وافقه الحسن وهو يتكئ على الحاجز وأشار بيده إلى زاوية في السماء مظلمة وقد تناثرت فيها ألاف الومضات المرتعشة.
انظرا إلى هذه القبة السماوية اللامتناهية!
من يستطيع أن يعد النجوم المبعثرة فيها؟ لقد أكد أرسطوطاليس أنها كانت شموساً. أي عقل بشري يمكنه فهم ذلك؟ ومع هذا فكل شيء في هذا الكون منظم حسب غاية وكما لو أن إرادة ما توجهه. وسيّان إن كانت تلك الإرادة إرادة اله أو عمل أعمى للطبيعة.
وبالمقارنة مع هذا الكون الشاسع، فنحن كائنات مضحكة ومثيرة للشفقة.
لقد كنت في العاشرة من عمري حينما تأكدت وللمرة الأولى من ضآلتي تجاه هذا العالم الرحب. ومن ذلك اليوم كم من عذاب لاقيته، وكم من أمور تغيرت!
ولّى إيماني الأعمى، واهتزت ثقتي بكل شيء، كما ولى انبهاري بالحب الأول. ولم تعد زهور الياسمين تبعث في أنفي ذلك العطر الليلي الذي اسكرني في الماضي، حتى أزهار التوليب لم تعد ألوانها مفعمة بالحياة.
أمران فقط لم يتغيرا في نفسي: الدهشة أمام مساحة الكون الشاسعة، والخشية التي تثيرها الظواهر السماوية الغامضة.
إن احساسي بأن أرضنا ما هي إلا ذرة غبار في الفضاء، وأننا لسنا فيه سوى جرب صغير، أو تشكيلة تافهة من القمل، قد ملأني باليأس على الدوام.
مشاركة من abd rsh
، من كتاب