كيف نشأت الصّداقة؟ بالتّأكيد نشأت كتحالف ضدّ الأعداء، إذ لولاها لوجد الرّجل نفسه أعزل أمام أعدائه. ربّما لم تعد هناك حاجة ماسة لمثل هذا التحالف.
سيكون ثمّة أعداء دائماً بالطّبع، لكنّهم غير مرئيّين ومجهولين. كالإدارات والقوانين. ماذا بوسع صديق أن يفعل من أجلك حين يقرّرون بناء مطار قبالة نوافذك، أو حين تسرّح من العمل؟ فإن مدّ لك أحدٌ يد العون، سيكون بدوره مجهولاً وغير مرئي: منظّمة مساعدة اجتماعيّة، جمعيّة الدّفاع عن حقوق المستهلكين، مكتب محاماة. لم يعد التّحقق من الصّداقة واختبارها متاحاً. لم تعد هناك فرصة للبحث عن صديق جريح في ساحة الوغى، ولا استلال سيف لتخليصه من قُطّاع الطّرق. فنحن نعبر حياتنا بدون مخاطر تُذكر، ولكن من دون صداقة أيضاً.
ص 43
الهوية > اقتباسات من رواية الهوية > اقتباس
مشاركة من توفيق البوركي
، من كتاب