هل كان ذَنْبي فعلًا أنِّي جعلت من ابني رجلًا صغيرًا حقيقيًّا مغرَمًا بالبحث عن الحقيقة، ومخلصًا لهـا؟! هل كان يجب أن أساعد نبيلًا بالضغط على ابني ليسافر إلى ألمانيا منذ الأيَّام الأولى؟! هل كنت أستطيع حقًّا أن أفعل ذلك وتراخيت تحدِّيًا لنبيل؟! هل كانت حماستي للثورة والتَّغيير وتعاطفي مع البشر المسحوقين هما الدَّافع غير المباشر الذي حرّض ابني (في رغبة لاشعوريَّة منه لإرضائي) على التطوُّع في الهلال الأحمر، الذي قاده إلى حتفه؟ هل قتلتُ غدي بيدَيّ وغبائي؟! هل أوصلته أنا إلى محرقته؟! هل كان ذَنْبي أن داهمتنا حرب خبيثة لم نحسب حسابًا لها، وكان يجب أن نشعر كالبشر إزاءها؟ هل كان من الحكمة أن أدفن وابني رأسينا في الرِّمال عوضًا عن التَّحديق في العين الوحيدة للظلم ومصارحته بعوره؟! هل تستحقّ أيُّ قيمة سامية في الحياة خسارة الحياة نفسها؟ هل يستحقّ الوطن؟ وإذا كان يستحقّ، فلماذا أشعر بأنَّني انتهيت من كلّ الحياة وقيمها، ولم يعد شيء يعنيني فيها بعد خسارتي غدي، ولا حتَّى الوطنُ.
من أين آتي بالجبروت لأستعيد إيماني من جديد؟ ولأستعيد إحساسي من جديد، وتعاطفي مع أيّ قضية أو قيمة سامية من جديد، ولأتابع من جديد، أخبارَ الوطن.
غدي الأزرق > اقتباسات من رواية غدي الأزرق > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب