في سكون الليل المطلق تسبح سفينة فضائية لا يسمع لمحركاتها صوت. وفجأة يتدلى منها منظار له عينان مسددتان نحو هذا الكوكب الذي يدعى الأرض. تريد السفينة الفضائية أن تستطلع أحوال هذه الكائنات الأرضية التي تسمى بشرا. فماذا ترى؟ لا تكاد الصور الأولى ترد حتى تزمجر المحركات وتشتعل الأضواء الحمراء. ويصدر عن الحاسوب الرئيسي صوت مبحوح يقول: «أنا عاجز عن معالجة هذه البيانات». سفينة الفضاء هي أنت؛ وجسمها السابح في الفضاء هو جسمك؛ وعينا المنظار هما عيناك؛ وأنت كائن غير أرضي قادم من الفضاء الخارجي تريد أن تعاين حال الأرض. والسكون مطلق إلا من حفيف الريح على جسمك المعدني. فماذا ترى؟ أرى رعشة في سماء الليل كأنها ضوء البرق الخاطف. وانظر إذن ما يحدث. هذه الأجسام العارية يهوي بعضها على البعض الآخر وتتفاخذ ثم تتلاحم. ماذا يحدث؟ وما هو الخبر؟ أنا لا أفهم من كل ذلك شيئا. الأجهزة ستتفجر إذا استمرت هذه التصرفات العجيبة. ليس لها عهد بهذا السلوك. لماذا يمتطي بعض هذه الكائنات البعض الآخر؟ ثم ما معنى هذه الأصوات التي يختلط فيها المواء بالنباح بالنهيق بالصهيل بالنعير بالفحيح بالهديل بالضحك الذي يشبه البكاء.
بعد القهوة > اقتباسات من رواية بعد القهوة > اقتباس
مشاركة من المغربية
، من كتاب