هكذا لم تُشعره المدينة يومًا بأي شيء محبب، سوى أنه مهان دومًا، أو كما فكر بعقل طفولته، أن وجوده محض غلطة وأن زملاءه في المدرسة لا يرونه خارج تلك الغلطة كان كل يوم في ذهابه إلى المدرسة يتجنب أي طريق يمكن أن يلتقي فيه بزميل له، يسلك كل يوم طريقًا مختلفًا عبر شوارع جانبية كثيرة، حتى يؤجل التقاءه بهم، لكن المدينة لم تكن لتمنحه اختيارات عديدة، كأنها تواطأت مع العيال ضده، فشوارعها كلها متشابهة، كئيبة وذات عمارات رمادية أصابها الكلح من تراكم التراب على أسطحها، مدينة ميتة على الدوام، لا جديد فيها، ولا مكان للاختباء سوى المحطة القديمة عند ميدان المصنع.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب