رغم تتابع دموعها فإن يديها لم تتوقفا عن الحركة، ظلت تضرب في الأثاث دون ذنب منه، كانت تشد السجادة وتضربها بـ (المنفضة) حين خرج الشيطان من ركن الغرفة المظلم، كان يَجُرُّ معطفه الفاحم الملتصق بالسجادة، وفي يده منظار، فُزعت "نور" صارخة حين رأت ملامحه المخيفة المشتعلة، وقرونه المتشعبة التي تخرق قبعته الحمراء، فأشار إليها بيده (ألا تخافي) بينما أغلق سحاب معطفه الطويل اللامع وعدل وضع قبعته، ثم ظهرت خريطة مجسمة تدور في الغرفة، نظر لها مبتسمًا ثم قال: "شوفتي الأماكن الخفية اللي اكتشفتها... شوفتي روعة كل جنة من دول؟" ثم أشار بعصا سوداء طويلة إلى قطعة صحراء جرداء قائلًا: "شوفتي بقى أرضك عاملة إزاي... أنا أقدر أبادلك بجنة من دول... وأنا بقى أستصلح أرضك على مهلي انتي عارفة إني مخلد ولسه عمري طويل وخايف عليكي تضيعي عمرك هدر".
تجمدت "نور" تتأمل دوران الخريطة، فدنا منها الشيطان مبتسمًا بهدوء وتحسَّس وجنتيها برفق، وقَبَّلها على رأسها ثم أمسك بضفيرتيها يسحبها نحو أرض خريطته الملونة. كان يسحبها في هدوء وهو ينحني لها ثم يركع، ويداه تَفْرُك ضفيرتيها الذائبتين، وكأنه يُدَلِّك قرني بقرة مقدسة لتغمره بالبركات!!
المؤلفون > هنا السكري
هنا السكري
44 مراجعة