بعد مرور نصف ساعة فقط، كانت باحة السجن قد امتلأت بجثث الزوّار الذين قُتلوا بالخطأ، وكذلك بالريش الملطّخ بالدماء لطيور السنونو المغرّدة. وعادت السماء صافيةً زرقاء مرة أخرى، وكأنها لم تتحوّل إلى اللون الأسود من الطيور المهاجرة قبل بضع دقائق. جلس الحرّاس في زوايا الفناء ليستريحوا وليلقوا نظرةً على جثث الطيور الملطّخة بالدماء التي كان لا يزال ريشُها الأسود والأبيض يحلّق في الجوّ. من كان يتصوّر أن كل تلك الطيور المسكينة ستُقتَل لمجرّد خطئها في ميعاد موسم الطيران؟! ضحك أحد الحرّاس على هذه الفكرة، ثم ضحك آخر، وبعده حارس آخر، ثم هذا وذاك؛ وردّدت جدران السجن العالية صدى ضحكات الحرّاس المسلّحين وقهقهاتهم، وانتقلت من جدار إلى آخر. وفي باحة سجن إيفين وعلى مرتفعات شمال طهران، استحالت قهقهات الحرّاس المنتصرين إلى ريحٍ أخرجت ريش الطيور المغرّدة الملطّخ بالدماء والمحلّق في الجوّ من جدران سجن إيفين العالية، فتساقطت ريشةً تلو الأخرى على المنازل والأشخاص الغافلين الذين كانوا مثل كل يوم يذهبون ويأتون من طرف هذه المدينة إلى تلك، ويأتون ويذهبون من طرف تلك المدينة إلى الطرف الآخر في حلقة مفرغة. بعد ساعة، سقطت ريشة ملطّخة بالدماء لأحد طيور السنونو، والتصقت بالزجاج الأمامي لسيارة بويك اسكالايت فضّية، كان سائقها يقودها باكياً ومذعوراً صامتاً تجاه الشمال، أي نحو الغابات؛ إلى المكان الأقل احتمالية لرؤية إنسانٍ آخر، مرة أخرى.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب