشكلت بينه وبين الشهود والمشتبه بهم. تستخدم الرواية أسلوبًا مثيرًا ووصفيًا لإنشاء جو من التشويق والغموض وتستعرض أيضًا الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية للحياة في النرويج في ذلك الزمن وينعكس تأثر الكاتب بحياة عمته ومصيرها اثناء الحرب العالمية الثانية فقد ألهمته قصتها وما عاشته خلال هذه الفترة، كتابة هذه الرواية التي سنعيش مع ابطالها أجواء ما حدث لهم في وقت الحرب واثرة عليهم لاحقا، وستكتشف بالنهاية ان كل ابطال الرواية هم ذبابة بشرية ستتعاطف معهم في نهاية المطاف، المصطلح نفسه يحمل غموضا اخر فما هو تعريف الذباب البشري؟!
إذا كنت تحب جو الغموض والتشويق فستعجبك هذه الرواية .. حيث تسعة مشتبهين، معطف أزرق، سلاح مفقود، مذكرات مخبأه و وصيه غامضة
-ملخص الرواية :
يجاهد المفتش K2 لحل لغز الجريمة لمدة 10 أيام متواصلة، وتساعده في ذلك الأنسة الذكية "باتريشيا"، البالغة من العمر 18 عامًا. سيتعاونان معًا لمعرفة الجاني في جريمة قتل الوزير السابق "هارلد أوليسين"، الذي يصعب التصديق أن أحدًا قد يرغب في قتل هذا الرجل المحترم حسبما وصفته حارسة البناء. "فهل كان حقًا رجلًا طيبًا؟"
تتميز الرواية بالعديد من الأحداث التي تثير اهتمام القارئ وتحافظ على تشويق القصة. إليك بعض الأحداث البارزة في الرواية:
1. اكتشاف جريمة قتل: يتم العثور على جثة الوزير السابق والسياسي المشهور بحزب العمال "هارلد أوليسين" في شقة رقم 3أ بالبناء الواقع في شارع كريس 25. هذا الاكتشاف يشكل بداية اللغز ويدفع المفتش K2 والانسة "بريتشيا" للتحقيق في الجريمة.
2. الشهود المتناقضون: يظهر سبعة جيران يقدمون أقوالًا متناقضة حول الحادثة، الشهادات المتضاربة تضع الشكوك حول هوية القاتل وتعقد تحديد المسؤول عن الجريمة.
3. الأدلة المشوقة: يتم العثور على معطف أزرق لم يستدلل على صاحبه يعتقد أنه مرتبط بالقضية ولاحقا يتم الكشف عن وجود مذكرات غامضة كتبها المجني عليه قبل مقتله. تحليل هذه الأدلة وفهم دورها في الجريمة يزيد الغموض والتشويق في الرواية.
4. تحقيق المفتش "K2" و"باتريشيا": يتعاون المفتش K2 مع الأنسة "بريتشيا" لحل لغز الجريمة. تتطور علاقتهما وتتعقد الأمور بتقدم التحقيق، تحدث جريمة اخري تزيد من غموض الاحداث. يعتبر استخدام باتريشيا لمهاراتها التحليلية وتأثرها بأساليب "شارلوك هولمز" و"أجاثا كريستي" عنصرًا مثيرًا في القصة.
5. الكشف عن القاتل: بفضل الذكاء المشترك بين K2 وباتريشيا وتحليلهما للأدلة والشهود، يتم الكشف عن هوية القاتل ومعرفة الحقيقة وراء الجريمة. هذه النهاية المثيرة والمفاجئة تضفي إثارة إضافية على الرواية.
عندما تندمج في كل فصل من فصول الرواية وتحاول تخمين القاتل، تذكر دائمًا مقولة هولمز: "عندما تستبعد المستحيل، فإن المتبقي يكون الحقيقة مهما تبلغ غرابته".
-عنوان الرواية والغلاف
جاء العنوان مثيرا وغامضا حيث يحمل تناقض بين مفهوم الذبابة والجانب البشري فيحمل فضولا وتوقعات لقصة غامضة .
يظهر الغلاف صورة لبناء قديم حوله الشريط الأصفر المميز للتحقيقات و..ذبابة ! غلاف له جاذبية بصرية قوية تشير الي الطابع الغامض للرواية، ومزج العناصر المتعلقة بالجريمة مع الذبابة يثير الفضول ويحفز القارئ لمعرفة العلاقة.
- سرد الرواية
تأتي الرواية في 11 فصل يتناول كل فصل يوم من أيام التحقيق المستمر للمفتش K2 في لغز الجريمة والمستمر لمده 10 أيام
= اليوم الأول
وقعت جريمة قتل "هارالد أوليسين"، السياسي المشهور وبطل المقاومة في النرويج، في شقته في أوسلو. في مساء الرابع من أبريل عام 1968م، سمع الجيران إطلاق النار وحاولوا الوصول إلى شقته، ولكنهم واجهوا صعوبة في فتح الباب. بعد نصف ساعة، وصلت الشرطة واكتشفت جثة الضحية في غرفة المعيشة، ملطخة بالدماء. كان المحقق "كولبيورن كريستيانسين" الملقب بـ "K2"، من بين أول المحققين الذين وصلوا إلى مسرح الجريمة، وكان مهتمًا بالقضية لأنه كان يعرف الضحية وأهميتها التاريخية.
الضحية" هارالد أوليسين"، كان قائدًا للمقاومة ضد الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد الحرب شغل مناصب وزارية وحكومية عالية في حزب العمال. تقاعد في عام 1965 وعاش في الشقة التي اشتراها بعد أن خضعت لتجديدات قبل ثلاث سنوات. كان المبنى قديمًا ورماديًا، ويضم ثمانية سكان آخرين، بما في ذلك زوجة حارس المبنى وشابة سويدية ورجل يستخدم كرسيًا متحركًا.
بدأ التحقيق في الجريمة بجمع الأدلة والشهادات من مسرح الجريمة والشهود. على الرغم من ذلك، لم يتم العثور على دافع واضح للجريمة، حيث لم يكن لدى "أوليسين" أعداء معروفين أو مشاكل مالية أو عائلية. لم يتم العثور على أي سلاح جريمة، ولم يكن هناك أي أثر لاقتحام الشقة أو نشوب صراع فيها. ما أثار حيرة المحقق هو كيفية هروب الجاني من الشقة دون أن يلاحظه أحد، حيث كانت الشقة مغلقة من الداخل، ولم يتم العثور على أي أثر لخروج من النافذة أو الشرفة.
=اليوم الثاني
بعد التحقيقات الأولية، زار المفتش موقع الجريمة في اليوم التالي والتقى بـ"راندي هانسن"، زوجة حارس البناية، التي كانت جالسة عند طاولة صغيرة قرب مدخل البناية. تعيش "راندي" مع زوجها في شقة في البدروم وتعمل في إدارة البنايتين رقم 25 و27. تتابع حركة السكان، تغيب احيانًا لكنها تدعي أنها تلاحظ كل شيء بدقة وتدونه.
الضحية هو "هارالد أوليسين"، شخصية مشهورة ووزير سابق، وكان شخصية ودودة ومحترمة للغاية. كان يعيش في الطابق الثاني من البناية. في نفس الطابق، يعيش "داريل ويليامز"، الذي يعمل في السفارة الأمريكية، تعيش في الشقة أسفله "سارة ساند كيفست" طالبة سويدية.
في الطابق الأول، يعيش السيد "كريستيان لوند" و زوجته، وفي الشقة المجاورة يعيش "كونراد جينسن"، سائق سيارة أجرة عازب. وفي الطابق الأرضي، يعيش "أندرياس جولستاد"، الذي يعاني إعاقة جسدية ويعيش على ميراثه. ويعتمد على زوجة الحارس لشراء احتياجاته الأسبوعية ويكافئها بسخاء.
في يوم الجريمة، لم تكن زوجة الحارس موجودة في البناية طوال فترة بعد الظهيرة وحتى المساء. خرج الضحية نفسه في الصباح للتسوق وعاد في منتصف النهار. بقي "أندرياس"في شقته طوال اليوم، وكذلك الجيران الآخرون باستثناء "داريل ويليامز" الذي خرج في نزهة قصيرة.
أفادت "راندي" بأنها وجدت معطفًا أزرق واقيًا للمطر في سلة المهملات في صباح يوم الجريمة، ولم تر أحدًا يرتديه.
بدأت التحقيقات بزيارة "داريل ويليامز"، الذي يعيش في الشقة رقم 3ب وهو أمريكي ذو قامة ضخمة. يعمل في السفارة الأمريكية ولديه تاريخ طويل في الخدمة الدبلوماسية.
في يوم الجريمة، التقى قرب الدرج مع جاره"كونراد" وتحدثا لبعض الوقت،في أثناء ذلك سمعا صوت إطلاق نار، فأسرعوا لمكان الصوت ولكنهما لم يروا أي شخص ينزل من الدرج في تلك اللحظة. أفادوا أيضا انهم شاهدوا "كريستين لوند" وهو يدخل البناية خلال حديثهم.
شقة 2أ حيث تعيش "سارة ساندكيفست" فتاة نحيفة وطويلة بشكل ملحوظ طالبة سويدية ذات أصول يهودية تبلغ من العمر 24 عام قالت انها قضت يوم الجريمة في بيتها كالعادة وسمعت صوت اطلاق النار لكنها اصابت بالفزع وقررت عدم الخروج وأنها تحدثت مع القتيل مرات بسيطة.
شقة رقم 3ب تضم الزوجين "كريستيان لوند" وزوجته "كارين"، إلى جانب ابنهما الصغير. يعمل الزوج كمدير لمتجر رياضي، ولا يعرف الكثير عن والده، بينما كانت والدته عضوة في الحزب النازي النرويجي وحُكم عليها بالسجن لمدة ثمانية أشهر بتهمة الخيانة بعد انتهاء الحرب.
أفادت الزوجة أن زوجها اتصل بها وأخبرها أنه لن يعود قبل الساعة التاسعة مساءً، وهو ما تُأكده حارسة البناية أيضًا. ومع ذلك، تعارض هذه المعلومة مع قول "داريل ويليامز"، مما أثار شكوك المحقق.
في الطابق الأرضي على الجانب الأيسر، يعيش "كونراد جينسن" وحده في الشقة منذ عام 1948. أكد هو ايضًا قول "داريل" وأفاد بأنه رأى "لوند" يدخل البناية في تمام الساعة الثامنة مساءً.
عبر "كونراد" عن ندمه الشديد لدعمه الحزب النازي وكونه عضوًا فيه خلال الحرب، وأنه قضى عقوبة السجن لمدة ستة أشهر قبل اندلاع الحرب. وأكد أنه لم يلتقِ الضحية خلال الحرب أو بعدها. أشار إلى أن وفاته تعتبر أسوأ ما حدث له، حيث سيكون المشتبه به الوحيد في القضية وسيُكتب في الصحف أنه القاتل النازي.
في شقة رقم 1أ، يعيش "أندرياس جولستاد" البالغ من العمر 29 عامًا، والذي تعرض لحادث قبل أربع سنوات تسبب في إعاقته الجسدية. صرح للمفتش بأنه شاهد رجلاً غريبًا في أحد أيام الصيف على الدرج، كان يرتدي معطفًا أزرقًا كبيرًا ووشاحًا أحمرًا.
=اليوم الثالث
تلقى المفتش "K2" اتصالًا هاتفيًا من السيد "بورتشمان"، وهو صديق والده، يدعوه لزيارته في منزله. استجاب المفتش للدعوة ووافق على اللقاء. عقد المفتش اجتماعًا مع ابنا شقيق الضحية، السيد "يواكيم أوليسين"، وأخته السيدة "سيسيليا أوليسين". أخبرا المفتش بأن عمهما كان في حالة جيدة قبل وفاة زوجته، لكنه انعزل وأصيب بالاكتئاب بعد ذلك، خاصة بعدما أُخبر بإصابته بالسرطان وعدم توقعه للعيش حتى نهاية العام. كما ذكرا للمفتش أنهما تلقيا اتصالًا من محامي عمهما، يفيد بأنه سيتم قراءة وصية الفقيد بعد ستة أيام. وذكروا معلومة جديدة ان عمهما بدأ بكتابة سيرته الذاتية بمساعدة شاب يُدعى "بيورن إريك سفيندسن". بعد ذلك قام المفتش بمراجعة حساب الضحية في البنك، حيث اتضح أن رصيده يتجاوز المليون كرونة، لكنه لاحظ نقصًا في الحساب بقيمة 250 ألف كرونة خلال الستة أشهر الماضية، ولم يتم تحديد مصدر هذا النقص في الأموال.
انتقل المفتش إلى منزل السيد "برتشمان"، حيث تعرف على ابنته الآنسة "باتريشيا". قدم السيد "برتشمان" اقتراحًا للمفتش بأن يشارك ابنته في التحقيق، نظرًا لموهبتها وذكاءها الاستثنائيين فقد تساعده في حل القضية. وقد وصلت باتريشيا إلى فكرة مذهلة بشأن كيفية هروب القاتل من البناية، ولاحظت خطأ كبيرًا في تحقيق الشرطة. تمت مشاركة اكتشافاتها وتحليلاتها لشهادات الشهود مع المفتش. استخدمت باتريشيا مصطلحا جديدًا فقالت للمفتش انها تعتقد ان الضحية ذبابة بشرية قتلت علي يد ذبابة بشرية اخري
وشرحت معنا هذا المصطلح بأنهم ❞ الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدًا، فيصبحون ذبابًا بشريًّا، ويقضون الباقي من حياتهم نوعًا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة ❝
=اليوم الرابع
توصل المفتش بمساعدة استنتاجات "باتريشيا" لمعلومات تشير إلى أن الحارسة العاملة في البناء كانت تقدم شهادة زائفة. قام المفتش بمواجهة الحارسة واكتشف وجود علاقة عاطفية بين "سارة" و"كريستيان". تبين أنهما كانا قد قضيا وقتًا معًا في شقة سارة أثناء وقوع الجريمة، وكان كريستيان يدفع لها مقابل الاحتفاظ بالسر. اعترفت الحارسة بأنها وزوجها "أنطوان" كانوا يعانون من ضائقة مالية شديدة وكانوا بحاجة إلى أموال لسداد ديونهم. تبين أيضًا للمفتش أن "أنطوان" كان نشطًا في المقاومة خلال الحرب وكان يحمي اللاجئين في قبو منزلهم. كما اكتشف المفتش أن "أنطوان" يعاني من مرض ويتلقى العلاج في المشفى.
انتقل المفتش لاستجواب المشبه بهم مرة اخري بعد تناقض الاقوال وتغير الوقت المقدر للوفاة
كان "كونراد" في أقصى حالات الاكتئاب فقد كتبت عنه الصحف انه النازي الذي قتل بطل المقاومة وأضاف للمفتش انه قابل المفتش قديما امام أحد مقرات اجتماع الحزب النازي بصحبه امرأة.
=اليوم الخامس
التقى المفتش بالطالب "بيورن إريك سفيندسن"، الذي كان مسؤولًا عن كتابة سيرة الضحية. فاجأه الطالب بمعلومة جديدة، حيث كشف وجود مذكرات للضحية تحكي قصة سنواته الأخيرة. قرر المفتش إعادة تفتيش مسرح الجريمة للبحث عن هذه المذكرات. عند العثور عليها، كشفت المذكرات ألغازًا أخرى وأشارت إلى أشخاص يتم تشفير أسماؤهم بالأحرف "S" و"N" و"D" و"O" و"J". وصفت المذكرات لقاء الضحية مع هؤلاء الأشخاص وكشفت عن الخوف والقلق والتهديد والندم على أفعال شنيعة ارتكبت في الماضي.
بعد ذلك، ذهب المفتش لمقابلة "أنطوان"، الحارس المريض، وحصل منه على معلومات حول أحد اللاجئين تولي "هارلد" ومساعده المعروف باسم "ديرفورت" تهريبهم عبر الحدود. اكتشف المفتش أن اللاجئين هم زوج وزوجته وطفلهم.
تلقى جيران الضحية دعوة من شركة المحاماة لحضور قراءة وصية الضحية، مما أثار استغراب المفتش.
بعد ذلك ،يعمل المفتش بالتعاون مع الآنسة "باتريشيا" على حل لغز الرموز الغامضة المشار إليها في المذكرات، من خلال تحليل الاحداث والبحث توصلوا إلى أن الضحية هو والد "كريستيان لوند" المجهول الهوية، وأنه بتأكيد استولى على جزء من أمواله مقابل الصمت بشأن ذلك. يقلب هذا الاكتشاف الأحداث ويزيد من حدة التشويق.
= اليوم السادس
تلقى المفتش اتصالًا من حارسة البناية التي عبرت عن قلقها بشأن الساكن "كونراد جينسن"، حيث لم تتمكن من الوصول إليه ولم يرد على هاتفها. انتقل المفتش على الفور إلى المكان وتم فتح الشقة، وتفاجئوا بجثة "كونراد" وهو مصاب بطلق ناري في الرأس، وكان السلاح المستخدم في الجريمة موجود بجواره على الأرض. وجدوا رسالة انتحار مكتوبة بواسطة آلة كاتبة وموقعة بيد "كونراد" نفسه، يعترف فيها بقتل "هارلد".
تم بعد ذلك إغلاق قضية قتل الوزير السابق "هارلد أليسيون"، ولكن كان لدى "باتريشيا" رأي آخر. قدمت بعض الثغرات التي أثارت شك المفتش، مما دفعه لإعادة التحقيق بنفسه.
=اليوم السابع
جرت قراءة الوصية بحضور جميع المشتبه بهم. اوضح المحامي أن الوصية تعرضت للعديد من التعديلات، وآخرها قبل وفاة الضحية بأسابيع. أوصى الضحية بمبلغ خاص لحارسة البناية، وأسند باقي ثروته للطالبة السويدية "سارة ساندكيفست". هذا دفع المفتش لإعادة استجواب المشتبه بهم مرة أخرى لاكتشاف العلاقة المرتبطة بين الضحية وباقي سكان البناية.
=اليوم الثامن
يستمر المفتش في التحقيق والتحقق من أقوال المشتبه بهم، حيث يكتشف دليلًا جديدًا يقوده إلى حقيقة أن بداية القضية كانت مع الزوج والزوجة اللاجئين الذين تم تهريبهم مع طفلهم. خلال ذلك، تعقدت الأمور مع السفارة الأمريكية بسبب وضع "داريل" الحساس في قضية القتل. نجح المفتش في حل هذه المشكلة بشكل دبلوماسي وذكي.
=اليوم التاسع
قام المفتش بالسفر إلى السويد لتتبع تفاصيل القضية القديمة وجمع مزيد من المعلومات حول المشتبه به الرئيسي "ديرفورت". تم العثور على صورة قديمة له، ومع ذلك، لم يتعرف على أي شخص يشبهه في الوقت الحاضر. لكن، لاحظ وجود قلادة فضية مميزة حول عنقه.
عندما عاد المفتش بالمعلومات إلى "باتريشيا"، استمرت المناقشات بينهما حتى تمكنوا في النهاية من تطوير فكرة مبدئية حول المشتبه به.
=اليوم العاشر:
جاء يوم المواجهة. ذهب المفتش إلى البناية برفقة "باتريشيا" باعتبارها مساعدته، وباستخدام خطة ذكية، تمكنوا من اعتقال المشتبه به والحصول على اعترافه. كان هوية الجاني مفاجأة كبيرة وغير متوقعة تمامًا، وتم التعرف أخيرًا على الشخصية الغامضة "ديرفورت".
=اليوم الحادي عشر:
تلقى المفتش خبر انتحار "ديرفورت" في السجن، وفي رسالة تركها وراءه، شرح كيف انتحر باستخدام كبسولة انتحارية معلقة حول عنقه، وأيضًا تبرع بنصف ثروته لـ "سارة".
=كلمة الختام:
يختتم الكاتب الرواية بإشارة إلى عمته "داجمار لاهلوم"، التي كانت مصدر إلهامه لكتابة هذا العمل. حيث عاشت عمته قصة حب مع "إيدي تشابمان"، وهو عميل بريطاني في المخابرات البريطانية، الذي اضطر ان يعمل كجاسوس للألمان في النرويج كغطاء له. أصبحت "داجمار" أيضًا جاسوسة مزدوجة لمساعدة حبيبها في مهماته، ولكن في النهاية، تم القبض عليها من قبل الشرطة النرويجية بتهمة الخيانة. لانتشار شائعات انها فتاه المانية لم تنصفها السلطة النرويجية او المخابرات البريطانية وحُكم عليها بالسجن 189 يوما خلال محاكمات الخيانة في النرويج عام 1947م تعرضت لمضايقات عديدة بعد خروجها باعتبارها خائنة.
علمت "دجمار "أن حبيبها "إيدي" كان قد نجا وقت الحرب وتواصلوا سويا وكانت في انتظار مجيئه الي النرويج ليعلن قصه جهودها في الحرب إلي العامة ولكن، وافته المنية قبل ذلك. كان هذا أخر أمل لدي "دجمار" لتبرئتها، مما حول سنواتها الأخيرة الي حياة صعبه للغاية أصبحت مدمنه للكحول وأُصيبت بالشلل الرعاش وتوفيت وحيده منعزلة خلف أبواب شقتها الموصدة.
تم اكتشاف قصتها وجهودها في الحرب في عام 2007 بعد صدور سيرتين جديدتين تتناولان حياة حبيبها في أيام الحرب.
*نهاية الرواية:
تتضمن الصفحات الأخيرة من الرواية فصلين من العمل الجديد بعنوان "الأقمار البشرية"، وهو الجزء الثاني من سلسلة تحقيقات المفتش "كي2 "و"باتريشا"
*تقييم الرواية:
يمتاز الكاتب في هذه الرواية بقدرته على نقلنا إلى أجواء الحرب بشكل بسيط وواقعي. على الرغم من ذلك، كانت متعتي الأكبر في الرواية تكمن في العلاقة بين المحقق ومساعدته الذكية باتريشيا، حيث تم تصويرها بشكل رائع.
تتسم الرواية بتنظيمها المنظم والسلس، حيث يتم ربط الأحداث بشكل جيد ولا يحدث أي تشتت للذهن. وكان كشف النقاب عن الجاني في النهاية مثيرًا للاهتمام، وكانت الأدلة التي استندت إليها باتريشيا عبقرية.
بالنسبة للترجمة، فقد جاءت جيدة ومنظمة وواضحة، مما ساهم في استيعاب القصة بشكل أفضل.
بشكل عام، تعتبر الرواية تجربة قراءة ممتعة ومحببة، حيث نجح الكاتب في تقديم قصة مشوقة ومنظمة بشكل متقن.
في انتظار ترجمة العدد الثاني قريبا ....
-
حسين جمال
رواية ذبابة بشرية
الكاتب /هانز أولاف لهلوم
هو كاتب نرويجي شهير في أدب الجريمة، ومؤرخ، كما أنه لاعب شطرنج وسياسي. صارت كتبه من الأكثر مبيعًا في النرويج وهي تتألف من سلسلة جرائم من بطولة مفتش المباحث "كولبيورن كريستيانسين"، الشهير بـ"K2"، ومساعدته الشابة "باتريشيا" .
دار النشر/ العربى للنشر والتوزيع
تاريخ النشر /2023
ترجمة / يارا أيمن
نوع الرواية/أدب الجريمة
ملخص الرواية
حدوث جريمة قتل لبطل شعبى أثناء الاحتلال النازي فى الحرب العالمية الثانية ووزيرا سابقا يدعى "هارالد أوليسين "
فى بداية التحقيق يكون المشتبه بهم هم جيرانه الستة ويستمر التحقيق لمدة عشر أيام مع المفتش "كولبيرون كريستيانسين" ومساعدته الآنسة "باتريشيا" التى تتميز بذكاء شديد ورجاحة عقل وتبدأ الأدلة فى الظهور وتكشف علاقة كل الجيران بالضحية والماضى الذى يجمعهم والحسابات القديمة التى لم تغلق وشبح الماضى الذى مازال يطاردهم إلى الآن ، حتى تظهر الحقيقة ويكتشف سر الجريمة الغامض .
إن حبكة الرواية متقنه ومثيرة للاهتمام تجعلك تبدأ فى القراءة وتحاول معرفة القاتل مع المحقق وأنها نجعلك تشعر بالحماس مع اكتشاف الحقائق فى كل يوم
المقدمة
"إن النص الجيد هو الذى يثير فى نفس القارئ تساؤلات أكثر مما يعطيه أجوبة " عند قراءتك لهذه الرواية فى البداية سوف تجد تساؤلات كثيرة فتتسائل من هو مارتن لوثر كينغ الذى قتل فى 4أبريل من عام 1968 والذى شغل الرأى العام والصحف والذى تزامن مع قتل" هارالد أوليسين "
وما هى الحرب النرويجية ومن هم أبطال المقاومة الذين كانوا يقومون بتهريب اليهود عبر الحدود من هو الحزب النازي النرويجى واستقلال النرويج بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية .
وسبب تسمية الرواية "ذبابة بشرية" بهذا الاسم هو أن هناك العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدًا، فيصبحون ذبابًا بشريًّا، ويقضون الباقي من حياتهم نوعًا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة
أما غلاف الرواية فتظهر صورة بناية تتكون من ثلاث طوابق بدون شرفات وشرائط الشرطة الصفراء فهو يصور لك مسرح الجريمة وذبابة إشارة لاسم الرواية
هيكل الرواية
إن فصول الرواية مقسمة لعشر فصول وعشر أيام حتى حل القضية
اليوم الاول
فى الرابع من أبريل عام 1968 الموافق يوم الخميس السابق لعيد الفصح تم إبلاغ الشرطى
كولبيرون كريستانسين أنه حدثت جريمة قتل فى 25 شارع كريبس وكان الضحية "هارالد أوليسين" لقد كان بطلا للمقاومة ووزيرا سابقا تقاعد عند بلوغه السبعين سنة 1965وتم قتله بعد ذلك بثلاث سنوات ولقد كانت قضية صعبة لانك لا تجد سوى جثة ومسرح جريمة لكن دون سلاح الجريمة أو دافع أو كيف هرب القاتل من الشقة، وكانت البناية من ثلاث طوابق وتم سماع صوت إطلاق النار فى العاشرة والربع مساء، وتم تفتيش الشقق ولم تجد الشرطة سلاح الجريمة لكن المشتبه بهم هم جيران المتوفى .
اليوم الثانى
كان هذا أول تحقيق لضابط كريستانسين فى جريمة قتل، قابل السكان
فى البدايةقابل
1/زوجة الحارس راندى هانسن التى تعيش مع زوجها فى القبو وهى نشيطة وتعلم بجميع السكان وأنشطتهم اليومية وقالت إنها وجدت معطف أزرق ووشاح أحمر فى سلة المهملات وكانا مغسولين ولا يزالان رطبا
2/ "داريل ويليامز"دبلوماسي أمريكي انتقل للشقة منذ ثمانية أشهر وتدفع السفارة إيجار شقته هو فى الخامسة والأربعبن التحق بالخدمة العسكرية وشارك في إنزال النورماندى فى صيف 1944ارتبط بفتاة نرويجية وظل فى النرويج حتى عام 1948وتعلم النرويجية ثم عاد إلى النرويج بعد عشرين عاما ليعمل فى السفارة الأمريكية.
3/"ساره ساندكسفيت" طالبة يهودية تدري الفلسفة واللغة الانجليزية مسقط رأسها مدينة جوتنبرج السويدية توفيا والديها فى الحرب وابنتها زوجان فى جوتنبرج
4/"كريستيان لوند وزوجته كارين لوند" زوجين شابين رزقا بطفل منذ عام يدير كريستيان فى أحد المتاجر الرياضية ويعود دائما فى التاسعة مساء
كريستيان كتب فى خانة والده مجهول اما والدته فكانت عضوة فى الحزب النازي النرويجى وكانت سكرتيرة لدى قوات الاحتلال حكم عليها بالسجن 8 اشهر لكن العقوبة خففت إلى 4 أشهر من أجل طفلها الصغير
5/"كونراد جينسين" اعزب ويعمل سائق أجرة وكان داعما النازيين فى الحرب وقضى عقوبة السجن لمدة ستة أشهر وعمل سائق الألمان بعد 1940 وقام بتغيير اسمه مرتين حتى لا يصبح هدفا متحركا ويحب التحدث مع الأمريكى عن الرياضة وكرة القدم
6/ "اندرياس جولستاد " تعرض لحادث منذ أربع سنوات وأصبح نصفه السفلى مشلولا ويعيش على إرث كبير له من والده وهو من مدينة يوفيك قال أنه شاهد أحد يرتدى معطف أزرق ووشاح أحمر فى الصيف الماضى.
اليوم الثالث
قابل المفتش كريستيانسين ابن شقيق “هارالد أوليسين” وابنته وتدعى “سيسيليا أوليسين” وأخبراه بأن عمهما مريض بالسرطان في المرحلة الأخيرة وان الأطباء قالوا إنه لن يعيش حتى رأس السنة وأنه أخذ إذن العائلة فى كتابة مذكراته وأن محامى عنهما أخبرهما أن الوصية سوف تفتح بعد 6 أيام من وفاته ،
تحقيقات الشرطة وجدت أن ثروة أوليسين تجاوزت المليون مرونة ولكنه تم سحب 250 الف كرونة من حسابه على ثلاث مرات
استقبل الضابط كريستيانسين مكالمه من «راجنر بورتشمان» وأنه قادر على مساعدته فى التحقيق فلقد كان صديق والده من أيام الجامعة وكان مفكرا ومثقفا وكان من أكبر العائلات فى أوسلو وكانت ابنته "باتريشيا لويز" متفوقة وذكيية موهوبة حتى تعرضت لحادث سير أسفر عن إصابتها بالشلل عندما قابلها وتحدثوا عن القضية قالت إن هذا نوع من أنواع جرائم الغرفة المغلقة، لكنه ليس أصعب الأنواع، فسلسلة الأمان لم تكن معلقة كما يقول «شارلوك هولمز» فـ»عندما تستبعد المستحيل، فإن المتبقي يكون الحقيقة مهما تبلغ غرابته» لقد غادر القاتل عبر الباب بوضوح واستنتجت ان صوت الرصاصة التى سمعها الجيران ليست هى الرصاصة التي قتلت هارالد أوليسين وقالت إذا شغلت الأسطوانة التي ما زالت في مشغل الأسطوانات بشقة “هارالد أوليسين سوف تسمع في هذه الأسطوانة صوت رصاصة أخرى وبالفعل عند فحص مشغل الاسطوانات وجد صوت رصاصة
يكون السؤال الرئيس هنا هو من المستفيد الأكبر من وفاة «هارالد أوليسين» حتى يصل إلى درجة قتله؟ وبالتبعية لماذا احتاج إلى قتله الآن في حين أنه لم يملك الكثير ليعيشه على أية حال ومن سردى للأحداث استنتجت أن كريستيان على علاقة مع ساره ساندكسفيت وأصبحت باتريشيا هى مساعدتي فى تلك القضية
اليوم الرابع
فى هذا اليوم ظهرت المزيد من الحقائق فلقد تم التأكد أن كريستيان على علاقة مع ساره ساندكسفيت وان حارس البناية أنطون انضم للمقاومة وكان يساعد هارالد أوليسين باخفاء اللاجئين في القبو حتى يساعدهم على الهرب لعبور الحدود لكن الحرب دمرت حياتهم وادمن السجائر والكحول وأنه فى المشفى بين الحياة والموت انا كريستيان الذى لم يعرف والده فلقد حملت به والدته فى مايو أو يونيو عام 1940 وهذا يدل على أن والده أما جنديا المانيا أو أحد النرويجين المتعاطفين مع النازيين أو مواطن نرويجى
ساره ساندكسفيت اسمها الاصلى ساره روزنتيال ولدت في عام 1943ولا تعرف شيئا عن والديها ولا عن وصولها لملجا جوتنبرج بالسويد عام 1944
كونراد جينسين قد تلقى العديد من التهديدات بالقتل وتم إحراق سيارته بيتر وقال إنه قابل هارالد أوليسين فى اجتماع للنازيين النروجيين وأنه كان بصحة امراءة شقراء جميله
أما داريل ويليامز رفض ذكر اسم حبيپته النرويجية
و اندرياس جولستاد كان والده رجلا ثريا وبطلان شعبيا حارب فى صفوف الملك والحكومه وتم اعتقاله 12 يناير 1941 وأطلقوا عليه النار بعدها باسبوع
اليوم الخامس
تناقش الضابط كريستيانسين مع طالب التاريخ بيورن إريك الذى طلب من أوليسين كتابة مذكراته وأنه يملك دفترتين دون عليهما اسم (4_1963
(5_ 1965
وأنه يملك دفترت رفض اعطائه له وبعد البحث تم العثور على الدفتر الثالث ووجد به بعض الفقرات الغامضة مثل N الغاضب حصل على اعتراف من S وأنه يريد المال وإلا يقوم بفضحه وإن زيارة D المخيف له وتهديده له إن تحدث، واتصال O به الذى لم يره منذ عشرين عاما والأمور التى يجب أن تغلق وتلقى اتصالا من jوكيف أثر به هذا الاتصال
وتحدث المحقق مع انطون هانسن حارس العقار وأخبره أنه كان يساعد أوليسين فى ٱخفاء اللاجئين فى بيته كانوا اربع لاجئين صبى فى السابعه عشره وزوجان شابان ومعهما طفلهما الشاب قد نجا بينما الزوجان كانت نهايتهم مأساوية قلفد ذهبو مع أوليسين ديرفوت وهو شاب مرشد يعرف طريق الجبال ليهرب اللجئين إلى السويد
ثم ارسلت شركة المحاماة برقية إلى جميع سكان البناية للحضور لفتح وصية أوليسين بناء على طلب منه
اما باتريشيا توصلت أن Dهو ديرفوت S هى والدة كريستيان التى كانت تشبه نجمة السنيما سونيا وان هارالد أوليسين هو والد كريستيان N هو كريستيان ويرمز لطفل نازى O داريل ويليامز عميل OOS وإن Jهى ساره إشارة لطفلة يهودية
ثم تم العثور على كونراد جينسين مقتولا فى شقته وبجانبه اعتراف بالانتحار وقتل أوليسين وتم غلق القضية وتهئنة المحقق ولكنه وجد أنه الورقة مطوية لثلثها وإن الاعتراف مكتوب بلغة نرويجية سليمه فاستمر التحقيق سرا وأنها جريمه قتل ثانيه
اليوم السابع
تم فتح الوصيه وتم تغييرها ثلاث مرات وأنه ا صى بأمواله كلها الى ساره ساندكسفيت وزوجه الحارس بمائة ألف كرونه
وتم معرفه حبييبة داريل ويليامز النروجية وأنها سيلينا أوليسين ابنه اخ هارالد وأنها حملت منه لكن عمهما أجبرها على اجهاض الطفل أما ساره ساندكسفيت فهى الطفله التى كانت مع الزوجين الذين كانا يهرهبها اوليسين
اليوم الثامن
كان هناك تعاون بين هارالد أوليسين وبين المخابرات الأمريكية الذى كان عميلهم هو داريل ويليامز وتم إحراق اوراق تخص
اليوم التاسع
تم حل لغز المرشد ديرفوت الذى كان برفقة أوليسين والزوجات اليهوديان وأنه كان يتبعهم سته جنود المان ثم جاءت عاصفه فتراجع ثلاثه وتبعهم ثلاثه لكن تم تبادل إطلاق النار وقتل الجنود الألمان الثلاثة والزوجان ولم تنجح إلا طفلة صغيرة وحصل خلاف بين أوليسين وديرفوت
اليوم العاشر
تم معرفه من هو القاتل فهو الرجل القعيد داريل ويليامز والذى لم يكن قعيدا بل شفى من إصابته وأنه هو ديرفوت وأنه أثناء تهريبه للاجئين قتل أوليسن الزوج اليهودى بعد مشادة بينهما وأنه قتل زوجته وشعر بندم كبير ودمرت حياته بعد ذلك وبعد القبض عليه انتحر ف. السجن وكتب ورقة وخريطة فيها قبر والدى ساره وأنه آسف على ما حدث
-
يارا رضوان
مراجعة رواية ذبابة بشرية
" هناك العديد من الناس الذين يمرُّون بشيءٍ مؤلم وصادم في فترة ما من حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبداً، فيصبحون ذباباً بشرياً، ويقضون الباقي من حياتهم نوعاً ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب"....
رواية ذبابة بشرية، للكاتب والمؤرِّخ النرويجي (هانز أولاف لهلوم) عدد الصفحات٣٨٤، نشرت الترجمة عن دار العربي للنشر عام٢٠٢٣.
نبذة عن العمل (لا تحتوي على حرق لخط اكتشاف الجريمة):
_لم يتوقع مفتِّش الشرطة (كولبيورن كريستيانسين) -والذي عُرِف لاحقاً بلقبk2- أنَّ يوم الخميس الموافق الرابع من أبريل عام ١٩٦٨ سيشهد انطلاقة من المستحيل أن تُنسى في تاريخه، وأنَّ ليلة اليوم المذكور ستحمل في طيَّاتها جريمة قتل رجلٍ مهم، وأنَّه -بطريقةٍ أو بأخرى- سيتولَّى بنفسه مهمة اكتشاف خبايا تلك الجريمة.
_(هارالد أوليسين) الرجل الذي قضى نحبه في عمر الثالثة والسبعين عن طريق رصاصة لا تُخطئ هدفها. لم يكن هارالد في عام ١٩٦٨ من نخبة المشاهير، ليس وقد مرَّ على تقاعده من وزارة وعضوية مجلس الدولة ثلاثة أعوام- لكنَّه كان كذلك في ماضيه، الماضي الذي لاحقته ظلالُه حتَّى أردته قتيلاً في شقته ببناية ٢٥ شارع كريبس.
_كان (هارالد) بطلاً من أبطال وقادة المقاومة في الماضي، في الحرب التي لا نحتاج الآن لذكر تفاصيلها، لكن يكفينا أن نشير لمن تخونه ذاكرته أنَّ وقتها كانت النرويج في حرب ضروس مع النازية الألمانية. والآن، وبعد مرور أكثر من عشرين عام على تلك الحرب، وبعدما تابع (هارالد) حياته كرجل حربٍ شهير ينال احترام كلّ من يعرفه؛ ما الذي قد يدفع أحدهم لقتله في شقّته وهو في مثل هذا العمر مع تاريخه الحافل بالبطولة؟.
_كان من الطبيعي أن يدور ذاك السؤال في ذهن كلّ من علم بالجريمة؛ مَن ولماذا قد يفعلها؟ والسؤال الأهم: من الذي استطاع أن يتسلَّل إلى الشقة وينفَّذ تلك الجريمة ثم يخرج دون أن يراه أي شخص، بما فيهم حارسة البناية والتي تسجِّل بمواعيدٍ دقيقة حركة الدخول والخروج من المبنى؟!...يبدو أنَّ ما كان ينتظر المفتش (كريستيانسين) في ٢٥شارع كريبس ليس -فقط- جريمة قتل غامضة؛ بل ومجرمٌ مناور من الدرجة الأولى، سيكلِّفه الوصول إليه بحثاً مضنياً.
تعقيب (قد يحتوي على بعض الحرق):
** أولاً تعقيبٌ عام:
_بناية سكنية من ثلاثة طوابق، تضم شققها سبعة جيران وطفل رضيع، وقصص لا نهاية لها من الماضي، وبذور انتقامية زُرعتْ في تربٍ خصبة. الجميع يصلح لأن يكون قاتل، الجميع لديه الغاية، البذرة، لكنّ شخصٌ واحد حرص على مدار أعوامه الأخيره على ريّ بذرته حتَّى نمتْ، وتغذَّت، وأينعتْ ثمرتها على هيئة جريمة قتل!
حسناً، من البداية ويساورني اعتراض على جعل قاطني البناية -فقط- هم المشتبه بهم، لا أنكر أنَّ الكاتب بذل جهوداً للخروج من هذه الدائرة، لكن بقيت كل أصابع الإدانة تشير للجيران الستة للضحية في غالبية الأحداث.
_لقد جمع الكاتب شخصيات بماضٍ مشترك حدَّ التشابك في بناية سكنية واحدة وجعل هذا الأمر يتم على سبيل الصدفة، الصدفة فقط، بالطبع إذا استثنينا القاتل الحقيقي الذي جاء لغرضٍ واضح، ولن أنكر أنَّ ذلك أصابني بإحباطٍ كبير…لطالما تمنَّيتُ طيلة القراءة أن تكون الشخصيات كلّها قد اتَّفقت على تنفيذ الجريمة؛ كان ذلك ليقنعني أكثر من أن تقول لي أنَّ الابن، والعشيق القديم للشقيقة، واللاجئة الصغيرة الهاربة كلِّهم قد قطنوا نفس المبنى دون ترتيب مسبق…القدر ملئ بالمصادفات نعم، لكنَّ مثل تلك الصدف -بالنسبة لي على الأقل- فاقت حدَّ الاحتمال.
_تُقدَّم الرواية على أنَّها بطولة المفتش k2 لكنّي أحب إعطاء كلّ ذي حقٍ حقه، رغم إعجابي بشخصية (كريستيانسين) إلَّا أنِّي أعجز عن ألَّا أراه بطلاً ثانياً، أما البطولة الأولى فهي للعبقرية (باتريشيا) التي اكتشفتْ جل ملابسات القضية، إن لم يكن كلّها.
_من بداية قراءتي للعمل، ورغم علمي أنَّ الترجمة حديثة…بل في واقع الأمر هي إنتاج العام الجاري؛ إلا أنَّني كنتُ أودُّ الوقوف على معلومة واحدة وإجابة لسؤالٍ وحيد: متى كتب (هانز) هذا العمل؟…لأنَّ الإجابة كانت ستؤثِّر -بكلّ تأكيد- على عدَّة انطباعات تكوَّنت لدي فيما يخص الحبكة، وقد أعطاني هانز -بنفسه- الجواب في اختتام الأحداث؛ لقد أنهى كتابة العمل عام ٢٠١٠…أبكر بكثير مما توقَّعتْ! ونعم؛ سيؤثِّر هذا -وبشدَّة- على رأيي الشخصي.
_من المفترض بي الآن أن أشرح تأثِّري؛ كما قلتُ سابقاً فإنَّني اعترضتُ على طريقة تجميع الشخصيات معاً بدافع الصدفة، وأزيد عليه أنَّني اعترضتُ -جداً- على طريقة "إخفاء" القاتل…لأنَّني -كقارئة على الأقل- استطعتُ أن أضع يدي عليه بمجرَّد أن انتهى (كريستيانسين) من مقابلة كلّ جيران الضحية، ولا أدَّعي أنَّ ذلك جاء لذكاءٍ شديدٍ منَّي؛ بل لأنَّها الفكرة الرئيسية التي قد تراود من اعتاد على مطالعة هذا التصنيف بمجرَّد أن يُقدَّم له ذاك "الجار المجرم" بالطريقة التي قُدِّم بها. إنَّها تفصيلة من كثرة استخدامها بات من السهل تخمينها؛ ولأجل ذلك قلتُ أنَّ تاريخ الكتابة سيفرق معي؛ لأنَّك لن تستطيع إطلاق لقب "كليشيه" على شيء هو -بالفعل- قديم. لقد صيغت أحداث العمل في عام١٩٦٨، وكنتُ أتمنى أن يكون تاريخ كتابتها قريبٌ من ذلك حتَّى أغفر ما سبق وذكرته.
**ثانياً: تعقيب على نقاط القوَّة:
_يستطيع هانز أن يطرح المعلومة التي يريدها في الوقت الذي يريده. دون أن يشعرك أنَّ جرعة المعلومات التي سقاها لك آنفاً قد تمَّ بتر جزءاً منها، جزء مهم، وتلك نقطة تُحسب له؛ لأنَّك -مع تخمينك الصائب ومع يقظتك طيلة القراءة- ستجد -دوماً- نقاطاً غفلتَ عنها سهواً.
_الربط بين الحرب التاريخية -الحقيقية جداً- وبين أحداث الرواية البوليسية -التي كلّها من أوَّلها إلى آخرها من نتج خيال الكاتب- هو شيءٌ يستحق الثناء بالطبع، وهو شيء لا يقدر على إنجاحه أي أحد. أن تستقي قصةً بوليسية درامية إلى حدٍ كبير من ذكرى كتلك أمرٌ لن يبرع فيه الكثيرون؛ لكن هانز فعل.
_كان بوسعي أن أقول انَّ الشخصيات تشابهت مع بعضها أثناء ذكري لنقاط الضعف، لكن لا؛ أنا أرَ أنَّ تشابههم يصلح لأن يكون نقطة قوَّة؛ لقد تشابهوا رغم اختلافهم، رغم الفارق الكبير في النشأة والأصل والبيئة التي تربوا بها؛ لكنَّهم ظلّوا -جميعهم بلا استثناء- ذباباً بشرياً يحوم حول ماضيه؛ وهذا -بالتحديد- ما يجعلهم مميزين؛ فرغم الاختلاف وُجِدَ التشابه الذي من أجله -بالأصل- دارت الأحداث.
**ثالثاً وأخيراً: تعقيب على الشخصيات:
_سبق وقلتُ أنَّ (باتريشيا) تصلح لأن تكون البطلة. هذه البنت -رغم إعجابي الشديد بها- إلَّا أنَّها أشعرتني في أحيان كثيرة بأنَّها صوت الكاتب وليست شخصية من ضمن شخصياته؛ لقد كانت تخميناتها تفوق الحد الطبيعي للبشر. تفوق حتَّى سنها الصغير، لكن بوسعي تمرير ذلك بمراعاة ما يقتضيه الدور، وما سبق وقاله والده عن ذكائها الحاد بالطبع.
_(كريستيانسين)...لن أقول أنَّني -في آخر جلسات القراءة خاصةً- كنتُ أحدِّثة بصوتٍ مرتفع وأنا أقول: "أرجوك، لمرَّةٍ واحدة؛ افعلها ولاحظ شيئاً صحيحاً"...لكنَّ المضحك أنَّه لم يفعل، وحسناً سأعترف؛ لقد جاء ذلك مناسباً -تماماً- لشخصيته، حتَّى هو اعترف بذلك.
_(ديرفوت)، وسأضطر لاستخدام لقبه وليس اسمه الحقيقي في محاولة بائسة لعدم حرق الأحداث؛ هذا الرجل تعاطفتُ معه رغم كل مثالبه وأخطائه. تعاطفتُ أكثر مع كونه قد أضاع عمره في سبيل أن يكون "ذبابة بشرية تحوم حول الماضي" ولطالما تساءلتُ: ماذا لو كان اختار العكس؟ماذا لو كان دودة ستخرجُ ذات يوم معلوم من شرنقتها على هيئة فراشة؟…وهذا يضعنا أمام تساؤل لابدَّ منه: هل حياة الإنسان -دائماً- تسير في تيارٍ دون رغبته؟ أم أنَّه -بطريقةٍ أو بأخرى- دائماً ما يحظى بدور البطولة في توجيه دفّته؟!..
تعليقٌ ختامي:
_الرواية -ورغم كلّ ماسبق ولاحظتُه- ممتعة، معجونة بصبر، ومُبَهَّرة بقصص جانبية متشابكة تثير الإعجاب لا ريب. استمتعتُ بها، وبمعرفتي أنَّها كانت بداية انطلاق سلسلة بوليسية للكاتب (هانز). وقد جاء في آخرها مفتتح الرواية التالية لهذه.
-
عمر حسن
يوم قُتل مارتن لوثر كنج في ممفيس بولاية تينيسي كان صوت الرصاص يدوي في الجانب الآخر من المحيط في منطقة تورشوف شرق العاصمة النرويجية أوسلو ، يُسمع الرصاص بوضوح من شقة سكنية كان يسكنها بطل من أبطال المقاومة، وهنا نعني كلمة "كان" لأن هارالد أوليسين قد قُتِل
وفي ذات اليوم الرابع من أبريل كان صوت الهاتف في شقة المحقق كولبيرون كريستيانسين يعلن عن جريمة وقعت في شارع كريبس بالتحديد البناية رقم 25 ، لتكون هذه اللحظة بداية محقق طلب من رئيسه أن يتولى التحقيق في هذه القضية التي وقعت في بناية كل من فيها محل اشتباه
● تنتمي الرواية إلى روايات "من فعلها؟" لكن هنا محقق ليس بوارو أجاثا كريستي ولا شيرلوك أرثر كونان ، يعتمد المؤرخ هانز لاهلوم -كاتب الروايات الآن بعمله التأسيسي لسلسلة المحقق (ك 2)- على هذا النوع الروائي ليسرد روايته الأولى بصوت المحقق مع ذكر كل حوار يجريه (صوت الراوي ونظارته، وهو يقص الحوارات كاملة) ، روايته الأولى التي نعتها بالبوليسية التاريخية وكتبها تأثرًا بعمته داجمار لاهلوم الموصوفة بالذبابة البشرية في إهداء الرواية التي حملت نفس الاسم
● يعني هانز بالذبابة البشرية أن ثمة حدث مؤسس يظل يُراودك وتظل أنت تحوم حوله بفكرك، وهذا هو المعمار الأساسي للرواية بجانب فكرة يؤكد عليها كل شخوص الرواية بتصرفاتهم وهي تعدد الوجوه وهذه هي التيمة الأساسية (لسنا على الحقيقة التي تبدو للناس) وهي تشمل الجميع من المحقق وحتى الجاني الذي نبحث عنه بين الصفحات
تلك الفكرة شرحها أنطون هانسن حارس البناية الذي آوى الفارين من النازية وأنتهى به الأمر إلى ما صار إليه حين قال "تجد نفسك بعدها عالقًا فيما حدث، ويستحيل عليك المضي قدمًا"، وجوه تبدو عادية لكن لكل منهم فكرة أو حدث أو حقبة يظل يحوم بعقله حولها هناك وإن كان هنا معنا، أو كما قال أنطون "مشكلتي أني أتذكر أكثر من اللازم" حتى أنه أحيانًا ينبغي على المرء أن لا يتذكر "خلصت إلى استنتاح بأن التحدث عن الأمور يجعلها أسوأ ببساطة"
تعدد الوجوه تجده حتى في ترتيب المكتبة داخل الرواية مرتين حتى أن في أحدها يلحظ المحقق -مع ما بُذِل من جهود لإخفائها- الكتب التي تحويها مكتبة من أصبحت مساعدة للمحقق
تتعدد الوجوه بالطبع لكل المشتبه فيهم كعادة هذا الجنس الأدبي من البحث عن جناة يبدون في منأى عن القتل لكنهم يخفون هذا خلف قناع، لكن بالإضافة إلى ذلك، في الرواية ثمة طبقات من حيوات القوم مطمورة خلف ستار المظهر اليومي المعتاد، بين الصفحات سترى من يدعي الرغبة في التعايش لكن مع رغبة دفينة في إقصاء من له الحق مع أنانية وحسد وطمع مكتوم
حتى تتكرر عبارة دالة على هذا المعنى مرة على لسان المحقق إذ يقول "من يدعون أن المال ليس مهمًا لسبب ما دائمًا ما يبدو أن لديهم الكثير منه" ومرة على لسان كريستيان لوند "أولئك الذين يقولون إن المال لا يعني شيئًا لم يكبروا في الفقر"
● تبدأ فصول الرواية المتلاحقة الممتعة التي تلتهمك بمجرد بداية القراءة برحلة نتعرف فيها على سكان البناية ويبدو بجلاء أن ثمة ما هو مخفي وأن كلًا منهم لم يقل كل الحقيقة، حتى لو لم يكذب إلا أن الحقيقة ليست كاملة في رواياتهم عن الحادث
فنرى زوجة الحارس وكأنها تكتم أمرين بشأن السكان يظهر أحد هذه الأمور والآخر يظل محل نظر إلى حين
ثم نتعرف على مرض الضحية من أولاد أخيه، وبالروايات المتلاحقة تتبين لنا سيرته كما تتبين لنا سيرهم
وفي نفس التوقيت الذي يلاحق فيه المحقق الحقيقة يعرض عليه أحد معارف والده المساعدة التي نعلم كنهها بعد زيارة يجريها المحقق
في فصل سماه المؤلف بصقل الذاكرة كان على الحقيقة صقلًا للشخصيات وقربًا منها أكثر نشهد فيه الأنانية والطبقية والصراع الخفي
نكمل التحقيق حتى نصل إلى كونراد سائق التاكسي مع التأكيد على الوجوه الأخرى والماضي والشخصيات المتعددة وينتهي التحقيق باندرياس جولستاد القعيد الذي قتل النازيون أباه
أثناء التحقيق يظهر طالب تاريخ كُلِّف بكتابة المذكرات الشخصية للمقتول يعقب هذا العثور على القسم الأخير من المذكرات الشخصية بخط هارالد مخبأة بين الكتب لكنها تضيف ألغازًا أخرى بدلًا من كشف خيوط الظلام حول القضية التي تتحول لجريمتين قتل لا واحدة يموت في أحدها فرد من سكان البناية مجددًا وأحد المشتبه فيهم أصلًا، وأنا أعدك بعد معايشة الشخصيات وصقلها ستشعر أنك تسكن في بناية من القتلة
● حوار الرواية يجعلك تسمع كل الأصوات وتحاورها وتستمتع وأنت تتابع استكمال الصورة أو الأحجية الناقصة التي تبحث عن إكمال نقصها والقطعة المفقودة، ومع رواية تنتمي لهذا النوع فأنت تعلم أن ثمة أكاذيب وأسرار بل الكثير منها، والقصة تتكشف مع تتابع سرد الشهود أو المشتبه بهم
● الشخصيات كما قلنا تظل تتضح شيئًا فشيئًا كعابر في الضباب حتى ينقشع عنه، لكن للأسف أكثر الشخصيات التي لم تضح كما ينبغي كانت شخصية المحقق الذي لم تتضح شخصيته كما هو مفترض ولم يكن هذا مقبولًا ، وظهر على النقيض تمامًا من أبطال هذا النوع الأدبي وكان هذا على ما يبدو متعمدًا لكن مع تسطيح، قد تجده في ملمح أو اثنين يظهر منه قوة ملاحظة لكنه في الغالب كما وصفته باتريشيا -ليصرح المؤلف بهذا الاعتراف على لسانها- "يتمتع مفتش المباحث كولبيورن كريستيانسين بالعديد من الخصال الجيدة بلا شك لكني لست متأكدة إن كان الذكاء أحدها حتى الآن" وبالمناسبة فالرواية تتسم بحس ساخر مبعثر بين فصولها لكنه بالتأكيد سيدفعك للابتسام، على هيئة ملاحظات ساخرة يلقيها المحقق كملاحظة عن شخصية المحامي مثلًا وأنه "لابد أن هذا الرجل وُلِد ساديًا ثم استغل هذا في مهنته" وأن كلمة (لكن) "كلمته المفضلة ويعلم بالضبط كيف يستخدمها" وملاحظة أخرى عن الدبلوماسي الذي هو أحد "الشخصيات التي يمكنها أن تتحدث معك وتتودد إليك في حين تخفي خلف ظهرها هراوة كبيرة طوال الوقت" لاحظ تعدد الوجوه مرة أخرى
● من مشكلات الرواية تصميم شخصية المحقق التي سبق وذكرت عبارة المؤلف بصدد ذكاءه، حتى أنه يبدو متعمدًا وهذا مقبول، لكن للأسف كان هذا عيبًا للمبالغة والإغراق فيما قد نسميه تجاهل البديهيات أو ما قد يسميه أحدهم مع رفع الحرج بالغباء وأحيانًا بالغباء الشديد الذي لا يليق مع شخصية كهذه بل ويحدث هذا التجاهل للبديهيات معظم الوقت، استنتاجات بعضها بدهي لا تحتاج لعقل ذكي يساعد المحقق لكنها تحتاج لمحض تفكير عادي سيخلص إلى هذه النتائج وللأسف كانت الرواية في هذا الشأن مستفزة حتى أن عبارة مثل "أسئلة تصرخ طلبًا للإجابات" تصبح محل سخرية، لإن الكثير من الإجابات واضحة بل في الغالب أنت ستعرف الإجابة وستعرف من فعلها قبل فصول النهاية لكنك ستكمل مأخوذًا بالإيقاع السريع للرواية وطلبًا لفهم أكثر للدوافع والتفاصيل والكيفية فقط
وهذا التجاهل للبديهيات الذي قد يعكر صفو قرائتك يبدو أن ثمة شخصيات أخرى قد أصيبت به وأن العدوى استشرت حتى أن الشرطي في السويد يروي واقعة يقول أحد أطرافها أن مطاردة قد جرت مع اشتباك بالرصاص ثم هو يجيب أنه لا يمكنه التأكد بشأن وجود سلاح!
ومن مُعَكِرات الرواية أيضًا المصادفات المتكررة، نعم ثمة صدف تبدو كذلك لكن وراءها الكثير يكشفه التحقيق، وعلى النقيض ثمة صدف محركة للأحداث بملائمة تفتقر إلى الواقعية
ومع الحديث عن مواطن الشكوى من الرواية لماذا ينقل المحقق مشاعر امرأة تجاه من تحب ولا يفعل ذلك مع مريض على فراش الموت بث حبه لشريكة حياته وأوصاه بنقل رسالته؟
● وفي الأخير رغم أي نقد هي رواية ممتعة تغرقك في تفاصيلها وحوارها وفكرتها الأساسية التي يؤكدها شخوصنا، وبترجمة جيدة وسلسلة ولطيفة
ختامًا نعم قد تعرف إجابات "الأسئلة التي تصرخ" وتعرف القاتل لكنك ستتابع القراءة على الأقل لتتأكد، وقد لا تعرفه على الإطلاق حتى النهاية، أو تعرفه لكن تجهل حقيقة الوجوه خلف الأقنعة في حياة متعددة الوجوه ومتعددة الحوداث التي قد يقف عندها العقل ويظل يحوم ويحلق حولها ويجول فيها .
-
Rehab Nagi
مراجعة رواية ذبابة بشرية
للمؤلف: هانز أولاڤ لهلوم
ترجمة: يارا أيمن
ـــــــــــــــ
ـــــــــــــــ ــــــــــ ذبابة بشرية
احيانًا حتى إن توقف شبح الماضي عن مطاردتنا ربما لا نتوقف نحن عن مطاردته؛ حينها نجد أنفسنا بلا حراك أمام تلك المحطات المظلمة من الحياة، نتعمق في تجاويف ذكريات الألم أكثر وأكثر، وداخل تلك التجاويف المؤلمة تكمن بكل منا ذبابة. ذبابة لا ندري إذا كانت هي من تحوم حول عفن الذكريات أم انها عاجزة عالقة تحاصرها شباك الماضي، لكن في كلا الحالتين يتسلل اليأس إلى أرواحنا فنصبح تائهين متخبطين بين الحاضر وتلك الذكريات التي توقف عندها الزمن!
"هناك العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في فترة ما في حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه ابدًا، فيصبحون ذبابًا بشريًا"، ويقضون الباقي من حياتهم نوعًا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة".
من هذا المبدأ استخلص"لهلوم" عنوان روايته، فنجده يسلط الضوء على تلك الذبابة البشرية الكامنة في كل شخصية من شخصيات الرواية وكيف يمكن ان ينتهي الحال لمن يترك تلك الذبابة تسيطر على حياته وتصرفاته. لتجد نفسك في النهاية تفتش انت ايضا بداخلك باحثًا عن تلك الذبابة ربما لتحاول التخلص منها أو ربما لتتصالح مع اخطاء الماضي وكأنه يقول لك عزيزي القارئ احترس من الذبابة بداخلك!
ولا تعد هذه الفلسفة ضرب من خيال الكاتب بل انه استواحاها من واقعه المحيط؛ فنجده يذكر لنا قصة عمته الراحلة "داجمار لاهلوم" والتي وصفها بالذبابة البشرية ومع قراءة قصتها نعرف كيف حالت تلك الذبابة بداخلها لمصيرها ويتضح لنا المقصود ب الذبابة البشرية أكثر وأكثر .
الخلفية التاريخية للرواية
تعد هذه الرواية أول تجربة لي مع الأدب النرويجي، وتصنف كرواية بوليسية تاريخية؛ استطاع الكاتب فيها أن يمزج بعض الأحداث التاريخية بخياله لينتج لنا إحدى روايات الجريمة والغموض. فاستخدم المؤلف بعض الأحداث التاريخية المرتبطة بالحرب العالمية الثانية كخلفية سردية للأحداث، فنجد أنه استخدم اسماء مدن وشوارع حقيقية بالرغم من أن ارقام البنايات كانت من وحي خياله. كما استوحى بعض الأحداث من قضية حقيقية حدثت بين عامي 1946 و1947 ثبتت فيها براءة اثنين من مرشدين الحدود من جريمة مقتل زوجيين يهوديين اثناء الحرب.
الجو العام واللغة
الاحداث رائعة تحمل جو من الترقب والغموض بالرغم من بعض المط او الحشو الزائد في بعض الفصول لكن بشكل عام اعجبني ترابط الاحداث والشخصيات و الحبكة الدرامية للرواية. وبالطبع لن انسى الإشادة بترجمة الرواية، فدائما ما اخشى قراءة الأدب المترجم وأفضل القراءة بالنص الأصلي، خوفًا من عدم انسيابية اللغة ولكن للحق الترجمة مكتوبة بلغة جيدة للغاية لا تعيق انسيابية القراءة.
ملخص الرواية
تدور الرواية حول التحقيق في مقتل أحد أبطال المقاومة، سياسي ووزير سابق يُدعى "هارالد أوليسين". ويقوم بالتحقيق المحقق "كولبيورن كريستيانسين" و يقع في دائرة الإشتباه كل سكان البناية فنجد انه برغم اختلافاتهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية إلا ان لديهم خيوط تربطهم جميعًا بالضحية و دوافع محتملة للقتل!
في البداية ومع حماس المحقق "كولبيورن كريستيانسين" شعرت أنني أمام شيرلوك هولمز جديد و او كونان آخر محاولًا اكتشاف الغامض والمثير، لكن حدثت المفاجأة.....
"هل سبق وقابلت شخصًا دائما ما يسبق أفكارك بخطوة ويفكر بشكل أسرع وأعمق منك؟ انها تجربة رائعة ومخيفة في آن واحد. أن تنظر في عينّي شخص أذكى منك بمستويات عدة، ستشعر وقتها أنك في أيد أمينة وعاجز في الوقت نفسه." هذا بالظبط ما شعر به محققنا "كريستيانسين" عندما لم ينجح في حل لغز الجريمة بمفرده فنجده يلجأ لقبول مساعدة فتاة شابة تدُعى "باتريشيا بورتشمان". باتريشيا تلك الفتاة الجميلة، القارئة النهمة و الجندي المجهول في حل لغز الجريمة.
القارئ المحقق
فالحقيقة لم يقتصر عبء التحقيق على كريستيانسين وباتريشيا فقط! وكان هذا جزئي المفضل. فأكثر ما أعجبني في تلك الرواية هو تلك الحالة التي انتابتني اثناء قراءتها، فمع كل جلسة قراءة كنت أجد نفسي هناك في أوسلو، تحديدا في بناية 25 شارع كريبس أشارك في التحقيقات بنفسي، أفتش عن الذباب البشري واراقب تقدمات كريستيانسين و باتريشيا بل استطعت أن احصر دائرة الشك حول ثلاثة من سكان البناية و قبل النهاية استطعت تخمين القاتل بشكل صحيح حتى قبل ان يخمنه المحقق الفذ كريستيانسين! (الذي ازعجني كثيرًا في محاولاته لإنساب الفضل لنفسه فقط) وفي النهاية أجد نفسي أتفق مع رأي صديقتي الخيالية "باتريشيا" فكل منا ترى أن مفتش المباحث "كولبيورن كريستيانسين" يتمتع قطعًا بالعديد من الصفات الجيدة بلا شك ولكننا لسنا حتمًا متأكدتين إذا كان الذكاء أحدها حتى الآن.
ومع ذلك لا انكر انني متشوقة لأرى كلاهما في مغامرات أخرى يتطور فيها اداء المحقق كريستيانسين و تتوج فيها جهود الجميلة باتريشيا..
تمت
-
Youssef Yousry
ذبابة بشرية
مقدمة
رواية ذبابة بشرية هي رواية من تأليف الكاتب النرويجي هانز أولاف لاهلوم عام 2014.
عنوان الرواية مثير للاهتمام، انتظرنا ربع صفحات الرواية تقريبا حتى نعرف ما هي تلك الذبابة البشرية التي يقصدها الكاتب وأختارها عنوانا لهذه الرواية، جاءت الإجابة على لسان بطلة الرواية باتريشيا التي تقول
❞هناك العديد من الناس الذين يمرون بشيء مؤلم وصادم في حياتهم ولا يستطيعون تجاوزه أبدًا، فيصبحون ذبابًا بشريًّا، ويقضون الباقي من حياتهم نوعًا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة، ❝
القصة تدور حول مقتل هارالد أوليسين بطل المقاومة السابق أثناء الحرب العالمية الثانية، لا يوجد أية أدلة على مرتكب الجريمة، كل الجيران مشتبه بهم ولديهم دافع بشكل ما لارتكاب الجريمة، وهنا يقود التحقيق المحقق الشاب كريستيانسن الشهير ب “كي 2” بمساعدة باتريشيا شديدة الذكاء التي أعتبرها شخصياً بطلة القصة الحقيقية، الرواية هي أولى الروايات في سلسلة أعدها كاتبنا.
الكاتب في رأيي أعاد إحياء -إن جاز التعبير- الروايات البوليسية ذات المكان المغلق، فتلك الروايات تميز بها أجاثا كريستي وأرثر كونان دويل، ويظهر جلياً تأثر الكاتب بهما فتعتمد عليهما كثيراً باتريشيا في تخيلها لسيناريو الجريمة أو طريقة تفكير القاتل، بل وتذكر روايات محددة لهم في أكثر من موضع مثل شارلوك هولمز، جريمة في القطار السريع ومقتل روجر أكرويد، كان للرواية طابعها الفريد بالرغم من تأثر الكاتب بهؤلاء الكتاب.
الحبكة وتسلسل الأحداث
جاءت وتيرة الأحداث متوازنة، ففي أيام التحقيق العشرة كان هناك دائماً أحداث مثيرة للاهتمام حتى وإن هدأت الوتيرة قليلاً في بعض الأحيان، فلم أشعر بالملل على مدار الأيام العشرة ولا في اليوم الأخير الذي يعتبر خاتمة للقصة. شعرت في نقطة ما بالملل قليلاً من ذكاء باتريشيا الحاد وتوقعها لكل شيء، لكن مقتل كونراد جينسن وخطأ تقدير باتريشيا سرعان ما أزال ذلك الملل.
عند نهاية القصة وجدت الحبكة بسيطة رغم تعقيدها الشديد وغموضها في البداية وهذا يحسب للكاتب.
الخلفية التاريخية
معرفة ودراسة الكاتب للتاريخ تظهر واضحة من خلال الرواية، فالكاتب يحدد زمن 1968 للرواية وتبدأ الأحداث بجريمة القتل في نفس يوم مقتل الناشط الأمريكي مارتن لوثر كينج، ويظهر اهتمام الكاتب بالتاريخ خاصة بالحرب العالمية الثانية وعلاقة النرويج بأمريكا. فالكاتب يعود بنا لزمن الحرب العالمية الثانية ويبحث معنا عن ارتباطها بالجريمة.
الشخصيات
تأثر الكاتب بكون عمته تعرضت لمصير قريب من مصير كونراد جينسن الذي لم يستطع الحياة بشكل عادي بعد الحرب العالمية الثانية وتعرض لرفض مجتمعي كبير عانت منه عمته مثلما عانى منه كونراد، وكان ذلك ملهماً للكاتب في نسج شخصيات الرواية بالتأكيد كما يذكر في نهاية الرواية وكذلك يهدي لعمته الرواية.
على الرغم من اهتمام المحقق بشكل مبالغ فيه بعض الأحيان بأبعاد شخصية بعيدة عن التحقيق، إلا أن هذا ساعد على فهم الشخصيات وتكوينها ودوافعها، لم نعد نتعامل هنا مع مجرد بعض المتهمين المحتملين ونبحث عن دليل أو دافع لارتكاب الجريمة، بل صرنا نتعاطف مع الشخصيات. فكونراد جينسن يشعر بالوحدة ويتعرض لرفض مجتمعي كبير من بعد نهاية الحرب، وسارة ساندكفيست عاشت بدون أب أو أم، و أندرياس جولستاد أو ديرفوت مثلما كان يطلق عليه قُتل والده برصاص الألمان، ورأى الأهوال في طفولته أثناء تهريب اللاجئين هرباً من بطش الألمان، وراندي هانسن توفر النقود اللازمة للحياة بصعوبة وزوجها على حافة الموت في المستشفى، وكريستيان لوند عاش بدون أب، وداريل ويليامز فرقت الظروف بينه وبين حبيبته.
نلاحظ أن كل الشخصيات تقريبا كان لديهم ما يخفونه عن المحقق خوفاً من الارتباط بالقضية، وهو ما نكتشفه خلال الرواية.
شخصية هارالد أوليسين شديدة التعقيد بالطبع، فهي شخصية متشابكة مع كل شخصيات الرواية. ولكننا نفهم شخصيته بشكل أوضح من خلال مذكراته ونتفهم كذلك وصيته على غرابتها.
أحبطت قليلاً من قلة قدرة المحقق “كي 2” على الاستنتاج وقيادة باتريشيا الفعلية للتحقيق.
شخصية باتريشيا كانت الأكثر روعة، كأنها خليط من شارلوك هولمز وجان ماربل مجتمعين.
شخصية أندرياس جولستاد أو ديرفوت كانت الأكثر إثارة بالطبع، مفاجأت الشخصية لم تنتهي حتى بعد القبض عليه. وتعقيدات تلك الشخصية مفهومة نظرا لما مرت به.
الترجمة
الرواية مترجمة عن الإنجليزية للمترجمة يارا أيمن.
الترجمة جاءت موفقة جداً ولم أشعر بأفتعال الألفاظ أو غرابتها، أحيي المترجمة يارا أيمن وأتمنى أن تترجم باقي أجزاء السلسلة.
تقييمي للرواية
الرواية أعجبتني وأعتقد أنني سأقرأ باقي أجزاء السلسلة وأعتبر أنها رواية رائدة في الأدب الاسكندنافي.
-
Ahmed Mohsen
رواية : ذبابة بشرية
للكاتب : هانس اولاف لاهلوم
فى البداية قبل الحديث عن الكتاب سنتعرف سريعا علي الكاتب و أعمالة السابقة و حياتة حيث أن الكاتب هانس اولاف قبل ان يكون كاتب سلسة روايات جريمة بطلها محقق شاب ماهر يدعى كولبيورن كريستيانسين و المعروف ب "كى2" الكاتب كان مؤرخ نرويجى و سياسى و قام بكتابة كتب سياسية و سير ذاتية قبل اتجاهة إلى الكتابة في أدب الجريمة فى أول رواية لة "ذبابة بشرية" وهى اول كتاب فى السلسلة
يهدى الكاتب الكتاب الى عمتة الراحلة "داجمار لاهلوم" و الذى مع الكلمة الختامية لة الذى كتبها فى نهاية الكتاب نعرف مدى تأثر الكاتب بالتاريخ و الفترة التى عاشتها عمتة خلال الحرب العالمية الثانية مما دفعة الى الكتابة عن فترة النازية خلال الحرب و على الرغم من أنها رواية جريمة يوجد جزء كبير منها سياسى فى الكتاب عن ماضى أبطال الرواية الذى يتم سردة من خلالهم اثناء الاحداث
ظهر لي أن الكاتب متاثر بشكل كبير و عميق بافلام النوار و الجريمة خاصة أفلام "همفرى بوغارت" تحديدا فيلم The Big Sleep و The Maltese Falcon و حبة و تأثرة بالغموض الذى يغلف الاحداث من البداية إلى النهايه، و أيضا واضح مدى تأثرة بأسلوب الكاتبة العظيمة اجاثا كريستى فى الكتابة و حبة لها حيث انة من الممكن ان نعتبرة من مدرسة ادب الجريمة الكلاسيكى لأنة اثناء القراءة يجعلك تفكر بشكل مستمر فى لغز الجريمة و الغموض الذى يحيط بة و تشتبة و تشك فى جميع شخصيات الرواية و تسأل نفسك بشكل مستمر من القاتل و ما هى دوافعة لارتكابة هذة الجريمة البشعة للضحية تحذير حرق للأحداث (هارالد اوليسين) السياسى الشهير و الوزير السابق و بطل المقاومة ضد النازية و لة دور بارز لأنقاذ اليهود و تهريبهم الى بر الامان
و يجب أن أعترف انى معجب بروايات الجريمة منذ صغرى خاصة ما يحتوى علي الغموض و الالغاز و خاصة عندما يكون اللغز لغز غرفة مغلقة على الطراز القديم و مما أكد لي تأثر الكاتب بشكل كبير جدا بالكاتبة الشهيرة اجاثا كريستى أننى عند وصولي لنصف الرواية ظننت انها متأثرة برواية شهيرة جدا لها و اعذرونى لعدم ذكرى اسم الرواية الشهير منعا لحرق احداث و تفاصيل الرواية لمن لم يقراها بعد
تدور احداث الرواية فى اوسلو فى أواخر الستينيات مع وجود موضوع تاريخى يرتبط جميع ابطال الرواية بالأحداث التى حدثت فى النرويج المحتلة فى فترة الحرب يبنى المفتش المعروف (كى 2) سمعة مثيرة للأهتمام و الأعجاب مع اول قضية يتولاها و مع ذلك يعتمد المحقق على فتاة ذكية جدا و أنا لا ابالغ حيث أنها لها فضل كبير فى العثور على ادلة مهمة جدا وساعدت المحقق أثناء التحقيق فى العثور على القاتل و غلق القضية و ذلك بمجهود مهم من خلالها حيث انها قارئة نهمة تبلغ من العمر 18 عاما تجلس على كرسى متحرك تدعى باتريشيا و تتمتع بحكمة تفوق سنها الصغير وذكرتنى شخصيتها بشخصية اجاثا كريستى الخالدة هيركيول بوارو
و جريمة القتل هنا تحدث فى مبنى سكنى مغلق فى شقة الضحية دون اثر على اقتحام المكان من خلال احد و الجميع مشتبة بة فى ارتكاب الجريمة حتى يثبت العكس و على الرغم من ذلك فان النهاية نوعا ما كانت متوقعة يقوم المحقق بحل لغز الجريمة خطوة بخطوة حتى يتوصلوا الى حل جريمة القتل و العثور على القاتل
و القبض علية
غلاف الرواية جذبنى و خصوصا عنوان الرواية ذبابة بشرية فى الفصول الاولى اثناء القراءة ظللت اتسائل لماذا اختار الكاتب هذا العنوان للكتاب ووجدت الاجابة عند هذا الاقتباس من الرواية و الذى اعجبنى و جعلنى اتسائل اثناء قراءتى للرواية هل نحن فى اوقات كثيرة من حياتنا نكون عبارة عن ذباب بشرى؟
الاقتباس
"هناك العديد من الناس الذين يمرون بشئ مؤلم و صادم فى فترة ما من حياتهم و لا يستطيعون تجاوزة أبدا, فيصبحون ذبابا بشريا , و يقضون الباقى من حياتهم نوعا ما وهم يدورون حول ما حدث لهم مثلما يدور الذباب فوق القمامة "
هل نحن كذلك فعلا ؟
سؤال لم اصل الى اجابة لة
اتمنى ان يتم ترجمة باقى كتب السلسلة ,الكاتب قام بكتابة 11 كتاب من هذة السلسلة حتى الآن و تم صدور الكتاب الاخير السنة الفائتة
ترجمة الرواية جميلة و مميزة و أسلوب المترجم جعلنى مشدود اثناء القراءة و شعرت أنى اقرا الرواية بلغتها الأصلية بشكل واضح
المشكلة الوحيدة التى واجهتنى اثناء قراءة الرواية و لم تعجبنى هو انة يوجد حوارات طويلة ممكن ان تصل الى فصل كامل مما جعل ذهنى مشتت بعض الشئ حيال احداث الكتاب و الوصول إلى حل اللغز
لكن بالنسبة لأول عمل روائي للكاتب فهي رواية أكثر من ممتازة و تجعل القارىء معجب بالشخصية الرئيسية و يرغب في قراءة أعمال أخرى لها
-
Shaimaa Moawad
ذبابة بشرية.. تأليف هانز أولاف لهلوم
دار النشر: دار العربى للنشر والتوزيع
عدد الصفحات: ٣٨٤
التصنيف: رواية بوليسية
قد يبدو العنوان لأول وهلة موحى بأحداث تدور عن
الجاسوسية أو الخيانة و ربما العملاء المزدوجين،
لكن كعنوان يليق برواية بوليسية مثيرة فقد كان
مخادع نوعا ما، فالذبابة البشرية كما ستكشف لنا الأحداث فيما بعد ليست سوى وصف لحالة نفسية وإنسانية، قد يعلق الإنسان بها فى مرحلة ما من عمره قد تطول وقد تقصر ولكن ينطبع أثرها علي حاضره ومستقبله..
ومع بداية كلاسيكية لجريمة قتل ومحقق يستدعي لموقع الجريمة للتحقيق فى حادث قتل بطل مقاومة
فى الحرب العالمية الثانية ووزير سابق، بداية قد تكون شبيهة بالروايات البوليسية التقليدية نتوقع أحداث مرتبطة بماض مشين وجانب مظلم للضحية، وماذا غير الجاسوسية والخيانة قد يكون هو الماض
المشين والمظلم للضحية بطلنا القومى؟! لا أريد أن أكون لئيمة وأحرق الأحداث..
ومع التيمة الرئيسية للرواية التى ربما تذكرنا برواية "جريمة فى قطار الشرق السريع" لأجاثا كريستى،
حيث يلتقى ماضى جميع الشخصيات المشتبه بهم مع حاضرهم ويتردد صداه داخل البناية رقم ٢٥ شارع "كريبس" والقاسم المشترك بينهم الذى يشاركهم صدى هذا الماضى هو القتيل سنعرف المقصود بمعنى ذبابة بشرية.
للشخصيات فى الرواية..
خط اجتماعى ونفسى وانسانى يميز كل واحدة منها على حدى، واسثنائى نظرا لطبيعة المرحلة التى ولدوا وعاشوا فيها " قبل وبعد الحرب العالمية الثانية" والإحتلال النازى فنجد جوانب إنسانية لكل فرد من المشتبه بهم منفردة بمعاناتها وألمها الخاص حيث يظل الماضى دائما حاضر فى خلفية مشهد الحياة لكل واحد منهم، ولكن يحسب للكاتب اهتمامه بالشخصيات والتركيز على الجانب النفسى والإنسانى بدون مبالغة أو إفراط فى التوغل والتعامل معها ولكن بالتركيز على الخطوط العريضة الكافية بالتعريف بشخصيات الرواية والتفاصيل الضرورية لتوصيل القارئ إلى التعرف على التركيبة النفسية والإنسانية والإجتماعية لكل واحد منهم بدون تحويلها إلى دراما إنسانية وليست رواية بوليسية.
حين نتكلم عن السرد فى الرواية..
استرعى انتباهى ميزة العملية والسلاسة للسرد مع الحفاظ على جو الغموض والتشويق، لكن لغة السرد والحوار فى الرواية عادية مع وجود بعض الإسثناءات، فهى غير مميزة، ليست بالمملة ولكن ليست ذات تأثير يترك بصمته تستمر بعد الإنتهاء من قراءاتها، فلغة الحوار تخدم الهدف من الرواية بشكل عملى ومباشر لرواية بوليسية تقليدية.
حبكة الرواية..
حافظ المؤلف على مساحة واسعة من الغموض والاحتمالات التى قد تكون مع كل مشتبه به مما أضاف القوة للحبكة على الرغم من ضعف منطق اجتماع جميع الشخصيات المشتبه بها فى سكنى بناية واحدة يربطهم فيها مع القتيل ماض مآساوى مشترك، وتوقع الجانى لى كقارئة مع انكشاف تفاصيل ماضى الجميع مع اقتراب النهاية.
لم أحب وجود مساعد للمحقق من خارج قسم التحقيقات والمتمثل فى شخصية باتريشيا بورتشمان ابنة الصديق السابق لأسرة المحقق والمنعزلة اجتماعيا بسبب إصابتها بالشلل فى سن صغيرة، فقد تسبب وجودها فى إضعاف قوة وتأثير المحقق وإظهاره بصورة انسان متوسط الذكاء والقدرات لم يكن لينجح فى التوصل لهوية القاتل دون تدخلها ومساعدتها، مما أضعف من دوره كبطل للرواية ورسم شخصيتها كعنصر محورى وهام فى خط سير تحقيقات المحقق k2 وفى ذات الوقت جعلها تظهر كشبح لايريد أن يعلم بدوره ووجوده أحد مع استمرار استفادة المحقق كولبيورن كريستيانسين "k2" من خدماتها ومساعدتها له حتى بعد انتهاء التحقيق والتوصل لهوية القاتل مما أضعف من تأثير الأثنين كبطلين رئيسيين للرواية فى رأيى الشخصى.
الترجمة..
أعتقد أنها المرة الأولى لى قراءة عمل مترجم للمترجمة يارا أيمن وحقيقة فهى بداية جميلة جدا، فالترجمة سهلة وسلسة، و "سهلة" و"سلسة" من خلال تجاربى الشخصية فى قراءة الأعمال المترجمة ليس من السهل الوصول إليهما لأى مترجم إلا من خلال مترجم واسع الإطلاع ومتمكن من لغته وأدواته ويحترم القارئ، فلم أشعر خلال القراءة بوجود جمل وسطور نشاز أو غير مفهومة وواضحة كما يحدث كثيرا عند قراءة الأدب المترجم أو تركيبات لغوية غير سليمة..
سعدت بالترجمة، شكرا لك يارا.
فى النهاية وفى رأيى الشخصى هى رواية جيدة جدا بالنسبة لكونها أول محاولة أدبية لمؤلفها فى الأدب البوليسى.
-
Doaa El shamy
"ذبابة بشرية".. حكايات الحب والحرب
دعاء الشامي
للوهلة الأولى عندما يمر أمامك عنوان الرواية" ذبابة بشرية" لا يسعك إلا أن تفكر، ماهي تلك الصفة التي قد تحول الانسان إلى مجرد حشرة، تحوم حول بقايا طعام متعفن أو قمامة على قارعة الطريق، تطن وتأبى أن ترحل..؟
لكنه بالطبع عنوان جاذب.. ولا يتركك الكاتب طويلا تفكر بل يعطيك أول الخيط ليسحبك داخل عالمه فتعرف ما يمكن أن يعنيه ذلك عن قرب عبر حكاية كل بطل من أبطاله..!
يأخذك المؤلف النرويجي "هانز أولاف لهلوم"، إلى عالم ربما لم تصلنا منه حكايات غزيرة، إلى دنيا الحرب العالمية الثانية في النرويج، إلى تجارب حياتيه ومشاعر إنسانية متأرجحة بين المحبة والانتقام لتتعاطف مع أصحابها وتلعنهم في آن...!
خلال جولته المشوقة التي تخترق أسرار عمارة سكينة استيقظ سكانها في صباح أحد الأيام ليجدوا بطل مقاومة نرويجي مقتولًا في شقته، ووفقا للأدلة التي يجمعها مفتش المباحث الشهير"كولبيورن كريستينيان" أو "k2" ومساعدته الشابة المقعدة" باتريشيا" التي تعشق فك ألغاز القضايا الصعبة بعد فقدانها القدرة على الحركة.. يخبرنا أن القاتل محصور في سكان البناية..
وخلال تلك الرحلة نتفاجأ بأن كل ساكن تربطه علاقة بشكل ما مع المقتول، وعليك أن تكتشف كيف يمكن للإنسان أن يخفي ماضيه بذات القدر الذي يمكنه أن يتنفس، ولكن لفترة زمنية تجعله يخرج من الشك ولو مرحليا..
يدور الكاتب خلال ما يزيد عن ستمائة صفحة في قالب بوليسي متقن الحبكة والتمويه؛ ففي كل فصل يجعلك تجزم أنك تعرف القاتل ثم يعود أدراجه لنقطة البداية؛ فتحتار معه في تحديد هوية الكائن المنشود، بذكاء ونضج كاتب بدا أنه تربى على قراءة روايات أجاثا كريستي لكنه لا يقلدها بل يترك بصمته الخاصة في طريقة إكماله للصورة.. وإن كان السرد لديه طويلا في بعض الفصول..
هل تخيلت أن تكون "ذبابة بشرية"؟؟
جاءت شخصياته كتلك الفترة التي حكى عنها منذ عام (1940 إلى 1968) رمادية، ناسها خائفون من البوح، يكتمون ما استطاعوا قلقا أو تحسبا لأي مخاطرة.. مستخدما اللمسة الإنسانية يجعلك فردًا من العالم وقتها، فتجد نفسك لا تملك إلا أن تتعاطف مع هؤلاء الأبطال القتلة منهم والمقتولين.. الضحاياوالمذنبي
ن ... بل ربما تتخيل نفسك ذبابة ولا تستاء من ذلك...! ولكن الأهم هنا كيف مزج بين القصة التاريخية للاحتلال النازي والحرب والتحولات الإنسانية التي ربما تجعل طفلا يقتل ومقاومًا يقوم بتصفية من يحميه ويفر هربا.. لتكتشف حقائق أكثر عن أحوال اللاجئين وقصص أبطال المقاومة، عن الخوف والتضحية.. القتل والمخاطرة.. التسامح والتفهم.. المغفرة والأنانية.. عن المال والسلطة.. وغيرها من المشاعر الإنسانية العالمية لكنه خصصها هنا عما حل بالنرويجيين خلال سنوات الحرب من دمار وتشويه..
الابتعاد عن القاتل الحقيقي إلى اللحظات الأخيرة كانت التقنية التي اعتمدها لهلوم، فهو الذي جعلنا نستبعد شخصا بعينه لظروف رسم شخصيته، ليفاجئنا بأنه يحمل طلسم فك الأسرار بربط ذكي ومشوق بين الماضي الذي لم يغادر "هارالد أوليسين" القتيل بل ظل يحوم حوله ليحيلنا هنا إلى المعنى الذي قصده من العنوان "الذبابة البشرية" التي تحوم حول الطعام.. وكذلك يفعل ذلك الانسان الذي يحاكي سلوكها، فيبحث عمن آذاه وترك وجعا في حياته ويظل يدور في فلكه غارقا بين الانتقام أو محاولة المغفرة.. تاركا حياته في مهب مشاعر ملؤها الغضب ليختار في النهاية طريقا ما بينهما..!
هذا التكنيك مستخدم بكثرة في مثل هذه الروايات، لكنه نفذه بتميز روائي غامض مع كل حلقة من حلقات السرد، ربما اكتسب هذه المهارة من شهرته في لعب الشطرنج ذلك الذي يعتمد على خطة محكمة ونقلات ذكية غير متوقعة..
بنهاية الرواية ربما تجد شرحا للسبب الذي دفعه للكتابة عن تلك الفترة، وتوضيحا للإهداء في صفحاته الأولى وهو تخليد لدور عمته الراحلة "داجمار لهلوم" التي قدمها على أنها ذبابة بشرية وعميلة مزدوجة وقت الحرب.. ولا يتركك تمضي هكذا بعد ا[حار هنا وهناك، مع مخاوفه وأمنياته؛ بل يجذبك إلى عمله التالي بترك بضع صفحات تشجعك على البدء فورا في تصفح مغامرته الجديدة..
-
Ebtisam
تأت الرواية في إطار تاريخي بوليسي يجذب القارئ منذ الصفحات الأولي. الخط السردي للرواية يستخدم الفلاش باك فنبدأ من النهاية حيث حادثة القتل ثم نعود من خلال التحقيقات لأوقات سابقة لنتقصى القاتل ونتتبع أثر القتيل بين من عرفوه بينما يقدم لنا الكاتب نبذات عن النرويج وقت الحرب العالمية الأولى والجهات المتصارعة من محتل نازي ومقاومة.
تتمتع الشخصيات التي يقدمها الكاتب بعمق يظهر نفسه من خلال طبقات السرد المتعددة التي يجتهد المحقق في كشفها مرة تلو الأخرى فتنكشف أبعاد الشخصيات، فمثلا نرى سائق التاكسي الفقير والبائس ثم يضاف لذلك البؤس طبقة أخرى من الأبعاد فنرى ماضيه السياسي وأيدولوجيته. يستمر التكشف حتى بعد موته ونرى جانب من حياته في روايته الغير منشورة والتي لا تضيف فقط بعدا أخر للشخصية ولكن للحكاية. مثل تلك التكشفات تتبع العديد من الشخصيات والتي أعتبر أن أكثرها إثارة وعمقا هي شخصية سارة. لا تكشف شخصية سارة كل أبعادها من خلال السرد مما يترك لخيال القارئ المساحة في تخيل بعض تلك الأبعاد فلا نعرف على وجه الدقة ما تعرفه ومالا تعرفه. لا نستطيع الجزم بأي شيء حول سارة فهي بريئة تارة ومغوية تارة أخرى.
أتت شخصية باتريشيا منذ اللحظة الأولى لتقديمها بهالة يصعب الهروب من سحرها. فمنذ مولدها نرى شخصا استثنائيا، يناقض في ذكاؤه واستثنائيته شخصية المحقق البليد الذي لا يستطيع الربط بين نقطتين متجاورتين بمفرده. الدور الذي تقدمه باتريشيا للسرد يماثل الدور الذي تلعبه سارة في تقديم العديد من النساء بصورة ذكية ولامعة تتفوق على الرجال فلا تستطيع إنكار دورهن الثوري أو الاجتماعي. فهن قادرات على حياكة المؤامرات وحلها في الوقت نفسه.
يحسن الكاتب خلق حبكته الدرامية فلا نتوقع القاتل حتى تتقدم الرواية كثيرا، فهو يخلق الدافع تلو الآخر لكل الشخصيات فيظهر القتيل محاطا بالعديد ممن يرغبون في موته نظرا لأدواره وشخصياته المتعددة مما يشتبك مع فهم النفس البشرية وثقافة الكاتب كمؤرخ. فهو لا يستطيع أن يرى التاريخ أو الشخصيات التاريخية بيضاء تماما أو سوداء تماما فدائما هناك منطقة رمادية داخل الانسان حيث يختلط الخير بالشر. فالبطل القومي كان على علاقة غير مشروعة بفتاة نازية والشاب المكافح هو مبتز بلا رحمة والفتاة اليتيمة هي مغوية لعوب. أيضا لم يشيطن الكاتب الجنود النازيين تماما فنرى الجندي الشاب يطمئن الفتي الصغير ويعتذر له لاحقا وهو ما يتماشى مع رؤية المؤلف بأنه لا خير مطلق ولا شر مطلق داخل النفس.
يشتبك المؤلف مع النفس البشرية أيضا منذ البداية وعبر العنوان فيقدم تأثير تروما الحرب في تشكيل الأشخاص وخلق مستقبلهم فنرى العديد من الشخصيات غير قادرون على تخطي مآسيهم الشخصية وما فعلوه بالحرب أو ما فعلته بهم. فسارة تدور في فلك نسبها وتاريخ عائلتها مثلها مثل السيد لوند والذي لا يتخطى أبدا طفولته الصعبة وتخلي والده عنه. يدور كل من شارك في الحرب حول فلكها فحيواتهم توقفت هناك رغم مرور الزمن. يشابه هذا السرد الوصف الطبي لكرب ما بعد الصدمة وهو أمر شائع ومفهوم تماما في الحروب. فاكتشاف مفهوم كرب ما بعد الصدمة أتى في ظروف مشابهة حيث عانى العائدون من الحرب من خلل وظيفي يمنعهم من استكمال حياتهم بشكل طبيعي فتهاجمهم الذكريات كدوامة لا يمكن الخروج منها. يسلط الكاتب الضوء على هذا الاضطراب بشكل غير مباشر فنرى حيوات مدمرة لم تتخط الحرب ولم تفلح في التجاوز والنسيان. في النهاية يقدم الكاتب تاريخ قصير عن عمته التي نرى أجزاء من حياتها متناثرة بين الشخصيات المختلفة، فتتشابه مع كل من دمرتهم الحرب نفسيا وتركتهم في ساحاتها رغم انتهائها.
يربط الكاتب بين الشخصي والعام وبين الخيالي والواقعي فيقدم رواية متعددة الابعاد والشخصيات تأخذ القارئ في رحلة مثيرة في تاريخ وجغرافيا النرويج دون ملل رغم طولها.
-
صفا ممدوح
ذبابة بشرية- رواية تجمع بين التشويق والتاريخ والسياسة للكاتب هانز أولاف لهلوم ترجمة يارا أيمن صادرة عن دار العربي.
منذ الصفحات الأولى في هذه الرواية شعرت أنني أمام توجوموري، وأن هذه الرواية ينقصها كونان!
يبدو أن الكاتب نفسه كان متأثرًا بمسلسل التحقيقات الشهير، خدعة مشغل الموسيقى، جريمة الغرفة المغلقة، المعطف الأزرق، لغز البناية الواحدة، المساعد الخفي، المحقق الغبي؟ حقًا!
آه بالطبع، سيكون المساعد الخفي قدأ قرأ كل كتب العالم بينما كان لديه الوقت كل الوقت لفعل ذلك، ويتمتع بذكاء خارق ومخيلة واسعة (جدًا أحيانًا) وحس ساخر وحجة قوية للبقاء بعيدًا عن الأنظار فيما ينال المحقق محدود الذكاء كل التقدير، شعرت في كل خطوة -لأنني شاهدت جميع حلقات كونان بالفعل- أنني أسبق المحقق وباتريشيا نفسها بخطوة، أنظروا إليه أنه هو.. حتى أنني توقعت مكان المسدس، لأنه المكان الوحيد الذي يمكن فيه إخفاء مسدس دون أن يجبره أحد على البحث هناك، هل يمكن أن أصف نفسي بالذكاء؟ للأسف لا، إنها خدعة الجبيرة الشهيرة!
جريمة قتل لـ"هارالد أوليسين" بطل أسطوري للمقاومة النرويجية أثناء الاحتلال ووزير سابق في حكومات ما بعد الحرب، جريمة كانت لتبدو انتحارًا لرجل على مشارف الموت يأبى أن يموت دون أن تحدث ضجة لموته، لولا اختفاء سلاح الجريمة.
جميع الشخصيات في البناية مشتبه بهم، جميع الألسنة متلونة بالكذب لسبب أو لآخر، حتى أنك حتى حين تنهي الرواية تشعر أن هناك شيئًا لازال خفيًا، فبينما في البداية يبدو أن الجميع ليس لديهم أي دافع للقتل، تصل الرواية إلى ما يقارب نهايتها والجميع مشتبه به عن طريق الصدفة! يعني أقول لنفسي أنه لغز البناية المغلقة لذا يجب أن يكون جميع المشتبهين بهم في البناية نفسها، لكن عشوائية ترتيب الأمر ركيكة قليلًا وتحتاج إلى حجج إقناع أقوى، فإن كانت الرواية بعنوان الذبابة البشرية أي أن الجميع يعيش في الماضي دون نسيانه، فإن الماضي هو ما حشر نفسه في البناية نفسها، التنقل المبهر بين الماضي والحاضر كان مؤثر جدًا، لا أحد يهرب من ماضيه، إنه سلسلة تدعك تتحرك كيفما شئت ظنًا منك أنك نجوت، لكن لا أحد ينجو.. لا الضحية الأولى، ولا الثانية، ولا حتى القاتل نفسه، ولا بقية شخصيات الرواية.
هل استمتعت بالرواية حقًا؟ في الواقع، لقد استمتعت كثيرًا وسأحرص على قراءة بقية الأعداد، لأجلك يا باتريشيا..
كانت حركة ذكية من المؤلف أن يخترع للمحقق اسمًا حركيًا قصيرًا (K2) بين محبي السلسلة فيما بعد فمن سيتذكر اسم كولبيورن كريستيانسن على أية حال!
كل معلومة صغيرة كانت أو كبيرة في هذه الرواية تحتاج إلى تدوينها في ورقة منفصلة، لإنك إن لم تفعل ستعود بحثًا عنها لإدراك أثرها في الأحداث الجارية، لقد قال كل شيء، كان هناك الكثير من التفاصيل، حد الطرق على باب الملل، الكاتب سرد كل شيء، لكن حسنًا، هل نسي الكاتب أن يسرد كيف تمت جريمة القتل نفسها للضحية الرئيسية؟ حيث أنه ذكر كيف قتلت الشخصية الثانية بالتفصيل، لكن يبدو أن هذا لم يكن مهمًا على الإطلاق إلى جانب تفاصيل جمال وجاذبية سارة التي أطال قليلًا في شرحها كل مرة تظهر في الرواية!
أريد أن أقول شيئًا أخيرًا، في الواقع لا أستطيع أن أمنع نفسي، لقد توقعت العلاقة السرية بين سارة ولوند منذ البداية، كان الأمر واضحًا جدًا..
محبي كونان وأجاثا وشيرلوك، سيجدون الأمر بمثابة" آه لقد قلت هذا لنفسي منذ البداية يجب أن أبدأ أنا أيضًا في كتابة القصص البوليسية الآن"
-
Waled Abd Elmonem
رواية ❞ « ذبابة بشرية » ❝ للكاتب النرويجى
" هانز أولاف لهلوم “ إحدى الترجمات المتميزة
التى صدرت عن دار « العربي » بالتخصص فى نشر أدب الجريمة من شتى أرجاء العالم وترجمتها للقارىء العربى
وهى تعد عمل بوليسي مشوق ومثير
إذ تتمتع بالأحداث السريعة المتلاحقة
والمفاجآت الدرامية المشوقة
_ تتمحور القصة حول بطل المقاومة السابق
إبان فترة الاحتلال النازي للنرويج خلال الحرب العالمية الثانية ❞هارالد أوليسين ❝ والذى احتل فيما بعد
منصبا سياسيا مرموقا بالحكومة النرويجية
ثم عثر عليه مقتولا داخل شقته بطلق نارى، مما وضع
جميع جيرانه بالبناية داخل دائرة الشبهات.
_ كان من أكثر الأسئلة التى طرحت نفسها بشدة
ومثلت ألغازا محيرة، كيف نجح القاتل فى الهروب
من شقة القتيل فى تلك الثوانى القليلة التى فصلت
بين سماع دوى إطلاق النار وهرولة الجيران
إلى مسرح الجريمة؟!
كيف دخل الجانى البناية وخرج منها دون أن يراه أحد؟!
أين اختفى سلاح الجريمة وماهو الدافع المحورى للقتل؟!
_ يقوم المحقق ❞ «كولبيورن كريستيانسين» ❝
والمعروف كوديا " K2 “ بالتحقيق في القضية بمساعدة ” باتريشيا “، الفتاة الشابة المنعزلة والقعيدة إبنة صديق والده، إذ أنها تمتلك قدرات ذهنية و عقلية فذة
وإستثنائية فى تحليل الجرائم وكشف ملابسات القضايا
_ تتصاعد الأحداث مع وقوع جريمة قتل أخرى في نفس المبنى مما يضع المحقق K2 وباتريشيا في سباق مع الزمن لمعرفة من القاتل وكشف الحقيقة، تنقلب الأوضاع رأسًا على عقب وتظهر العديد من الشخصيات التى لا نعلم أيها قد تورط حقا فى وقوع تلك الجرائم، لتشتعل الأحداث
مما يزيد من حدة التوتر والتشويق في القصة.
_ تمتعت الرواية بشكل خاص بتجسيد الكاتب للشخصيات
والعمل ببراعة على تصاعد منحاها الدرامى والنفسى
وكانت من العمق والتعقيد أن كشفت
عن جوانبهم المظلمة التى لم نكن نعلم عنها
شيئا من قبل، تلك الضغائن الدفينة
التى كلما تفاقمت الأحداث
أخذت تطفو فوق السطح
_ سنعرف أكثر حول مفهوم ” ذبابة بشرية "، هو ليس
محض عنوان بالمناسبة، بل له دلالات قوية
ومؤثرة وثيقة الصلة بأبطال العمل وطبائعهم النفسية
_من بين شخوص العمل التى أثارت إعجابى
كانت " باتريشيا "، أدهشتنى تلك الشخصية بعقليتها
الفذة كما أنها أضفت لحبكة الرواية قدرا كبيرا
من الدهاء والأثارة
_ لابد أن أشيد أيضا بالدور المحورى الذى لعبته الترجمة
البارعة والسلسة للمترجمة المتميزة ” يارا أيمن “
وكانت من أهم العناصر التى ساهمت بشدة فى
إستمتاعى بقراءة الرواية، حد أنه لم أشعر قط
أنى أقرأ نص مترجم.
_ إن "ذبابة بشرية" رواية تثير الحماسة وتشد الانتباه من الصفحة الأولى وحتى النهاية. إنها قصة بوليسية مليئة بالألغاز المثيرة، وتوفر تجربة قراءة شيقة لمحبي الأدب البوليسي. إذا كنت من أولئك الذين يحبون الغموض وحبكة الروايات الملتوية، فإن "ذبابة بشرية" حتما هي لك.