أخبرتني مريم أنها لم تشف من تلك الزيارة. بدا لها أن الفقر الذي رأته لا يمكن أن ينتج أفكارا على تلك الدرجة من السمو، وشعرت بالكراهية تجاه نفسها لأنها تفكر على هذا النحو، كأن الأغنياء هم فقط من يمكنهم أن يفكروا تفكيرا ساميا، رأت التحيز، ورأت أنها خاضعة للصورة الذهنية أن تلك الأماكن الفقيرة (ما يطلق عليه صحفيا العشوائيات) تغص بكائنات في أدنى درجات البشرية. تلك الفكرة التي روجتها المخاوف وتلوح في تصريحات الساسة بأن الجوعى سوف يهجمون على القاهرة ويحرقون الأخضر واليابس، أو تظهر في برامج الصدقات أو الرعاية الاجتماعية التي تساعد في تكوين صورة ذهنية عن أن البشر في تلك المناطق أنصاف متوحشين. لا يقال هذا صراحة، لكنه متضمن داخل القول، ورأت خطورة تلك النظرة التي تتهم الناس بأنهم أقل في السلم البشري لذا هم يستحقون ما هم فيه، ولا يمكن أن يطلع منهم أي شيء سامي، وبالتالي يمكن إبادتهم في مراحل الاضطرابات بلا أي شعور بالذنب.
......
من قصة "حديث مريم"
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب