أيام وليالٍ وغلاب مُلقى في ذلك الوادي السحيق، يقاوم الموت والأشباح والحَر والأفاعي والعقارب، حتى غاب عن الوعي في هذا الوادي المتخيَّل. كان واديًا مصنوعًا من خيال شرير مخيف، خيال يتسلل إلى قلب المرء بمجرد الوقوع فيه، فيمتلئ بالخوف ويتجسد له خوفه في صورة تلك الجماجم والأفاعي والعقارب، التي لا وجود لها إلا في نفس المُلقى في وادي الخوف، ويدفعه الخوف للموت، ويدفعه الخوف من الموت للتشبث بالحياة، فلا يذوق فيه موتًا ولا يهنأ بحياة، ولعل ذلك هو الموت الأكبر والأصعب، وهو أن تُلقى في وادي نفسك ومخاوفها فلا تموت فيه ولا تحيا.
كانت المرمرية تنظر إليه كل يوم من أعلى في تلذذ وانتظار، تنتظر أن يستنجد بها أو أن يطلب أن يفوز بالحياة معها ويعلن لها ندمه، كانت تعاقبه على صموده وإصراره وما خبأه عنها من أسرار، وتنتظر كل ليلة أن يهتف باسمها حتى تُخرجه من غمه، ولكن ذلك لم يحدث فازدادت حزنًا وبُغضًا له.
أبناء حورة > اقتباسات من كتاب أبناء حورة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب