لأفضل، يستخدم ولا يُستخدم في ضمانة الأفضلية لتلك السلالة، فلا بدَّ من صيانتها دون منافسة المزاحمين، ولا بدَّ أن تُملأ قبل الرِّماء الكنائن، ومن ثَمَّ التذرُّع بأقوى البواعث النفسية من عاطفة دينية وخشية ما وراء المنظور؛ من ثَمَّ استجارة الملك بالدين والدين بالملك لتبادل المنفعة، فيصبح الحاكم حاميَ حمى العقائد ورافع منار الفضائل، ويصبح الكاهن حامل لواء السلطة الفردية وأول شاهد بأنَّها آتية من الله. ولا يطول حتى تستهويَ البدعةُ ملفِّقيها. وهل من عجب ما دام الاستهواء الذَّاتي شرطًا أساسيًّا للاستهواء الغيريِّ؟ فلا يستفز الخطيب حماسةً إلا عند تحمُّسه، ولا يُحدث الكاتب تأثيرًا إلا بعامل تأثُّره. ومن ذا ينفي أن انجذاب الشهداء واستهواءهم الذَّاتي في مصرع العذاب بين الضواري الممزقة لحمانهم، واقتحامهم الموت بصبر الأمل وثقة الشجاعة؛ إنما كان أعظم نصير للمسيحية على الوثنية وأسمع داعٍ إلى الانسلاك فيها؟
هكذا صار الفراعنة مع الزمن — على نحو ما وجد الفتحُ الإسباني بعدئذٍ زعماء القبائل في أمريكا الجنوبية — أبناء الشمس المنيرة. وهكذا صار زعماء الجرمان صنيعة فخذ «تهور» إله الحرب، فغدوا أحفاد «أودين» الإله الإسكندنافي الميثولوجي واهب البسالة وعلَّة المعلولات.