إن فكرة حكومتي، ليست جديدة تماماً.
فقبل تسعين سنة، جرب في القاهرة الخليفة المشهور (الحاكم) القيام بتجربة مشابهة حينما أعلن نفسه إلهاً متجسداً.
لكن هذا الامتياز التعسفي خلخل عقله بشكل جلي.
فاضطرب تفكيره إلى حد أنه اعتقد هو نفسه بأصله الالهي.
بيد أن داعته أورثونا تقليداً قيماً.
أقصد بذلك مبدأنا السامي الذي طبقه (الحاكم) وكان فيه هلاكه..
- ألايبدو لك يا ابن الصباح، قال أبو علي مصّراً، أنه ومنذ أن اطلع خلق كثير على حكمتنا، فإن مبدأنا فقد بعض قيمته؟
-تلك الحكمة التي بحسبها لاشيء صحيح، وكل شيء مباح، هي سيف ذو حدين، إني أقر بذلك: ومثال ابني البائس يظهر هذا بوضوح.
قمن لم تهيئه فطرته لها، لا يرى فيها إلا خليطاً مشوشاً من كلمات فارغة.
لكن الرجل المهيأ لها يراها نجماً هادياً يرشده طيلة حياته.
إن القرامطة والدروز المنحدرين أيضاً من (الحاكم) يعلمون أن الحكيم عليه اجتياز الدرجات التسع للمعرفة قبل الوصول إلى الهدف.
لقد أجج دعاتهم حماس الأتباع، وهم يروون لهم القصص الرائعة عن سلالة علي وقدوم المهدي.
واكتفى غالبية أولئك الأتباع بتلك الحكايات اليسيرة على الفهم.
أما من هم أكثر تطلباً، فقد أرادوا معرفة المزيد، فبينوا لهم أن القرآن صورة معجزة، يحيطها معنى خفي على نحو سري.
فإن برز منهم من لم يقنع بعد، فإن المعلم لايتردد في أن يبين له ضعف إيمانه بالقرآن وبالإسلام عموماً.
ومن أراد أن يذهب أبعد من ذلك أيضاً.
فلا بد من تلقينه أن جميع الأديان، بما فيها من حق وباطل، إنما هي على قدم المساواة. وهكذا إلى أن تبقى هناك نخبة من المريدين مهيأة لتلقي المبدأ السامي، القائم على إنكار جميع العقائد والتقاليد.
وبلوغ هذه الدرجة يتطلب من النصير أكبر قدر من الشجاعة وأكبر قدر من القوة.
لأنه يتوجب عليه منذ ذلك الحين أن يشق طريقه في الحياة دون أرض صلبة يقف عليها، ودون عصا تهدي خطواته.
ولا يصيبنكم الخوف: فهذا المبدأ غير قابل لأن يفقد تأثيره إذا ما شاع.
فمن طبع الناس أن غالبيتهم لاتفقه أبدأ الغاية الخفية التي تُكشف لها.
مشاركة من abd rsh
، من كتاب