في البعد التكويني للدولة، تقوم الدولة المدنية على تعاقد اجتماعي فيما تقوم الدولة الدينية على عقيدة، والأولى يشترك فيها طرفان هما الحاكم والمحكومون، أما الثانية فليس فيها سوى طرف واحد، غالباً ما يؤسّس دولته على زعم التفويض الإلهي، حيث يكسو الحاكم سلطانه معنى من خارجه كيما يكسبه شرعية.
وفي نقطة الافتراق عند هذا المبدأ التكويني بين التعاقد الاجتماعي والعقيدة الدينية تكمن كل الترتيبات المندرجة تحتهما، بدءاً من الحقوق والوجبات وانتهاءً بأغراض الدولة الكبرى. وفي ضوء ذلك ندرك أن الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الدولة المدنية مؤسّسة على مبدأ المواطنة، بما تقتضيه من المساواة بين المحكومين. أما في الدولة الدينية، بحسب المنظور السلفي، فالحقوق مؤسسة على الالتزام الديني، ما يجعلها موقوفة لثلّة المؤمنين الملتزمين بعقيدة دينية محددة، ويكون التساوي نقيض منصوصات ومُمليات العقيدة هذه. وهنا يحدث أول وأكبر تشويه للدولة حين تختلط بمدّعيات دينية تُفقِدُها أغراضها الأولى التي نشأت من أجلها
مشاركة من Muhammed
، من كتاب