نقر الباب بحرصٍ شديد، نقرتين فقط، وبهدوء.
ربما لم يسمع أبوه، ربما لم يقرع برونو بصوتٍ مسموع بما فيهِ الكفاية، لأن الباب لم يُفتح، لذا قرع برونو الباب ثانية وهذه المرة أعلى من السابق، وما أن فعل ذلك حتى سمع ذلك الصوت الجهير ينادي من الداخل قائلاً، «ادخل!».
أدار برونو أُكرة الباب وتقدّم، وما أن دخل الغرفة حتى اتخذ وقفته المعهودة؛ العينان المفتوحتان على اتساعهما والفم المرسوم على شكل (O) والذراعان الممتدّتان على جانبيه. لأنه ربما كانت بقية أجزاء المنزل معتمة وكئيبة وبالكاد فيها إمكانيات للاستكشاف ولكن هذهِ الغرفة كانت شيئاً مختلفاً تماماً. فأولاً، كان سقفها عالياً جداً، ثم هناك سجادة تحت الأقدام جعلت برونو يشعر كما لو أنه سيغرق فيها. وأيضاً، كانت الجدران بالكاد مرئية، لأنها كانت مغطاة برفوف من خشب الماهوغني الداكن، وكلّها محشوّة بالكتب، مثل رفوف المكتبة في منزل برلين. بالإضافة إلى ذلك، كانت هنالك نوافذ هائلة في الجدار المقابل له، مطلّة على الحديقة، مما يسمح بوضع مقعد مريح أمامها، وفي وسط كل هذا، جالساً خلف مكتبٍ ضخم من خشب البلوط، أبوه بحدّ ذاته، الذي ما أن دخل برونو الغرفة حتى رفع ناظره من فوق أوراق كان يطالعها مسفراً عن ابتسامة عريضة.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب