تجلت عليَّ القوة التي تحول الشعاع إلى ظل، والهواء إلى نسيم، والزمن إلى ربيع، والنظر إلى حب، فكنت في الشجر الصامت شجرة متكلمة ، وانسللت من طبيعة إلى طبيعة غيرها، ووقفت بين عفو الله وعافيته في هذا المحراب الأخضر؛ ومن قلبي المتألم أرسلت إلى السماء هذه التسابيح ذاهبة مع تغريد الطير.
يا من خلقني إنساناً ، ولكنه قضى عليَّ أن أقطع الحياة كلها أتعلم كيف أكون إنساناً؛ كالبذرة: تقضي عمرها في إخراج شجرتها ونموها حتى إذا اكتملت الشجرة قطعت لأغراض أخرى غير التي من أجلها نبتت.
يا من جعل الناس في الحياة كأوراق الشجر ، من اليابسة التي تتقصف إلى جانب الخضراء التي ترف، ثم إذا الناس جميعاً كالأوراق جميعاً.
ويا من جعل هذا القلب فيَّ كجناح الطائر: لا يطير ولا يرتفع ولا يسمو ولا يتقاذف إلا إذا نشر هو وجناحه الآخر، فلا أبحث عن الحب لأجد الحبيبة وجمالها وحبها، بل قوتي وسموي وكبريائي.
يا إلهي! تقدست وتباركت! إني لا أنكر حكمة آلامي ، فما أنا إلا كالنجم : إن يسخط فليسخط ما شاء إلا ظلمة ليله التي تشب لونه وتجلوه، ولولاها لما رأت الأعين شعاعة تلمع فيه.
سبحانك اللهم! إن هذا الشجر ليتجرد ويذوي ثم لا يمنع ذلك أن يكون حيّاً يتماسك ويشب، وإنه ليخضر ويورق، ثم لا يعصمه ذلك أن يعود إلى تجرده ويبسه، فما السعادة أن نجد الزينة الطارئة ، ولا الشقاء أن نفقدها، وما الشجرة إلا حكمة منك لعبادك تعلمهم أن الحياة والسعادة والقوة ليست على الأرض إلا في شيء واحد ، هو نضرة القلب!
سبحانك سبحانك! اللهم لا تجعل ما يرفعني يقذفني، ولا ما يمسكني يرميني، ولا من ينضرني يجفو بي!
أوراق الورد > اقتباسات من كتاب أوراق الورد > اقتباس
مشاركة من Bayan N Qashqeesh
، من كتاب