قبل عام قرأنا هذه الرواية في المدرسة، وعندما أنهيناها طلبت منا معلمتنا تكملة الرواية كما نتخيلها فكتبت هذا:
11:30 صباحًا - آب
مقهى، رائحة القهوة ونرابيش النراجيل تتصاعد من أفواه القاعدين تاركين الدخان ينساب بهدوء.. قضم أبو الخيزران أظافره بتوتر، رجوله تهتز بوتيرة واحدة.. عيناه جاحظتان تحدقان باللاشيء، حاول أن يتصرف بطريقة طبيعية.. ولكنه كل ما حاول أن يأخذ نفسًا عميقًا ويهدئ من أعصابه ،ازداد توتره حدة وتفاقمت وساويسه.. حسِب أنه لو ذهب إلى أحد المقاهي المكتظة بالرجال قد يكون في تلك الحال قد توارى عن الأنظار ببراعة، ولكن ما لبث أن شعر و كأن الجميع يحملق على وجهه ، وكأنه كُتب عليه بخط عريض "أنا هربتهم" أو "أنا تركتهم يموتون" أحسّ وكأن الرجال يلومونه على فعلته.. ينظرون إليه باشمئزاز وكراهية..ماذا لو، ماذا لو رآني أحدهم وأنا أخرج الجثث واحدة واحدة من الخزّان وأضعهم بجانب القمامة؟ ماذا لو سمعني أحدهم وأنا أصرخ؟ ماذا لو أفشى أحدهم عن أنني أهرب الفلسطينيين؟ اهدأ اهدأ يا أبا الخيزرانة استعد رباطة جأشك! لكن.. هذه الأفكار السوداوية هاجت وماجت في رأسه ثم تدفقت مرةً واحدةً في عقله كالطوفان.
11:45 صباحًا - آب
"لو سمحت" نادى أبو الخيزرانة على القهوجي بارتباك
"ما هي طلبتك؟" سأل القهوجي
"أريد دجاجتين" نظر أبو الخيزرانة إليه بعينين غائرتين حزينتين
"عفوًا؟" ضحك القهوجي وابتسم ابتسامةً صغيرة ثم استرسل كلامه
"إذا كنت تريد دجاجتين فالأفضل لك أن تذهب إلى أحد المطاعم الموجودة، نحن لا نبيع هنا دجاجًا فكما ترى هذا مقهى وليس مطعم"
ابتلع أبو الخيزران ريقه بصعوبة ثم رف عينيه رفات سريعة، قام من مقعده فجأة ثم ولسبب ما، بدا أبو الخيزرانة أكبر من ذي قبل. فكر أن ساقاه الطويلتان لا فائدة لهما فقد شعر وكأنه يتهاواى إلى الأرض وجسمه لا يقوى على رفعه. لفت هذا الموقف القاعدين في المقهى فنظروا إلى أبو الخيزرانة بفضول، ولكن لم يبدو على أبو الخيزرانة أدنى اهتمام.
سحب رجليه سحبًا وحسِب لوهلة أنه قطع 40 كيلومترًا في الوهاد الصفر والشمس في وسط الأفق تحرق رأسه بلا هوادة. فشعر بتنفسه يثقل وأن أحدًا يضغط على صدره بجبروت وقوة، تلطخت ملابسه بالعرق. خيّل له لوهلة أن فكرة كونه شخصًا مرحًا في ما مضى فكرة سخيفة و تافهة، أراد فقط أن يصل إلى عتبة باب المقهى ويخرج منه بكل بساطة، إذًا لماذا يبدو أن هذا الموقف لا نهاية له وأنه لن يصل.. أبدًا.
12:00 مساء- آب
كان المطر قد توقف في الخارج منذ مدة ليست ببعيدة، ما الذي اعتراني.. مطر في آب؟ أي هراء هذا؟ تحدث إلى نفسه.
الثواني تمضي.. ونظرات الفضوليين تتبعه وتقتصي أثره وكأنها سهامًا تتربص به.. وحينما خرج من المقهى تعثرت رجله ووقع هو وخيبته على التراب الندي، توقف القاعدون عن النظر إليه ولم يعد أبو الخيزرانة مثيرًا للاهتمام -برأيهم-.. لم يكن هذا الذي تنبه له، و إنما هذا الوجيب.. خفقان الأرض مخبرةً أبا الخيزرانة بأن أبا قيس كان مريحًا رأسه مثل هذا الموقف مرةً في فجر الزمان. أبا قيس لم يعد موجود، مهلًا مروان وسعد.. هم أيضًا كانت أحلامهم وطموحاتهم وأمانيهم معلقةً بأبا الخيزرانة.. وهو.. وهو..
حاول أن يخرج صرخة تطلق ما في مكنونة نفسه، لكنه لم يستطع.. فكان صمته مدويًا أكثر من صرخة.
رجال في الشمس > اقتباسات من رواية رجال في الشمس > اقتباس
مشاركة من Moon
، من كتاب