عشت مع البشر حياتي كاملة قضيتها بصحبتهم، أعرفهم أو كنت أعتقد ذلك، البشر لا يدفنون الأحياء، صعدت الدموع إلى عيني من هول الصدمة، لايوجد مخلوقٌ يدفن مخلوقًا آخر، لا الحشرات ولا الحيوان ولا الجماد! كنت أغلي بداخلي، الكلاب ليست بشرًا، لها أحاسيسها وإن كانت بسيطة، تعرف ماهو الألم، والبؤس، والفرح، والسعادة، بدأت أنبح لأخيف الفئران. وبالفعل اختفت لبعض الوقت، أو تراجعت لتهجم من جديد، عندما بدأت الحفر سمعتها تحفر من الجهة الأخرى للقبر، كما لو كانت الأهداف نفسها، كما لو كنَّا نحفر نفقًا تحت الأرض..
الظلام يغشى كل شيء في هذه الساحة، لهذا تظل هجوماتي عليها عيدمة الجدوى، ولكنني مصرة على إبعادها، وفي القوت نفسه أفكّر فيه وأحاول أن أحفر في موضع الرأس حتى أفتح فجوة صغيرة تمكنه من التنفس قبل أن تفلت روحه منه، أشم رائحة الحياة من تحت التراب، وأحفر، ولكن الفئران من حولي تتكاثر، أهجم عليها من هذه الجهة فتهرب إلى الجهة الأخرى، وتهدأ لبعض الوقت حتى أقول أنها هربت فأسمع خربشتها في الظلام، وصوت تكاثر أرجلها، رائحة اللحم الطري هيجتها، كم عددها؟ كل فئران القصبة خرجت هذه الليلة، الولية التي تنتظرها اسمها عزيز!!
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب