إن الدكتاتورية والدين يتقاطعان بشكل تبادلي. لانه وكما في إشكالية الروح والجسد ينحاز الدين إلى الروح، حتى إن الاختيار بين الرغبة والسلوك، النية والفعل، تنحاز دئماً للنية والرغبة، رغماً عن النتيجة أو بالأحرى العواقب. في الدين لا قيمة للفعل بدون نية أي بدون إمكانية أو حرية لكي تفعل أو لا تفعل, وكما أن الجوع الإجباري ليس صوماً، كذلك فإن الخير الإجباري ليس خيراً، ومن وجهة نظر الدين بلا قيمة. ولذلك فإن حرية الإختيار أي القدرة على أن تفعل، أو أن لا تفعل، الانضباط أو المخالفة شرط لكل دين ولكل أخلاق.ولذا فإن تدمير إمكانية هذا الاختيار بالقوة المادية الديكتاتورية، أو بالترويض في اليوتوبيا يعني نفيهم. ويتبع هذا أن كل مجتمع إنساني يجب أن يكون مجتمعاً للأفراد الأحرار. وعليه أن يحد قوانينه وتدخلاته (مستوى الأرغام الخارجي)، الى الحدود الضرورية التي يمكن من خلالها المحافظة على حرية الخيار بين الخير والشر. وحتى يفعل الناس الخير ليس لأنهم مرغمون، وإنما لأنهم يريدون، وبدون هذه الرغبة في الخير ستكون لدينا حالة ديكتاتورية أو يوتوبيا.
هروبي إلى الحرية؛ أوراق السجن (1983 - 1988) > اقتباسات من كتاب هروبي إلى الحرية؛ أوراق السجن (1983 - 1988) > اقتباس
مشاركة من khaled suleiman
، من كتاب