والكتابة. تلك الأسرة الصغيرة، قد تتألف من كاتب واحد أو حفنة منهم، لكنهم سيكونون له السند والملجأ والملاذ. هؤلاء الأشقاء قد يكونون رحلوا منذ مئات أو عشرات السنين، وقد يكونون أحياء لكن تفصل بينهم القارات والمحيطات، وقد لا تفصل بين بعضهم البعض إلا مسافة يسيرة تُقطع في ساعة أو بعض ساعة، وتلك فرصة ثمينة وحالة نادرة لا تتكرر كثيرًا. سوف يتعرف عليهم من اللحظة الأولى التي يفتح فيها كتابًا لواحد منهم، وسوف يفرح كأنه عثر بمصادفة غير معقولة على صديق قديم عزيز بعد فراق طويل. سوف يشعر كأن هؤلاء فقط، من بين ملايين الناس في العالم ومن بين مئات الكُتاب، يتحدثون لغته، بل يتحدثون إليه شخصيًّا هو وحده. هؤلاء هم زادُ رحلته الحقيقي، وهم من سيرجع إليهم المرة بعد الأخرى، كلما أنهكه السعي أو ناوشته الشكوك، أو حتى طلبًا للأنس والصحبة الحلوة. قد يتعلم من الجميع، لكنه سيتعلم أكثر من هؤلاء الذين يجيبون بوضوح عن أسئلته الخاصة، الأسئلة التي لم يعرف كيف يصوغها ويطرحها بعد، والأهم أنهم سوف يطرحون عليه أسئلة أخرى جديدة ومتجددة، أسئلة سوف يكون عليه أن يعيد صياغتها في أغنيته، وبكلماته وألحانه وصوته، ليرسل إليهم تحيته من موضعه، تلويحة الرفقة من بعيد على تقاطعات نسيج الزمان والمكان.
في غرفة الكتابة > اقتباسات من كتاب في غرفة الكتابة > اقتباس
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب