عند حديثه عن أحد الكُتّاب في واحد من هذه البرامج، قال بابا عنه إنه موهوب، لكن ليس لديه شيء ليحكيه. هذا التمييز بين الشيئين حرّكني، إذ فهمت أنه يمنح للشيء الثاني أهمية أكبر من الشيء الأول. ربما كانت تنقصني الموهبة، لكن لديّ ما أحكيه. بدأت حينئذ أقلّب في رأسي فكرة أن أحكي ما حدث لي فوق هذا الجسر منذ عامين (أنا الآن في الرابعة عشرة). كان يبدو لي أن الحكاية تقف على مستوى الملخص في ظهر غلاف الكتب الموجودة بمكتبتنا. وبدايةً من تلك اللحظة، كان أحد خيالاتي المتكررة أن أكتب كتاباً أعترف فيه بما حدث وأن يتكلم عنه أبي (بإيجابية) في التلفزيون. كنت أتمتع بمادة طازجة جداً لو فكرنا أن الحدث لم يتوقف عن الحدوث، إذ أنه كان يحدث كل يوم في الحياة، وأحياناً كل ساعة، داخل رأسي. بالإضافة لذلك، كان الهلع من أن يكشفوا سري موجوداً (الجريمة والعقاب). المشكلة كانت كيف تحكي ذلك دون أن تذهب إلى السجن. لذلك، ورغم أن الكتاب كان ينمو بلا توقف في خيالي، قررت أن أؤجل كتابته “حتى أصبح كبيراً”. وسأوقعه باسم مستعار، وهي كلمة استخدمها بابا في التلفزيون وتحققت من معناها فيما بعد. كان التفكير في هذا الكتاب (وفي الاسم المستعار) بلسماً لواقع عنيف.
قصتي الحقيقية > اقتباسات من رواية قصتي الحقيقية > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب