ذبابة بشرية > مراجعات رواية ذبابة بشرية > مراجعة علياء العامرية

ذبابة بشرية - هانز أولاف لهلوم, يارا أيمن
تحميل الكتاب

ذبابة بشرية

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

*حين يكون الماضي أليم، حين تزورك الذكريات بين الفينة والأخرى، حين تستيقظ على حلم مريع وهو أن مَن آذيته يوما يغرس في صدرك خنجر الانتقام، فتصحو لتفكر كيف تنتقم من ماضيك وحاضرك الذي يسكن كل شيء داخلك، العمارة التي تقطن في إحدى شققها، قلبك، روحك، عقلك الباطن، حين تدور في دوامة لا نهائية من الرغبات بالانتقام.

حين تُشرَّدين ليذيقكِ العالم بعدها شتى أنواع العذاب، حين تفكرين أنتِ أيضا بالانتقام من الذي حول ماضيكِ وحاضركِ إلى جحيم.

حين وحين.

هذا ما حكته لنا رواية ذُبابة بشرية، فطوال الرواية كنت مُشفِقة على الضحية إلى أن عرفت حقيقته، وأدركت حينها بأن أكبر ظُلم في هذه الحياة أن يموت القاتل، فما فعله الذبابة البشرية الصغيرة أي القاتل كان طموح كل الذباب البشري الموجود في تلك العِمارة، ابتداءً من زوجة الحارس وانتهاء بابنه، وربما انتهاء بي كوني أشعر بأني شخصية خفية في الرواية، أختبئ في مكان لم تصل له حتى باتريشيا العبقرية، كنت هناك، أُراقب الأحداث بصمتٍ في خيالي، ومن حسن حظي لم أُستجوب، بل كنت أُراقب عن كثب، وأعرف ما لم تبح به باتريشيا.

علمتني الرواية بأن كل من يغوص في أعماق ماضيه ويفكر بالانتقام هو ذُبابة بشرية، أن كل من يؤذي ليعيش هو ذبابة بشرية، كل من يكذب ليحيى بسلام، وكل من يقبل الرشاوي من أجل لقمة العيش هو ذبابة بشرية، كما علمتني بأن الأيام تدور، وأثبتت لي بأنه "كما تُدين تُدان."

لم تكن هذه أشياء جديدة بالنسبة لي، بل مبادئ راسخة داخلي منذ زمن بعيد، فكل ما فعلته أحداث هذه الرواية ترسيخ دروس الحياة في قلبي وعقلي أكثر.

والدليل على ذلك ما حدث ل “هارالد أوليسين” الذي ظن الجميع بأنه بطل مغوار، دارت به الأيام ليموت بطريقة يستحقها بجدارة، فكما قال الشاعر أبو البقاء الرندي:

"لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ

فَلَا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إِنْسَانُ

هِيَ الأُمُورُ كَمَا شَاهَدْتَهَا دُوَلٌ

مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ"

أحببت شخصية باتريشيا، شعرت بأنها مُحققة ناجحة، ولكن تألمت من حقيقة أنها ذبابة بشرية، وأثبتت لي بأن ثقتي بالعالم يجب أن تكون شبه معدومة، ولكن رغم ذلك هي بطلة حقيقية، وفتاة قوية وعبقرية، وربما ذلك أثر شغفها بالقراءة منذ طفولتها..

ومن باب الاعتراف التهمت الرواية من بدايتها حتى نهايتها دون أي شعور بالملل، فالتفكير بالقاتل شغلني حتى بعد انتهائي من الرواية.

وختاما شكرا لأبجد على هذه الوجبة الدسمة المُشبعة بشتى أنواع الأطباق اللذيذة.

*

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق