عندما غادر برونو المنزل، استدار من الجهة الخلفية وتطلّع نحو الأعلى صوب نافذة غرفة نومه التي لم تعُد تبدو، من مكانه حيث وقف في الأسفل، مرتفعة جداً. حتى أنه يمكنك ربما أن تقفز منها إلى الأرض ولا تصيب نفسك بأذى، هذا ما خطر بباله وقتها، رغم أنه لم يتخيّل الظروف التي قد تدفعه للقيام بمثل هذا التصرف الأحمق. إلا لو اندلع حريق في المنزل مثلاً، وحاصرته النيران في الداخل، ولكن حتى في حينها، سيكون في هذا التصرف مجازفة.
مدّ بصره قدر استطاعته إلى يمينه، ورأى أن السور العالي كان يمتدّ بعيداً في ضوء الشمس، وقد أسعده ذلك، لأن هذا يعني أنه لم يكن يعرف ماذا يوجد أمامه وأن بإمكانه أن يسير إلى هناك ليعرف، وهذا هو جوهر الاستكشاف في نهاية الأمر.
هناك أمر حسن واحد خرج بهِ من دروس الهِرّ ليست في التاريخ، وهو أن المستكشفين من أمثال كريستوفر كولومبوس وأميريغو فسبوتشي؛ كانت حيواتهم مثيرة وسيرهم مترعة بالمغامرات، وهذا ما رسّخ في ذهن برونو أنه يريد أن يكون مثلهم عندما يكبر).
ولكن، كان هنالك شيء واحد أخير يجب التحرّي عنه قبل أن يمضي في ذلك الاتجاه؛ وهو المقعد. طوال هذه الأشهر كان يرنو إليه وإلى اللوحة المعدنية من مسافة بعيدة ويسمّيه «المقعد ذا اللوحة المعدنية»، ولكنّه لم يعرف إلى الآن ماذا نُقش عليها. نظر يمينه ويساره ليتأكّد أن ما من أحدٍ كان قادماً، ثم ركض نحوه وضيّق عينيه وهو يقرأ الكلمات. كانت لوحة برونزية صغيرة وقرأ برونو الكلمات المنقوشة عليها بصوت خفيض بينه وبين نفسه.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب