وظل هكذا في هذا السجن البارد سبع ليالٍ، حتى صار يرى عفاريت الجوع والعطش والموت ترقص أمام عينيه بوضوح. يرقص عفريت الطعام أمامه وفوق رأسه وهو يلعب بالأرغفة الساخنة، ويُطيِّر أطباقًا من اللحم المشوي ويغيب، ليحل محله عفريت العطش يرقص بإبريق زجاجي من الماء، فيخرج الماء من الإبريق ويقع في دفعات، وما إن تقترب من فم رماح المفتوح حتى تختفي ويختفي معها الإبريق والعفريت، ويحل محله عفريت الموت مدججًا بأنواع مختلفة من الخناجر والسكاكين، يغرسها في جسم رماح من دون أن تنغرس أو تُسيل الدم، فقط يجدها تغيب في صدره وبطنه بلا ألم، لتخرج من ظهره وتسمره في الحائط لدقائق معدودة، يظهر بعدها عفريت اليأس وهو صامت قابع يغطي رأسه المنحني بقلنسوة، فتعم الكآبة أرجاء السجن، ويغيب بعدها رماح في إغماءة يتمنى أن تكون الموت، ليعود بعدها للحياة مرة أخرى، حياة مصحوبة بصنوف أخرى من العفاريت، وهكذا ليبدأ في الهذيان غير المفهوم، ويعلو صوته في حوار لا ينتهي مع أولئك الذين يراهم.
أبناء حورة > اقتباسات من كتاب أبناء حورة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب