ونشأ عن هذا بعد ذلك أن جلبت الحضارة جلباً إلى الحجاز وغيره من بلاد العرب، فكان الترف والتبطل، وكانت الفنون التي تنشأ عن الترف والتبطيل، فكان الغناء والإيقاع والرقص والشعر الذي لا يصور جداً ولا نشاطاً، وإنما يصور بطالة وفراغا وتهالكاً من أجل ذلك على اللذة أو عكوفاً من أجل ذلك على النفس وتعمقا لما ينتابها من الهم. وإلى جانب هذه الطبقة الأرستقراطية الفارغة عاش الرقيق الذين كانوا يملكون سادتهم ويدبرون حياتهم. وما يكون في هذه الحياة من النشاط الباطل وما يكون فيها من العواطف والأهواء. ثم إلى جانب السادة الأرقاء، والأرقاء السادة، عاشت طبقة أخرى من العرب البادين المحرومين لم تملك قط أرضاً في الحجاز لتبيعها بأرض في العراق، ولم تملك قط أرضا في العراق لتشتري بها أرضاً في الحجاز.
الفتنة الكبرى : الجزء الأول - عثمان > اقتباسات من كتاب الفتنة الكبرى : الجزء الأول - عثمان > اقتباس
مشاركة من نزار الدويك
، من كتاب