والسؤال، هل هناك فارق بين تقتيل الناس بكبسة زر وأنت محلّق في السماء وقتلهم بينما كنت تشاهد الهلع على وجوههم؟ هل هناك فرق بين الرجل الذي يقف على تلة بعيدة ويصوب المدفع بواسطة منظار ويطلق قذيفته على المدينة ـ بينما يصمّ أذنيه عن سماع الدويّ ـ ويتأكد من سقوط الصاروخ حيث صوّب على الهدف، ويظل نظيفاً؟ وإذا لم يكن لديه المخيلة ولا يرى الأجساد المحروقة الممزقة ولا الدم النافر ولا الأشلاء المتناثرة، ولا سامعاً صوت تكسّر الزجاج ودوي تهدّم الإسمنت وصيحات الهلع وولولة الأسى ـ هل هناك فارق بين هذا الرجل والآخر الذي يقتل بيديه، يرى ويشمّ ويسمع نتيجة عمله وهو يرتكبه؟ ما هو الفرق؟ لماذا يجد الناس أن عملاً معيّناً في الحرب مقبول أكثر من عمل آخر؟ هل هناك فرق بالنسبة للضحية أم أن الفرق هو فقط في ردة فعل المتفرّج؟ هل لأننا نقول لأنفسنا، بتأكيد المعتد بذاته: «أنا لن أرتكب ذلك قط،» وبذلك نفصل أنفسنا تماماً عن الفعل، شاعرين بالارتياح بسبب إنسانيتنا التي لم تقفر؟
مشاركة من Enas Al-Mansuri
، من كتاب