“حقاً أقول لكم، إن البشر هم الذين ابتدعوا لأنفسهم كلّ الخير والشرّ. حقاً، لم يتسلّموا ذلك، ولم يجدوا ذلك، ولا شيء من ذلك جاءهم وحياً من السماء.
الإنسان هو الذي ابتدع القيم أولاً، من أجل البقاء – هو الذي ابتدع معنى للأشياء، معنى إنسانياً! لذلك يسمّي نفسه “إنساناً”؛ يعني أنه: المقيّم.
التقييم هو الإبداع: اسمعوا هذا أيها المبدعون! التقييم ذاته هو الذي يجعل من كل الأشياء المقيّمة كنوزاً ومجوهرات.
عبر التقييم فقط تغدو هناك قيمة: ومن دون التقييم ستكون جوزة الوجود جوفاء خاوية. اسمعوا هذا أيها المبدعون!
تبدّل القيم، إنما هو تبدّل المبدعين. وعلى الدوام ظلّ يدمّر كل من كان عليه أن يكون مبدعاً.
محبّون ومبتكرون كانوا على الدوام أولئك الذين ظلّوا يبتدعون الخير والشرّ. نار المحبّة تضطرم داخل كل أسماء الفضائل، ونار الغضب.
بلداناً عديدة رأى زرادشت وشعوباً كثيرة: وهكذا اكتشف خير وشرّ الكثير من الشعوب. ولم يجد زرادشت على الأرض سلطة أقوى من أعمال المحبّين: “الخير” و”الشرّ” هو إسمها.
حقّا، مسخ فظيع هي سلطة هذا الإطراء وهذا اللوم (أي السلطة التي تحدد الخير والشرّ). قولوا لي من سيوثق (بمعنى يكبّل أو يشنق) لي هذا المسخ، يا إخوتي؟ من يُحكم الوثاق على هذه الألف رقبة؟
لقد كان هناك ألف هدف إلى حدّ الآن، ثم كان هناك ألف شعب. فقط وثاق الألف رقبة هو الذي ظلّ ناقصاً؛ الهدف الواحد هو الذي ما زال ينقصنا. إن الإنسانية ما زالت تفتقر إلى هدف.
لكن قولوا لي يا إخوتي: إذا ما كانت الإنسانيّة تفتقر بعد إلى الهدف، ألا تفتقر أيضاً إلى ذاتها؟”
هكذا تكلم زرادشت.. كتاب للكل ولا لأحد > اقتباسات من كتاب هكذا تكلم زرادشت.. كتاب للكل ولا لأحد > اقتباس
مشاركة من Toqa Sayed Galal
، من كتاب