تعرف يا بني أنه ما من خالق ولا من مخلوق كانا مجردين من المحبة، طبيعية كانت أم عقلية.
المحبة الطبيعية معصومة عن الخطأ دوماً، لكن المحبة الأخرى يمكن أن تزيغ إما لفساد موضوعها أو لنقص حميّاها أو إسرافها.
وطالما اتجهت إلى الخير الأول، واعتدلت في طلب الخيرات الأخرى، فهي لن تتمخض عن متعة أثمة؛ ولكن عندما تنجرف إلى الشر أو تسعى إلى الخير بأكثر مما يلزم من الحميّا أو بأقل، فبعكس مشيئة الخالق يعمل أنئذ المخلوق.
هكذا تدرك المحبة ينبغي أن تكون فيكم بذاراً لكل فضيلة أو لكل ما يستوجب عقاباً.
وبما أن المحبة لا يمكن أن تحرف نظرها عن نجاة من يحملها، فالجميع إذن محميون من كراهة أنفسهم.
ولأننا يتعذر علينا أن نتصور كائناً مفصولاً عن الموجود الأول ومكتفياً بذاته، عجز كل كائن عن أن يكره الله.
يبقى، إن أنا أصبت في تحليلي هذا، أن الشر الذي نحب إنما ينصب على الغير، ومحبة الشر هذه تولد في طينتكم الأصلية بوجوه ثلاثة:
فبعضهم يأمل أن يتفوق برؤية جاره ساقطاً فيتطلّع إلى أن ينحط هذا من علياء مجده.
وبعضهم يخشى فقدان الحظوة والسّلطان والمجد والشهر إن ارتفع غيره، فيحزن حتى ليتمنى له عكس ذلك.
وبعضهم يبدو وخو يجلله الخزي من إهانة تلقاها حتى ليغدو جائعاً للانتقام فيسعة إلى إلحاق الضرر بالغير.
مشاركة من abd rsh
، من كتاب