يستعير احمد السعدواي الاسطورة الخيالية الشهيرة التي خلقت شخصية "فرانكشين" بكل تنوعاتها وتأويلاتها النصية والسينمائية ليسحبها على العراق في احلك مراحل تاريخه الحديث، ويفجر من خلالها ما خفي وراء ذلك الواقع والواجهات النفسية للشخصيات التي تتكيف له باحثة عن موطئ للوقوف عليه للتنفس والاستمرار في الحياة. ولكن يالخيبة الجميع. ان التجربة القصصية للجوء الى ما وراء الواقع كشكل فني، لتجسيده بكل فداحته لها جذور عميقة في الاداب العالمية، بما في ذلك في الادب الروسي ونتلمسها بسطوع كلاسيكيا في اعمال نيقولاي جوجول لاسيما?في قصصه "الأنف" و"المعطف" وحديثا في قصص الاديب الروسي الكبير ميخائيل بولغاكوف " الماستر ومرغريتا" و " وقلب كلب" وانتشرت أكثر في أدب ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وما بعد الحداثة وتجلت باعمال فيكتور بليفين وفلاديمير سوروكين ويوري مماليف...
ان رواية العراقي احمد سعداوي باسلوبها وحبكتها، يمكن ان تنتسب الى ما يسمى ب "الواقعية الميتافيزيقية"، بقدرتها على الكشف عن مكامن الواقع كحالة مأساوية تعمل ضد الانسان/ المواطن وارادته وتتجاهل خياراته وتجعله بيدقة شطرنج لا حول ولا قوة لها في مواجهة الاعصار الذي حركته "قوى غاشمة" لياخذ بطريقه بكل ما هو، ويطفئ وهج النفوس وتطلعاتها ويختطف لحظات السعادة والفرح ويجعل الانسان من دون أمل ولا طموح ويحوله الى هارب بما في ذلك من نفسه. يعيش حالة اختناق. الانسان كحالة، ككائن عاجز عن مواجهة القدر والمصير. ان الوظيفة الاساسية للاسطوري في العمل الادبي تنحى الى البلوغ بهذه او تلك من المظاهر حتى نهياتها المنطقية
مشاركة من نهى الحمراني
، من كتاب