كان اختبار اليوم التالي هو الأسهل تحريريًا، فلم يكن أدائي جيدًا على الإطلاق في الشفوي؛ وذلك لتشويش زملائي المعتاد، لا سيَّما حينما جاء "مازن" ابن خالتي إلى لمدرسة منتعلًا (نعال الحمام)، فلم يكتفِ بارتداء الملابس المهلهلة يوميًا ولكنه أكمل أناقته اليوم بالخف البلاستيكي الأزرق ليزيد الطين بلة. تجمدت خلف ظلي، حين تلاحقت سهام الإهانات تتكاثف في نواحي كرامتي، تنخر في عظامي، وتنشُر في مفاصلي مخترقةً حبلي الشوكي، حتى فقدتُ الإحساس بملمس أي حرف، أنظر إليهم بلا نطق، والغريب ليس في أنه قد ضاعت قدرتي على تسليط لساني لينالوا منه ما يستحقونه، بل لأني فعلًا كنت مجوفة من الداخل، ولم أجد جوابًا.
كانت خُطبة "أدهم" عن شرف العمل جيدة ومؤثرة، وكذلك إشارته بأن من كانت تتزعم التنمر عليّ هي ابنة لـ (مختلس مسجون)، وأن عليّ ألا أغضب، بل الحمد والثناء على ظروفي التي لم تخدُش شرفنا بأي ظافر. ولكنني صراحة لم أبالِ كثيرًا بما قال ولا بما سيقولون بعد، فقد سقطت اليوم قطعة من روحي في فناء المدرسة، لا أدري ما هي، وبعدها لم أعد أشعر بالألم ولم أعد أُبالي.
مشاركة من هند الصاوي
، من كتاب