دائما كنت أفكر في أنه حتى الأحمق ، المغفل تماما كجوهرة نادرة بوسعه أن يمتلك لحظات من الصمت الغامض .. أن يراقب العالم بانتهاك خاص كأنه فريسته الخاضعة ، بشغف متحدٍ واثق في مهاراته الخبيثة على كسب كل المعارك حتى وإن خسرها .. يمكن لواحد مثلي أن يكون قبرا غير قابل لتوفير أي ثقة عن ما أُغلق عليه .. ألا يكون مفهوما أو مأمون التصرف ، ألا يتوقع ماذا يمكن أن ينتج عن جلوسه وحيدا بعينين متجهمتين وملامح مرهقة تتمعن في الفراغ بقلق ينطوي على تدبير ما .. كنت أفكر في أن الأحمق هو أكثر من تناسبه هذه الحالة باعتبارها ظاهريا سلوكا استثنائيا في حياته ، حقيقة مفاجئة لم يتعوّدها الآخرون عنه بل على العكس يستقر في يقينهم صورة مضادة لها بامتياز .. الأشخاص المعروفون بالدهاء وبالأساليب الملغزة والجريئة في إنجاح تجاربهم لا يمكنهم أن يخدعوا أو يصدموا أحدا إلا بممارسة تكشف عن الجانب الأحمق في شخصياتهم ، أما أنا فمع كل مرة أغلق فيها الباب على نفسي وأفكر في الماضي يتحول الإذلال إلى أقوى داعم لوجودي وتتحول كل خيباتي وإخفاقاتي الوفيرة إلى حصيلة من الانتصارات المبررة .. أشعر بنفسي كفارس كلاسيكي لديه ثأر مع الحياة يفوق ما لدى الناس جميعا ويمكنه أن يتحسس أثر شجاعته في الحروب غير المتكافئة ضد الغيب .. مع ذلك فالخوف أقوى من كل هذا .. أنا أحمق وخائف فقط .
مشاركة من Mamdouh Rizk
، من كتاب