«وأنت تداعب ابنك تلاعبه، تتغنّى بمآثره، وصهوات لسانه، أمام صحبك، منتفخَ الأوداج متباهيًا.. تلتفت ناحية التلفاز، يخطفك صغيرٌ ملقى في رواق، يحمل عيني ابنك، ذات النظرة، إن لم يسكنهما رعب الدنيا، وإن لم تبحلقا في اللامكان، تبلع ريقك، ذات القبضة الصّغيرة، وربما ذات الصوت المزقزق، إن لم تشطره القذيفة إلى نصفين، لا يجد مكانًا في ثلاجة الموت مذ غادرَ حصنه في حضن أبويه.. واللذين لربّما تباهيا فيه يومًا، أمام الصحب والجيران، بطلاقة اللسان، وشعاع الألمعيّة في عينين ينبئان بأنّه لربّما كان له مستقبلٌ باهر.. لربّما.. خطفك الصّعير المسجّى، اجتاحتك غصص الدنيا بأسرها، اسودت في عينيك كلّ الرّؤى، تقترب زوجك منك، تحتضنها، تقول: مساكين أهله، كيف يطيقون من بعده حياة؟ تربّت عليك يدان مضمّختان: هوِّن عليك.. تطفئ الشاشة بضغطة زر في جهاز تحكَم ملقى بجوارك.. تزيد من احتضانها، تغمر ولدك، تتنهّد، أن أمسيت آمنًا في سربك، تنام قريرًا، فقد قضي الدَّين، وربك يصطفي ويختار!»
وقائع أصدق من خارطة: يكاد زيتها يضيء > اقتباسات من كتاب وقائع أصدق من خارطة: يكاد زيتها يضيء > اقتباس
مشاركة من إستبرق عبدالكريم
، من كتاب