جاء دوري أوَّلاً، باعتباري الضيفة. أكلتُ أوَّل لقمة، فشعرتُ أنني أطير من المتعة: خبز ساخن مدهون بدبس البندورة، ومرشوش عليه نعنع يابس، يتطاير منه البخار، وإلى جواره كأس الشاي المحلَّى بكثير من السُّكَّر. طعم لا يزال يذوب في فمي.
أكلتُ مع مهران وإخوته من عشائهم الرائع، ذلك الطعام الذي لم أتذوَّقه في حياتي. ثمَّ اندسُّوا جميعاً في الفرشة ذاتها، وأحضرت أُمُّ مهران لِحَافاً من القطن الأبيض، له وجه من الساتان السماوي اللون، شممتُ منه روائح منظِّفات الغسيل التي تصلني من شرفة غرفتي، حين تنشر أُمُّ مهران غسيلها في الحديقة
كنتُ مغمورة بالفرح، ومغامرة التأخُّر على البيت، ودخول المكان الذي كنتُ أحلم بدخوله، ولا يُسمَح لي بهذا.
تغطَّيتُ باللِّحَاف ذاته، وشعرتُ برغبة قوية في النوم. كأنني أحسستُ بأمان لم يكن ليكتمل، إن لم أغفُ وسط ذلك الدفء الغامر. وكأنه بدا عليَّ النُّعاس، إذ أطفأت أُمُّ مهران النور، وقالت: ارتاحوا قليلاً .. لقد أمضيتُم نهاراً متعباً في المدرسة، لا تقلقي، يا إيزيس، سأُخبر رجوى أنكِ في بيتنا!
قريناتي > اقتباسات من رواية قريناتي > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب