ستبقى مجتمعاتنا ممتدة ونابضة بالحياة طالما بقيت تحتفظ بذاكرتها طازجة محمية من العطب وعصية على الفقدان، ذاكرة المجتمع هي الذاكرة الجمعية لكل الأفراد، لعاداتهم وسلوكياتهم العامة لموسيقاهم وأغنياتهم العلنية، لألعابهم وطقوس أعراسهم وأعيادهم وأحزانهم، لأسماء أطفالهم وأشكال ثيابهم وأطعمتهم ولهجتهم وكل ما يشكل الهوية الجامعة للأفراد والتي تحرص الأمم على جمعها وحفظها حيثما وجدت.
الذاكرة المعطوبة بداية الطريق نحو التلاشي، فعندما تظهر علامات النسيان على الإنسان، ويبدأ في فقدان بعض الخيوط تبدأ مروياته ولائحة الأحداث والأسماء لديه بالتفكك والتساقط من سلة الزمن، عندها يضع جميع من حوله أيديهم على قلوبهم انتظارًا لرحيله، ففقدان الذاكرة إحدى علامات النهاية المؤكدة، وحتى لو لم يمت، فإن إصابته ببياض الذاكرة، أو بالذهن الخالي من أي تدوين وكأن صاحبه لم يقترف فعل الحياة بعلنية صاخبة، معناه أن هذا الشخص أو المجتمع لم يعد موجودًا بالفعل!
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب