يعتريني خجل صادق إثر عودتي للكتابة بعد هجرها طويلًا، رغم أنّي خصّصت لها ساعات طويلة بهيجة في سنوات شبابي خجلٌ يعود لعدم وجود مسوّغ للكتابة كتبتُ فيما مضى واجباتي المدرسيّة، ورسائل لرفاق بعيدين أحيانًا، وبعض القصائد ومحاولات شبابيّة مُشابهة هدفي من كتابة هذا الكتاب هو (وأتمنى أنْ يكون هذا المُبرّر كافيًّا لمن قرَّر أنْ يُصبح كاتبًا فجأة وهو في مثل عمري): استغلال بعض وقت فراغي، والهروب من مخاطر العطالة، وسرد قصّة حياتي المتواضعة أعترف أنّ أعظم مخاوفي ليس تثاؤبَ قارئ منكود الحظ قاده حظّه لقراءة هذه الخربشات التّافهة وترك الكتاب جانبًا ونسيانه، بل وجود عينين تراقبان تسلسل أفكاري وأنا أكتب؛ عينا رجل كهل، بهي الطّلعة، ذي ابتسامة مواربة لأنّه محيط بكوميديا الحياة، فغدا منفصلًا وعازفًا عنها وهاربًا من إعمال العقل، ممّا جعله يحكم عليّ بقسوة أشعر تحت ناظريه بالحماقة والمخافة والعجز عن فعل أي شيء، رغم كوني جريئًا وواهمًا قبل برهة، كطالب يحسب نفسه من سدنة الحقائق المُطلقة القائمة على مفاهيم الفلسفة الأربعة التي تعلّمها في المرحلة الثّانوية. لكنّي لاحظتُ مع مرور الزّمن حنانًا نادرًا، بل وحتّى شيئًا من السّخريّة على وجه الكهل الطّيب. سألت نفسي حينها: لماذا لا يترفّق بي كما يترفّق بالآخرين؟ لماذا لا يأخذني على محمل الجد؟
موسيقا الصمت > اقتباسات من كتاب موسيقا الصمت > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب