فأنا مجرَّد رجل حقير، لم يستطع أن يحافظ على شيء، لا امرأة استطاع أن يُخرسها حين تعصف به مجنونة كالريح، ولا أُمّ ردَّ عنها الأذى والألم والموت، ولا أب استطاع أن يُغسِّله، ويُكفِّنه، ويقبِّله، أو حتى يلمسه قبل دفنه، كل ما فعله أن تأمَّله من وراء زجاج سميك وهو يُحتضَـر، لم يحافظ على شيء؛ حتى بلاده التي انفرطت بين يديه بغتةً كمسبحة في هاوية نعم، كنتُ كرجل عجوز يجلس على سجَّادته ويُسبِّح، حتى انفرطت حبَّات مسبحته في الأنحاء، ولم يسعفه جسده المتخاذل من جمعها ونَظْمها، لم يملك سوى أن رمى الخيط معها، وتسلل من المكان خلسةً، واختفى هاربًا من البلاد التي أحبَّ تربتها ورائحتها وشمسها، لا يملك منها سوى أحلامه الصغيرة، وهديل، ابنته الوحيدة، وراتبه التقاعُديّ
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب