قد شكوتِ ذات يوم أتذكرين؟ أن سأماً قاتلاً يعتريك من العالم، وأن مامن شيء يسترعي اهتمامك، كما ان الأمور لم تعد تبهجك.
وشرعت حينئذ أحدثك عن فلاسفة اليونان وفلاسفتنا نحن، وأشف لك أسرار علوم الطبيعة، وبواعث الإنسان المخبوءة، ودوافع أفعاله الخفية، وبينت لك بأقصى جهدي ما للكون من أجزاء.
قصصت عليكِ أسفاري، مآثري الخائبة، حدثتك عن الأمراء، وعن ملوك فارس في الزمن الغابر، والسلاطين والخلفاء.
وغالباً ماكنت أضيف أن عندي أشياء أخرى أود أن أقولها لك، لكن الوقت لم يحن بعد لذلك.
وسألتك ذات مرة إن كنت مستعدة لمساعدتي على قلب حكم السلطان ملك شاه!
ابتسمت وأجبت: "ولم لا؟" مددت لك يدي علامة قبولي لموافقتك.
ربما ظننتِ أني كنت مازحاً.
وها أنا جئت هذا المساء لأطلب منك أن تفي بوعدك.
نظرت مريم إليه نظرة استفهام. ولم تدر تماماً ماذا يقصد من هذا الكلام الغريب.
أود أيضاً أن ألفت نظرك إلى الوجه الأخر للأشياء، ياعزيزتي.
غالباً ما كنت تقولين لي أن ليس بمقدورك، بعد الذي مررت به في شبابك، أن تظلي مؤمنة ببعض الأمور.
وأجبتك حينئذ أن حياة طويلة كرست للبحث عن المعرفة قادتني إلى النتيجة ذاتها.
سألتك: إذاً، ما المباح أمام رجل اكتشف أن الحقيقة، العصية المنال في أصلها، ليس لها وجود بالنسبة له؟ أتذكرين بما أجبتني؟
بالطبع ياابن الصباح. أجبتك تقريباً بالأتي: إن الذي يكتشف أن مايسميه الناس بالسعادة، والحب، والفرح ماهو إلا خليط تقديرات زائفة، قائمة على فرضيات مغلوطة، هذا المرء لن يجد في قلبه حينئذ سوى الفراغ المخيف.
والشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقظه من ذلك الخبل أن يجازف بمصيره وبمصير الآخرين.
والذي يقوى على هذا فكل شيء أمامه مباح.
مشاركة من abd rsh
، من كتاب