خلف مدرس البدنية مشى غسان مرفوع الهامة، فخورًا بصنع يديه. بالنصر الذي سيحققه سريعًا، أسرع بكثير مما توقع. توقع تحقيقه في أيام، أو أسبوع على الأكثر، لكن أبدًا ما تخيل الانتصار وقدماه بعد لم تطآ المدرسة؛ والفضل كل الفضل يعود إلى صاحبه أيمن مرعوب وسائق الباص الخرف. كم هو متشوقٌ لرؤية وجه خاله حين يراه على هذا الشكل، حين يرى أن عصاه السحرية في حل الأمور خانته هذه المرة، حين يعي أن ثورة غسان لن تخمد، جمرتها المشتعلة في رماد جسده لن تموت والنار التي تحرق قلبه ستمطر جحيمًا على خاله وأمه، وكل إنسان في هذا الوجود. والجميع سيعلم أنه فلسطيني، لأنه سيتصرف بوقاحة كالفلسطيني. مثله، سيتحدث بثقة عمياء، وسيرى العالم كله متآمرًا ضده وهو الوحيد من يتمتع بالذكاء الكافي حتى تنجلي له خيوط المؤامرة واضحة كالشمس في كبداء السماء. سيدخن بشراهة مثله.. سيلعن ربه ورسوله مثله.. سيرمي العمالقة دون طائل وبكل غباء بالمقلاع والحصى مثله. سيحتفل كالأحمق بكل انتصار وهميّ صنعه قبل أن يرى هزيمته الحقيقية على وجهه تصفعه، وحتى حينذاك.. حتى حينذاك سيرى في تلقيه الصفعة انتصارًا مشرفًا يخلد ذكراه في النشيد والقصائد..
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب