لماذا أشعر بكل هذه الوحشة، والحالات المصابة بالوباء بالكاد تتجاوز خمسمائة فقط، ماذا لو تضاعفت عشرات المرات، لو عجزتِ المستشفيات القائمة والميدانية عن استيعابها، لو تناثرت الجثث في الطرقات، كما تروي جَدَّتي عن قرى نَجْد زمن الطاعون، حيث يموت الناس عند أبواب بيوتهم، ماذا لو انهار النظام الصحي، وتصدَّع الأمن الغذائي، وأصبحت المدينة غابة، وإنسانها ذئبًا؟ كنت أحاصر مخيلتي الشـرسة، لكنها تحاصـرني، ولا أعرف كيف لمحت هذا الـﭭـيروس اللعين بتيجانه المُقزِّزة، وهو ينتظر يدي تلتفُّ حول الكوب الورقيّ لقهوتي الفرنسية، سحبتُ منديلًا ورقيًّا ولففته حول الكوب، ورفعته إلى شفتيَّ، وما إن تسللت القهوة حتى شعرت بمرارة مصحوبة بالصدأ، هل فعلًا لم أتذوق طعم البندق المعتاد، أم يتهيَّأ لي؟
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب