أنا على يقين من أن تلك الرغبة في الاستشهاد لم تنازع أبي قبل موت "مارتا"، ولكن أية عقبات كانت تبدو طفيفة بعد وقوع تلك المأساة العائلية، وأيّ ثمن لم يعُد يبدو لنا غاليًا كما في السابق. ففي أعقاب المصائب الجسام يمرّ حجم المشاكل بعملية تصغير وتقليص، وليس هناك من يأبه ببتر إصبعه أو سرقة سيارته على الإطلاق بعد موت ابنته. فالموت ليس خطيرًا في عيني من يحمل بداخله حزنًا بلا حدود، وحتى إذا لم يرغب المرء في الانتحار، أو لم يكن قادرًا على أن يرفع يده ليلحق الأذى بنفسه، فإن خيار الموت على أيدي الآخرين من أجل قضية عادلة يصبح أكثر جاذبية طالما فقد بهجة الحياة. وفي اعتقادي أن حياتنا الشخصية تنطوي على مراحل تُحدّد القرارات التي نتخذها في حياتنا العامة.