فالموسيقى الموريتانيَّة تتفرَّد عن كلِّ أنواع الموسيقى في العالم بتقسيمها المميَّز، ففيها ثلاث طرق لا تتقاطع إلاَّ نادرًا، وتُسمَّى محلِّيًّا الجوانب أو الطرق، وواحدتها جانبة أو طريق: وهي الجانبة الكحلة أي الطريق السوداء، والجانبة البيظة أي الطريق البيضاء، ثم الطريق العاقر وسُمِّيت بذلك لأنَّها لا تتضمَّن أشوارًا؛ والأشوار هي المعزوفات الموسيقيَّة الفرعيَّة، أحيانًا يُصاحبها غناءٌ وأحيانًا تكون مجرَّد عزفٍ منفرد.
وفي كلِّ طريقٍ من هذه الطرق، خمسة مقامات، تبدأ بالمقام الافتتاحيّ ويُسمَّى مقام كرّ الذي يُعدّ مقام البهجة والفرح؛ ثم تنساق النغماتُ إلى مقام فاقو الحماسيّ المخصَّص للفخر بالمآثر واستذكار الانتصارات والأمجاد؛ صاعدةً إلى مقام لكحال مقام الطرب الصافي، حيث تتحرَّر النفوس من أثقالها وتخفّ الأرواح إلى عالم الوجد؛ ولا تلبث فيه طويلاً قبل أن تترحَّل بها الأشواق إلى مقام لبياظ، مقام الشجن الباكي على خوالي الأيَّام ومرابع الأنس وذكريات الصفاء؛ ثم تنحدر الأنفس المجهدة إلى مقام لبتيت، مقام الاختتام الذي يذكِّر السامعين بفناء كلّ شيء، مقام يجمع كلّ ما سبق ثم يُغرقه في دمع الفراق الحتميّ لملذَّات الدنيا.
البرّاني > اقتباسات من رواية البرّاني > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب