تدخل رواية أم ميمي في عالم ما أسفل الطبقة العاملة، وهي الطبقة الدنيا أو الطبقة المهمشة طبقا لتعريف علماء الاجتماع، حيث ينتشر ثالوث التخلف المعروف بالجهل، والفقر والمرض، والكتابة عن هذا العالم ليس سهلا لأنه يتطلب معايشة لفترة ما قد لا تتاح لكثير من الكُتاب، تناول بالفعل بعض الكُتاب تلك الشريحة السفلى والمنسية من المجتمع ومنهم خيري شلبي حيث قام بوصف تلك الطبقة بثالوثها الأشهر، ولكن تفوق بلال فضل بمراحل في استخدام اللغة الساخرة الحادة التي طوّعها بكل سلاسة، لدرجة قد تحول ابتساماتك أثناء قراءة الرواية لضحكات قد يسمعها احد المحيطين، السرد عند بلال يتنقل بين انطباعاته الشخصية مع تلك الكائنات الغريبة وما يفكر فيه وما يتوقع حدوثه، وبين تسلسل الأحداث في تناغم سلس ومتماسك، تحولت الشخصيات كون أنها غير اعتيادية في الرواية إلى شخصيات تكاد تشعر بها وكأنك تراها رغم عدم قيام الكاتب بوصف الشخصيات بطريقة مباشرة، ولكنه اثناء السرد يقدم لك وصف الشخصيات والمكان بروية ودون مباشرة، تحرر بلال في الكتابة باستخدام الألفاظ الشعبية الدارجة والكلمات الإباحية بلفظها والسباب الصريح، الذي تكاد أن تسمعه وأنت تقرأ الحوارات والانفعالات، ولا تستطيع تخيل التأثير الواقعي للرواية على معايشتك لها دون تلك المصطلحات والتي تم استخدامها في مواقعها تماما، وليس من أجل أي استغلال تجاري، بلال يرفع في هذه الرواية من سقف التعامل مع الكلمات الإباحية المحظورة ليصبح استخدامها أكثر قبولا لدى القارئ وأقل نفورا ونقدا عن زي قبل، وتلك خطوة تحسب لبلال إقدامه عليها لما في ذلك من مخاطرة التعرض للانتقاد السلبي من حراس الشرف للكلمة، وهو مالم يحدث بشكل ملحوظ في التعليقات على الرواية لتصبح غالبا نقدا جانبيا أو هامشيا.
مع الصفحات الأخيرة من الرواية سوف تشعر أنك تريد أن تذهب إلى شارع الهرم وتحديدا شارع خلف كازينو ايزيس، ومنه إلى محل عم سيد الله يحرقه، الذي سوف يدلك على بيت أم ميمي، حيث تتوقع ان يصادفك شعراوي على السلم وهو يرفع صوت الراديو على إذاعة القران الكريم لكي يرازي لكا من يحاول الصهود لبيت أبو سامية المعرص.
يتركك بلال في آخر الرواية مع نهاية العام الأول في الدراسة والذي صاحب اقامته في بيت ام ميمي، ليوعدك برواية أخرى عن العام التالي في حارة سمكة، وهو ما يبدو أنه سيستمر مع حياة تلك الطبقة الدنيا من المجتمع حيث مستنقع الفقر والجوع والمرض.