مع نجوى كان الأمرُ مختلفاً. كانت بمثابة جائزة حصل عليها بغتةً دون انتظار. اندفعت نحوه دون نفور أو توجّس مسبق. صارت بمنزلة حياة موازية تضبطُ بحيويتها إيقاعَ حياته التي تمضي برتابةِ حلم لا انقطاعات فيه حتى أنّه صار قادراً، في الثلاثينات والأربعينات من عمره، وحتى قبل وفاته بلحظات وقد جاوز السبعين، على سماع صوت الطفل الذي كانه، وتذكّر أحلامه الصغيرةِ التي لم تتعدَّ يوماً فرحةَ تسجيل هدف في مباراة كرةِ قدم ينقلها التلفاز، أو أن يقرأ اسمه مطبوعاً على غلافِ كتاب من تأليفه. سيكون دوماً قادراً على العودةِ إلى ذلك الطفل ومجالسته عندَ عتبةِ بيتهم القديم متحدثاً إليه عن كلّ ما يفكّر فيه، معتذراً له عن بلوغه مستقبلاً لا يشبهُ أحلامه الصغيرةَ وتحوّله إلى نسخة من أولئك الرجال الذين نفرَ الطفل دوماً من هيئاتهم. كان يشعرُ شيئاً من الطمأنينةِ حين يبتسمُ الطفل ابتسامته الساخرة التي تشي بإدراكهِ كلّ ما آلت إليه الأمور وتمنحهُ شعوراً بأنّه ماضي الطفل وليس مستقبله. فيبتسمُ متطلّعاً إلى طفولته كمستقبل يمضي نحوه ببطء وبخطوات رصينة.
قبعة بيتهوفن > اقتباسات من رواية قبعة بيتهوفن > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب