قضى برونو شهوراً وهو يتطلّع من نافذة غرفته إلى الحديقة والمقعد ذي اللوحة المعدنية والسور الطويل وأعمدة التليغراف الخشبية وكل الأشياء الأخرى التي كتب عنها في رسالته الأخيرة إلى جدته. وطوال تلك الفترة التي كان يراقب فيها أولئك الناس، كل الأشكال المختلفة من الناس ببيجاماتهم المقلّمة، لم يخطر بباله أن يتساءل عمّا كان يجري هناك.
كانت كما لو أنها مدينة أخرى تماماً، عاش الناس هناك وعملوا جنباً إلى جنب مع المنزل الذي يعيش فيهِ. ولكن، هل كانوا حقاً مختلفين عن بعضهم البعض؟ لقد ارتدى الأشخاص في المعسكر نفس الملابس، تلك البيجامات والطاقِيّات المقلّمة، وارتدى الأشخاص الذين كانوا يجوبون منزله (باستثناء الأمّ وغريتيل وهو) بدلات متفاوتة الجودة وأوسمة ونياشين وقبعات وخوذاً وشارات على الأذرع باللونين الأحمر الفاقع والأسود ويحملون الأسلحة ويبدون على الدوام في غاية الصرامة، كما لو أن كل شيء من حولهم كان في غاية الأهمية ولا يجدر بأي أحدٍ أن يظن خلاف ذلك.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب