انظرا، حينما يعترف المرء حقاً، كما فعلت أنا، بأن ليس بوسعه الوثوق بشيء مما يراه حوله، ومما يدركه، حينما يستشف وعيه أنه محاط من جميع الجهات بالشكوك والظلمات، وبأنه دوماً ضحية أوهام، حينذاك لايعود يعتبر تلك الأوهام شراً، وإنما ضرورة في الحياة، ضرورة عليه عاجلاً أم آجلاً أن يتأقلم معها.
إن الوهم، عنصر ككل كائن حي، وعامل اللذة، وباعث من بين بواعث كثيرة وراء كل عمل وكل تقدم...
تلك هي برأيي وجهة النظر الوحيدة الممكنة بالنسبة لأولئك الذين بلغوا مستوى عالياً من المعرفة.
لقد رأى هيراقليطس في الكون كومة فوضوية ينظمها الزمن، الذي هو، برأيه، أشبه بطفل يلعب بحصى متعددة الألوان، يجمعها ويبعثرها على هواه.
يا للمقارنة المرهفة! هذا الشغف البناء المبدع ألا يختلط بإرادة غير مفهومة تدير العوالم؟ تدعوهم للحياة ثم تفنيهم؟ لكن في حيز الزمان الموجودة فيه تلك العوالم فريدة وكاملة، وتتقوض وفق قوانين خاصة بها.
ونحن أيضاً، نعيش في عالم مشابه. نخضع للقوانن التي تحكمه.
ونحن جزء منه ولانستطيع الخروج منه. وبإمكاننا على الأرجح أن نؤكد أن الضلال والوهم في هذا العالم هما المحركان الأساسيان...
مشاركة من abd rsh
، من كتاب