بالتزاوج ما بين تسليع الفن والثقافة وبين وسائط التواصل الاجتماعي ومنصات التعبير الإلكتروني المتاحة لمعظم الناس، تحول مستهلكو الفن إلى قطيع من نوع آخر، وإن كان أرقى قليلًا، ما انتقص كثيرًا من الطابع الفردي والخاص في استقبال العمل الفني وتذوقه، والحكم عليه بهدوء وأناة، تحولت أنشطة العمق والصفاء والانفراد بالنفس إلى ممارسة اجتماعية في نادٍ معقود ليلًا ونهارًا. وبدلًا من أن يكون الفعل الفني، في خَلقه وتلقيه، من أقرب الممارسات الإنسانية إلى التحرر ومجابهة قبح الواقع وأشكال سلطاته المختلفة، يصير حلقة أخرى في سلاسل العبودية، فيجرجر المستهلكون أنفسهم، مثل المنومين مغناطيسيًّا، من كتاب إلى ألبوم موسيقي إلى مسلسل إلى فيلم، ومع كل غلاف ومنشور دعاية يظهر على شاشاتهم الصغيرة يتحلَّب ريقهم على وعد بمعرفة نهائية ومتعة لا تقارَن، ومن قبل الوعد هناك الوعيد ضد من يتخلف عن القطيع النظيف الأنيق، قطيع المطَّلعين الملمين بكل جديد، لأنه سيكون خارج دائرة الحديث والنقاش الدائر أيامًا أو أسابيع حول هذا الفيلم أو الألبوم أو الكتاب.
في غرفة الكتابة > اقتباسات من كتاب في غرفة الكتابة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب