كانت هي تفردُ جناحين من أحلام طفولية تجوب بهما العالم بوصفه مساحةً رحبةً تبتغي خوضَ غمارها بكلّ ما تملكه من حيوية مسلّحةً بأنوثة هائلة وحسّ فكاهي قادر على السخرية من كلّ شيء. حتّى القراءةَ، الصنعةُ الوحيدة التي يتقنها ويأتي عليها بشغف، لم تسلم من سخريتها.
- لن أبدّد وقتي في قراءةِ حيوات الآخرين. الحياة قصيرة وأرغبُ اختبارها بنفسي.
لم يناقشها في الأمر. ابتسم معجباً بما قالت إعجابَه بكلّ ما تفعله من انتعالِ الأحذيةِ ذات الكعوب العالية إلى ارتداء الملابس التي تُظهرُ مفاتنها حدّاً تتوارى معه عيوب الجسدِ فتغدو عصيّةً على الملاحظة ما لم تسخر هي منها علانيةً، الأمر الذي كانت تفعلهُ دوماً، وصولاً إلى قولها إنّ الحياة ليست إلّا جملة من التفاهاتِ نلفّقُ لها معانيَ كثيرة لنوهمَ أنفسنا أننا لسنا مخلوقات بائسة. ويومَ عرضَ عليها أحد أصدقائهِ، وهو طبيب عيون فُتِنَ بها أيضاً، أن يعالجَ عينها المصابةَ قائلاً بإمكانية استعادة لونها الطبيعي تقريباً وربّما يمكنه تصحيح نظرها بعض الشيء أيضاً، فوجئ برفضها ضاحكةً: ”لن أتدخل لإصلاحِ أثرِ الحياة فيّ. عيوبي هي حكايتي“.
قبعة بيتهوفن > اقتباسات من رواية قبعة بيتهوفن > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب